حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عرفة الأَزْدِيّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد الْمُزَني ، قَالَ : قَالَتْ جارية لِلْحَجَّاج : يدخل عليك جريرٌ فيشبِّبُ بالْحُرم ، قَالَ : ما علمتُه إِلا عفيفًا ، قَالَتْ : فأَخْلِني وإياه ، فأخلاهما . فقالت يا جرير ، فنكس رأسه ، وقَالَ : هأنذا ، فقالت : بِاللَّهِ أنشدني قولك : أوانِسُ ، أمَّا مَنْ أرَدْنَ عَفَاءَهُ فَعَانٍ ، ومَنء أطْلقْنَ فهو طَلِيقُ دَعَوْنَ الهَوَى ثُمّ ارْتَمَيْن قلوبَنا بأسْهُمِ أعداءٍ وهنَّ صَدِيقُ فَقَالَ : ما أعرف هَذَا ، ولكنّي القائل : ومَنْ يأمنُ الحَجَّاجَ أمَّا نَكَالُهُ فَصَعْبٌ وأمّا عِقْدُه فَوَثِيقُ وخِفْتُك حَتَّى اسْتَنْزَلَتْنِي مَخَافَتِي وَقَدْ كَانَ دُوني من عِمَايَةَ نِيقُ عمايةُ : جَبل ، ونيق : أعلاه . يُسِرُّ لك البغضاءَ كلُّ منافقٍ كَمَا كُلُّ ذِي دِينٍ عليك شَفِيقُ فقالت : لَيْسَعَنْ هَذَا سألتُكَ يا بغيضُ ، بِاللَّهِ أنشدني قولك : نامَ الخليُّ وما رقدتُ بِحلية ليل التَّمامِ تَقَلُّبَا وسُهُودَا ما ضرَّ أهْلُكِ أن يقولَ أميرُهُمْ قولا ، إذا نزل الْمُلِمُّ ، سدِيدًا رَمَتِ الرُّماةُ فلم تُصِبْكَ سِهَامُهُم ورأيتُ سَهْمَكَ للرُّمَاةِ صَيُودَا فَقَالَ : ما أعرف هَذَا ، ولكني القائل : دعا الحَجَّاجُ مثل دُعاءِ نُوحٍ فأسمع ذا المعارج فاسْتَجَابا صبرت النفسَ يا ابْن أَبِي عَقِيل محافظةً فكيف ترى الثواب ولو لَمْ يَرْضَ رَبُّكَ لَمْ يُنزِّلْ مَعَ النصر الملائكةَ الْغِضَابا فَقَالَت : لَيْسَ عَنْ هَذَا أسألك يا بغيض ، أنشدني قولك : إن الْعُيُونَ التي فِي طَرْفها مَرَضٌ قَتَلْنَنَا ثُمّ لَمْ يُحْيِينَ قَتْلانا يَصْرَعْنَ ذا اللُّبِّ حَتَّى لا حَرَاكَ بِهِ وهُنَّ أضْعَف خلق اللَّه أرْكَانَا فَقَالَ : ما أعرف هَذَا ، ولكني القائل : رَأَى الحَجَّاجُ عافيةً ونَصْرا عَلَى رَغْم الْمُنَافِقِ والحَسُود دعا أهلَ الْعِراق دعاءَ نُوحٍ وَقَدْ ضَلُّوا ضَلالَةَ قومِ هُود . فقالت : لَيْسَ عَنْ هَذَا سألتُك يا بغيض ، بِاللَّه أنْشدني قولك : نام الخليُّ وما تنامُ هُمُومِي وكأنَّ لَيْلِي باتَ لَيْلَ سَلِيمِ كُنَّا نواصلكُمْ بحبْل مَوَدَّةٍ فلقد عجبتُ لحبْلِنا المَصْرُومِ ولقد تَوَكَّلُ بالسُّهادِ لحبكم عينٌ تبيتُ قليلةَ التَّهْوِيمِ إن امْرَأً مَنَع الزيارة منكم حقًّا لَعَمْرُو أبيكِ غيرُ كريمِ فَقَالَ : ما أعرفُ هَذَا ، ولكني القائل : وثِنْتَانِ فِي الحَجَّاجِ لا تَرْكُ ظالمٍ سَوِيًّا وَلا عِنْد الْمُرَاشَاة قابِلُ ومن غَلَّ مالَ اللَّهِ غُلّتْ يمينُه إذا قِيلَ أدُّوا لا يَغُلَّنَّ عَامِلُ وهما حيث يراهما الحَجَّاج ، فَقَالَ : للَّهِ دَرُّك يا ابْن الخَطَفَي ، أبيتَ إِلا كَرَمًا وتَكَرُّمًا .