معنى المندوحة والمستاثرين


تفسير

رقم الحديث : 65

حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْخُتُلِّيُّ ، أَنْبَأَنَا أَبُو حَفْصٍ النَّسَائِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ ، قَالَ : خَرَجَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَعَهُ مَسْلَمَةَ أَخُوهُ إِلَى مَصَانِعَ قَدْ هُيِّئَتْ لَهُ وَزُيِّنَتْ بِأَنْوَاعِ النَّبْتِ ، وَتَوَافَى إِلَيْهِ بِهَا وُفُودُ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ ، قَالَ : فَدَخَلُوا عَلَيْهِ وَقَدْ بُسِطَ لَهُ فِي مَجَالِسَ مُشْرِفَةٍ ، مُطِلَّةٍ عَلَى ما شُقَّ لَهُ مِنَ الأَنْهَارِ الْمُحِفَّةِ بِالزَّيْتُونِ فِي سَائِرِ الأَشْجَارِ ، فَقَالَ : يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ ، هَلْ فِيكُمْ مثل هَذِهِ الْمَصَانِعِ ، قَالُوا : لا ، غَيْرَ أَنَّ فِينَا قَبْرَ نَبِيِّنَا الْمُرْسَلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، ثُمّ الْتَفَتَ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ ، فَقَالَ : أَفِيكُمْ مثل هَذِهِ الْمَصَانِعِ ؟ ، قَالُوا : لا ، غَيْرَ أَنَّ فِينَا تِلاوَةَ كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ ، فَقَالَ : أَفِيكُمْ مثل هَذِهِ الْمَصَانِعِ ؟ ، قَالَ : فَقَامَ إِلَيْهِ خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ : فَقَالَ : أَصْلَحَ اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّ هَؤُلاءِ قَدْ أَقَرُّوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ، وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ لَهُ لِسَانٌ وَبَيَانٌ لأَجَابَ عَنْهُمْ ، فَقَالَ لَهُ هِشَامٌ : أَفَعِنْدَكَ غَيْرُ مَا قَالُوا ؟ ، قَالَ : نَعَمْ ، أَصِفُ بِلادِي ، وَقَدْ رَأَيْتُ بِلادَكَ نَفْسَهَا ، فَقَالَ : هَاتِ ، فَقَالَ : يَعْدُو قَانِصُنَا فَيَجِيءُ هَذَا بالشَّبُّوط والشِّيم ، ويجيء هَذَا بالظَّبْي والظَّلِيم ، ونحن أكثرُ النّاس عاجًا وساجًا ، وخزًّا وديباجًا ، وخريدة مِغْنَاجًا ، وَبِرْذَوْنًا هِمْلاجًا ، ونحن أكثر النّاس فَيْدًا ، ونقدًا ، ونحن أوسعُ الناسِ بَرِّيَّةً ، وأريفهم بحريَّة ، وأكثرهم ذُرِّيَّة ، وأبعدُهُم سَريَة ، بيوتنا ذهب ، ونهرنا عجب ، أوله رُطب ، وآخرهُ عِنَب ، وأوسطُه قَصَب . فأمّا نهرهُ العجبُ ، فَإِن الماءَ يُقبل وَلَهُ عُبَاب ونحن نيامٌ عَلَى فُرُشِنا ، حَتَّى يدخل بأرضنا ، فيغْسِل آنيتَها ، وَيَعْلُو مَتْنَها ، فنبلغ منه حاجاتنا ، ونحن عَلَى فرشنا ، لا نُنافِسُ فِيهِ من قِلَّة ، وَلا نُمنَعُ منه لِذِلَّة ، يأتينا عِنْد حاجتنا إِلَيْهِ ، ويذهب عنا عِنْد ريِّنا منه ، وغناءنا عَنْهُ . النخلُ عندنا فِي منابته ، كالزَّيتون عندكم فِي منازله ، فذلك فِي أوانه ، كهذا فِي إبّانه ، ذاك فِي أفنانه ، كهذا فِي أغصانه ، يخرجُ أَسْفَاطًا عِظامًا وأوساطًا ، ثُمّ ينغلقُ عَنْ قضبان الْفِضَّة منظومة بالزبرجد الأخضر ، ثُمّ يصير أصفر ، وأحمر ، ثُمّ يصير عسلا فِي شَنِّه ، مرتتجًا بِقَرَبِه ، وَلا إناء حولها المذاب ، ودونها الحراب ، لا يقربها الذباب ، مرفوعة عَنِ التراب ، من الرَّاسِخاتِ فِي الوَحْل ، الْمُلْقَحَاتِ بالفَحْل ، الْمُطْعِمَات فِي المَحْل . وأمّا بيوتُنا الذهب فإن لنا عليهن خَرْجًا فِي السنين والشهور نأخذه فِي أوقاته ، ويدفع اللَّه عَنْهُ آفاته ، وننفقه فِي مرضاته . قَالَ : فَقَالَ هِشَام : وأنّي لَكُمُ هَذَا يا ابْن صَفْوَان ، وَلَمْ تسبقوا إِلَيْهِ ، وَلَمْ تغلبوا عَلَيْه ؟ ، فَقَالَ : ورثناه عَنِ الآباء ونَغْمُرُه للأبناء ، ويدفعُ لنا عَنْهُ ربُّ السماء ، فمثلُنا فِيهِ كَمَا قَالَ أَوْسُ بْن مَغْراء الشاعر : فمهما كَانَ مِنْ خَيْرٍ فإنَّا وَرِثْنَاهُ أَوَائِلَ أوَّلِينَا ونحنُ مُوَرِّثُوه كَمَا وَرِثْنا عَنِ الآباء إن مِتْنا بنينا قَالَ : فَقَالَ : هِشَام : للَّهِ دَرُّكَ يا ابْن صَفْوَان ، لقَدْ أُوتيتَ لسانًا وعِلْمًا وبيانًا ، فأكرمَهُ وأحسنَ جائزته وقَدَّمه عَلَى أصحابه .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.