حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مَزْيَد الْخُزَاعيّ ، حَدَّثَنَا الزُّبَير ، قَالَ : حَدَّثَنِي عمي مُصْعَب بْن عَبْد اللَّه ، عَنْ عَمْرو بْن الْهَيَّاج بْن سَعِيد ، حَدَّثَنِي مُجالد بْن سَعِيد ، قَالَ : كنتُ من صحابة شَرِيك فأتيتُه يومًا وَهُوَ فِي منزله باكرًا ، فخرج إليَّ فِي فَرْوٍ ما تحته قميصٌ وعليه كِسَاء ، فقلت : قَدْ أضْحَيْتَ عَنْ مجلس الْحَكَم ، قَالَ : غسلتُ ثيابي أمس فلم تَجِفَّ فأنا أنتظر جُفُوفَها ، اجلسْ ، فجلستُ ، فجعلنا نتذاكرُ باب العَبْدِ يتزوَّجُ بغير إذن مواليه ، فَقَالَ : ما عندك فِيهِ ؟ وما تَقُولُ ؟ وكانت الخيزُرَانُ قَدْ وجَّهت رَجُلا نصرانيًّا عَلَى الطِّراز بالكوفة وكتبت إِلَى عِيسَى بْن مُوسَى أَلا يعْصِيَ لَهُ أمرًا ، فكان النَّصْرانُّي مطاعًا فِي الْكُوفَة ، فخرج علينا ذَلِكَ اليومَ من زُقَاقٍ يخرجُ إِلَى النَّخَعِ ومعه جماعةٌ من أصحابه ، عَلَيْه جُبَّةُ خَزٍّ وطيلسان ، عَلَى بِرْذَوْنٍ فَارِه ، وَإِذَا رَجُل بَيْنَ يديه مكتوفٌ ، وَهُوَ يَقُولُ : واغَوْثَاهُ بِاللَّه ، أَنَا بِاللَّه ثُمّ بالقاضي ، وَإِذَا آثار السِّيَاطِ فِي ظهره ، فسلم عَلَى شَرِيك وجلس إِلَى جانبه ، فَقَالَ الرَّجُل المضروب أَنَا بِاللَّه ثُمّ بك أصلحك اللَّه ، أَنَا رَجُل أعمل لهذا الوَشْيَ ، أُجْرَةُ مثلي مائةُ دِرْهَم فِي الشهر ، أخذني هَذَا منذ أربعة أشْهرٍ واحتبسني فِي طرازٍ يُجْرِي عليَّ فِيهِ الْقُوت ، وُلّي عيالٌ قَدْ ضاعوا ، فأفلتُّ منه اليوم هاربًا فلحقني ففعل بِزهري ما ترى . فَقَالَ : قمّ يا نَصْرانيُّ واجلسْ مَعَ خَصْمِك ، قَالَ : أصلحك اللَّه يا أبا عَبْد اللَّه هَذَا من خَدَمِ السيدة ، مُرْ بِهِ إِلَى الحَبْس ، قَالَ : قُمْ ويلك فاجلسْ معه كَمَا يُقَالُ لك ، فجلس . فَقَالَ لَهُ : ما هَذِهِ الآثار التي بظهر هَذَا الرَّجُل ؟ مَنْ أثَّرها بِهِ قَالَ : أصلح اللَّه القاضي ، إِنَّمَا ضربتُه أسْوَاطًا بيدي ، وَهُوَ يستحقُّ أكثر من هَذَا ، مُرْ بِهِ إِلَى الحبس . فألقى شريكٌ كساءُهُ ودخل داره وأخرج سَوْطًا رَبَذِيًّا ، ثُمّ ضرب بيده إِلَى مجامع أثواب النَّصْرانُّي ، وقَالَ للرجل : انْطَلِقْ إِلَى أهلك ، ثُمّ رفع السوط فجعل يضرب بِهِ النَّصْرانُّي ، وَيَقُولُ : بأصْبَحيٍّ قُدَّ من قَفَا جَمَل . لا تضربْ واللَّه الْمُسْلِمِين بعدها أبدًا ، فَهَمَّ أصحابُ النَّصْرانُّي أن يخلِّصُوه من يده ، فَقَالَ : مَنْ هاهنا من فتيان الحي ؟ خُذُوا هَؤُلاءِ فاذهبوا بهم إِلَى الحبس ، فهرب القوم جميعًا وأَفْردُوا النَّصْرانُّي ، فضُرب أسواطًا فجعل النَّصْرانُّي يَعْصِرُ عينيه ويبكي ، وَيَقُولُ : سَتَعْلم . فألقى السَّوطَ فِي الدهليز ، وقَالَ : يا أبا حَفْص ، ما تقولُ فِي العَبْد يتزوَّجُ بغير إذْن مواليه ، وأخذْنا فيما كُنّا فِيهِ كأَنَّه لَمْ يصنعْ شيئًا ، وقام النَّصْرانُّي إِلَى البرذون ليركبه فاستعصى عَلَيْه ، وَلَم يَكُنْ لَهُ من يأخذُ ركابه ، فجعل يضرب البرذون ، فَقَالَ لَهُ شريك : ارُفق بِهِ ويلك ، فَإنَّهُ أطوعُ اللَّه منك ، فمضى . فالتفتَ إِلَى شريكٌ ، فَقَالَ : خُذْ بنا فيما كُنّا فِيهِ ، قُلْتُ : ما لنا ولذا ؟ ، قَدْ والله فعلت اليوم فَعْلةً ستكونُ لها عاقبة مكروهة ، فَقَالَ : أَعِزَّ أمْرَ اللَّهِ تعلى يُعِزَّكَ اللَّهُ ، خُذْ فيما نحنُ فِيهِ . وذهب النَّصْرانُّي إِلَى عِيسَى بْن مُوسَى فدخل عَلَيْه ، فَقَالَ : من بك ، وغضب الأعوان وصاحب الشرطة ، فَقَالَ : شريكٌ فعل بي قَالَ : لا واللَّه ، ما أتعرض لشريك ، فمضى النصراني إلى بغداد فما رجع . قال القاضي الأصبحيات سياط معروفة ، واحدها أصبحي ، وهي منسوبة إلى ذي أصبح ملك من ملوك اليمن .
الأسم | الشهرة | الرتبة |