وأَمَّا الإِفَاضَةُ فَقَد اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهَا ، فَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ نَافِعٍ ، ثنا الخُزَاعِيُّ ، ثَنَا الأَزْرَقِيُ ، قَال : قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ : كَانَتِ الإِفَاضَةُ إِلَى صُوفَةَ ، وَصُوفَةَ : رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ : الأَخْزَمُ بْنُ الْعَاصِ ، وَكَانَ لَهُ ابنٌ قَدْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْكَعْبَة يَخْدِمُهَا ، فَجَعَلَ إليِهِ حُبَشِيَّةُ بْنُ سَلُولٍ الخُزَاعِيُّ الإِفَاضَةَ ، وكَانَ يَوْمَئِذٍ يَلِيَ أَمْر مَكَّة ، فَكَانَتِ الإِجَازَةُ فِي وَلَدِ صُوفَةَ حَتَّى انْقَرَضُوا ، ثُمَّ صَارَت الإِفَاضَةُ فِي عَدْوَانٍ يَتَوَارَثُونَهَا حَتَّى كَانَ الَّذي قَامَ عَلَيْهِ الإِسْلامُ أَبُو سَيَّارَة العَدْوَانِيّ ، وكَانَ يَدْفَعُ بِالنَّاسِ عَلى أَتَانٍ عَوْرَاء رسَنُها لِيفٌ ، وهِيَ الَّتي يُضْرَبُ بِهَا المَثَلُ ، فَيُقَالُ : أَصَحُّ مِنْ عَيْرِ أَبِي سَيَّارَةَ ، حَجَّ المُسْلِمُون والمُشْرِكُون عامَئِذٍ ، فَكَانَ المُسْلِمُون فِي نَاحِيَةٍ يَدْفَعُ بِهِم عَتَّابُ بْنُ أُسَيْد ، لأَنَّهُ أَمِيرُ البَلَد ، وكَانَ المُشْرِكُون يَدْفَعُ بِهِم أَبُو سَيَّارَة ، فَلَمَّا كَانَت سَنَةُ تِسْعٍ أَرْسَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْر ، واسْتَعْمَلَهُ عَلى الحَجِّ ، وَنَزَلَتْ سُورَةُ بَرَاءَةٌ ، فَبَعَثَ بِها عَلِيًّا فَخَطَبَ ونَبَذَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ عَهْدَهُمْ ، وقَالَ : لا يَجْتَمِعُ مُسْلِمٌ ومُشْرِكٌ عَلى هَذَا الْمَوْقِفِ . وقَالَ غَيْرُهُ : كَانَت الإِفَاضَةُ فِي تَمِيمٍ فِي بَنِي صَفْوَانَ بْنِ شِجْنَةَ بْنِ عُطَارِدَ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدٍ ، قَالَ : وَقَالَ أَوَسُ بْنُ مَغْرَاءَ يَذْكُرُ ذَلِك : وَلا يَرِيمُونَ فِي التَّعْرِيفِ مَوْضِعَهُم حَتَّى يُقَالَ أَفِيضُوا آَلَ صَفْوَانَا مَجْدًا بَنَاهُ لَنَا قِدْمًا أَوَائِلُنَا وأَوْرَثُوهُ طَوَالَ الدَّهْرِ أُخْرَانَا قَالَ : ثُمَّ انْتَقَلَ عَنْهُم إِلَى هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ عِنْدَ مَوْتِ آخِرِ مَن بَقِيَ مِن بَنِي صَفْوَانَ . وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي غَيْرِ الرِّوَايَةِ الَّتِي سُقْنَاهَا قَبْل : كَانَ قُصَيٌّ قَدْ حَازَهَا فِيمَا حَازَ مِنْ مَكَارِمِهِ ، ومِنْ ثَمَّ نَالَهَا هَاشِمٌ . فَأَمَّا النَّدْوَةُ والسِّقَايَةُ والحِجَابَةُ فإِنَّ قُصَيًّا جَعَلَهَا فِي وَلَدِهِ . قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ : قَسَمَ قُصَيٌّ مَكارِمَهُ بَيْنَ وَلَدِهِ ، فَأَعْطَى عَبْدَ مَنَافٍ السِّقَايَةَ والنَّدْوَةَ ، وَأَعْطَى عَبْدَ الدَّارِ الْحِجَابَةَ وَاللِّوَاءَ ، وَأَعْطَى عَبْدَ الْعُزَّى الرِّفَادَةَ ، وَأَعْطَى عَبْدَ بْنَ قُصَيٍّ جَلْهَةَ الْوَادِي , قَالَ الزُّبَيْرُ : ثُمَّ اصْطَلَحَتْ قُرَيْشٌ عَلَى أَنَّ وُلِّيَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ السِّقايَةَ وَالرِّفَادَةَ ، وَأُقِرَّتِ الْحِجَابَةُ فِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ وَقَرَّرَهَا الإِسْلامُ لَهُمْ ، أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ مِفْتَاحُ الْبَيْتِ ، وَقَالَ : " خُذُوهَا يَا بَنِي عَبْدِ الدَّارِ خَالِدَةً تَالِدَةً لا يَنْزِعُهَا مِنْكُمُ إِلا ظَالِمٌ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ | ابن إسحاق القرشي / توفي في :150 | صدوق مدلس |
الأَزْرَقِيُ | أحمد بن محمد الغساني | ثقة |
الخُزَاعِيُّ | إسحاق بن أحمد الخزاعي | ثقة متقن |
مُحَمَّدُ بْنُ نَافِعٍ | محمد بن نافع الخزاعي | مجهول الحال |