باب ما جاء في العزلة


تفسير

رقم الحديث : 78

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ ، قَالَ ابْنُ أَبِي الْجَحِيمِ : حَدَّثَنَا عِصْمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْكُوفِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الْكِنْدِيُّ , قَالَ : " كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَكَانَتْ لَهُ تِجَارَةٌ وَكَانَ لَهُ عَقْلٌ فَأَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا فَتَرَكَ التِّجَارَةَ ، وَأَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ , فَكَانَ يَسْمَعُ النَّاسَ يَقُولُونَ : مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ . قَالَ : وَاللَّهِ لأَذْهَبَنَّ إِلَى مَالِكٍ هَذَا الَّذِي شَغَفَ النَّاسَ بِهِ فَلأَنْظُرَنَّ مَا عَمَلُهُ , قَالَ : فَأَتَيْتُهُ فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ وَحَوْلَهُ قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ فَجَلَسْتُ فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ حَتَّى تَفَرَّقُوا وَجَاءَهُ قَوْمٌ آخَرُونَ فَسَمِعُوا الْحَدِيثَ ، وَسَمِعُوا الزُّهْدَ ، وَالْكَلامَ ، فَلَمَّا تَفَرَّقُوا قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا ثُمَّ خَرَجَ وَتَبِعْتُهُ , فَقَالَ لِي : أَلَكَ حَاجَةٌ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ أَرَدْتُ أَنْ أَجِيءَ مَعَكَ إِلَى بَيْتِكَ . قَالَ : مُرَّ . فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَأَدْخَلَنِي إِلَى حُجْرَةٍ نَظِيفَةٍ وَظِلٍّ بَارِدٍ رَطْبٍ وَبَيْتٍ نَظِيفٍ وَفِيهِ بَدْرَى وَدَوْرَقٌ وَمِطْهَرَةٌ وَجُلَّةٌ فِيهَا كِسَرٌ . فَقُلْتُ : يَا مَالِكُ أَلَكَ امْرَأَةٌ ؟ قَالَ : أَعُوذُ بِاللَّهِ . قُلْتُ : يَا مَالِكُ أَلَكَ وَلَدٌ ؟ قَالَ : أَعُوذُ بِاللَّهِ . قُلْتُ : يَا مَالِكُ أَلَكَ تِجَارَةٌ ؟ قَالَ : أَعُوذُ بِاللَّهِ . قُلْتُ : يَا مَالِكُ أَعَلَيْكَ دَيْنٌ ؟ قَالَ : أَعُوذُ بِاللَّهِ . قُلْتُ : يَا مَالِكُ يَزْعُمُ النَّاسُ أَنَّكَ أَزْهَدُ النَّاسِ وَأَنْتَ خَدِيمٌ نَاعِمٌ . قَالَ : فَشَهِقَ شَهْقَةً " . صَدَقَ الْقَائِلُ فِيمَا وَصَفَهُ مِنْ أَمْرِ مَالِكٍ إِلا مَا قَصَّرَ فِيهِ مِنَ التَّشْبِيهِ وَإِنِّي لَخَرِيمُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ النَّاعِمُ لِلُبْسِهِ الْجَدِيدَ فِي الشِّتَاءِ وَالْخَلِقَ فِي الصَّيْفِ ، وَمَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ أَوْ نَحْوُهُ مِنَ التَّنَعُّمِ وَلَعَلَّهُ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ عَلَيْهِ عِيَالٌ يُؤَودُهُ وَمُؤْنَةٌ تَفْدَحُهُ وَتُثْقِلُهُ وَأُمُورٌ مِنْ أَسْبَابِ الْمَعِيشَةِ تَهُمُّهُ وَتُكَدِّرُهُ لَكِنَّ النَّاعِمَ حَقًّا مَالِكٌ وَمَا سَعِدَ بِهِ مِنْ خِفَّةِ الظَّهْرِ وَقِلَّةِ مَنْ يَشْغَلُهُ وَيَفْتِنُهُ مِنَ الْعِيَالِ وَالأَهْلِ ، هَذَا إِلَى مَا نَالَهُ مِنْ فَضْلِ الْعِلْمِ وَحَازَهُ مِنْ كَرَمِ النَّفْسِ . وَقَدْ قِيلَ : فِي كَثْرَةِ الْعِيَالِ فَضِيحَةُ الرِّجَالِ . وَيُقَالُ : مَا أَيْسَرَ ذُو عِيَالٍ وَإِنْ كَانَ بِحُسْنِ الْحَالِ ، وَقِيلَ لِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فِي قَبُولِ عَطَاءِ السُّلْطَانِ , فَقَالَ : صَاحِبُ الْعِيَالِ لا يُفْلِحُ . قَالَ : وَحُكِيَ لَنَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : مَا الْعَيْشُ إِلا الْقُفْلُ وَالْمِفْتَاحُ وَغُرْفَةٌ تَصْفِقُهَا الرِّيَاحُ لا صَخَبٌ فِيهَا وَلا صِيَاحُ .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.