حدثنا الحسين بْن القاسم الكوكبي ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو يوسف يعقوب بْن بنان الكاتب ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو العباس أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُوسَى بْن الفرات ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي وجماعة من شيوخنا قَالَ : لما حذق المعتز القرآن دعا المتوكل شفيعًا الخادم بحضرة الفتح بْن خاقان ، فقال : إني عزمت على تحذيق أَبِي عَبد اللَّه في يوم كذا وتكون خطبته علي وحذاقة ببركوارا ، فأخرج من خزانة الجوهر جوهرًا بقيمة مائة ألف دينار في عشر صواني فضة للنثار على من يقرب من القواد مثل مُحَمَّد بْن عَبد اللَّه ووصيف وبغا وجعفر الخياط ورجاء الحصاري , ونحو هؤلاء من قادة العسكر ، وأخرج مائة ألف دينار عددًا للنثار على القواد الذين دون هؤلاء في الرواق الذي بين يدي الأبواب ، وأخرج ألف درهم بيضًا صحاحًا للنثار على من في الصحن من خلفاء القواد والنقباء , قَالَ شفيع : فوجهت إلى أَحْمَد بْن حباب الجوهري , فأقام معنا حتى صنفنا في عشر صواني من الجوهر الأبيض والأحمر والأزرق والأخضر بقيمة مائة ألف دينار , ووزن كل صينية ثلاثة ألاف درهم ، وقال شفيع لابن حباب : اجعل في صينية من هذه الصواني جوهرًا يكون قيمته خمسة آلاف دينار وانتقصه من باقي الصواني حتى يكون في كل واحدة تسعة آلاف وخمس مائة دينار , فإن أمير المؤمنين أمرني أن أدفع هذه الصينية إلى مُحَمَّد بْن عمران مؤدب الأمير أَبِي عَبد اللَّه إذا فرغ من خطبته ، ففعل ذلك ، وشدوا كل صينية في منديل ، وختمت بخاتم شفيع ، وتقدم شفيع إلى من كان معه من الخدم أن ينثروا العين في الرواق ، والورق في الصحن ، وأوعز إلى الناس من الأكابر ووجوه الموالي والشاكرية بحضور بركوارا في يوم سمي لهم ليشهدوا خطبة الأمير المعتز ، وكتب إلى مُحَمَّد بْن عَبد اللَّه وهو بمدينة السلام بالقدوم إلى سر من رأى لحضور الحذاق ، قَالَ : فتوافي الناس إلى بركوارا قبل ذلك بثلاثة أيام ، وضربت المضارب ، وانحدر المتوكل غداة ذلك اليوم ومعه قبيحة ومن اختصت من حرم المتوكل ومن حشمها إلى بركوارا ، وجلس المتوكل في الإيوان على منصته , وأخرج منبر أبنوس مضبب بالذهب مرصع بالجوهر مقابضة عاج ، وقال بعضهم : عود هندي ، فنصب تجاه المنصة وسط الإيوان ، ثُمَّ أمر بإدخال مُحَمَّد بْن عمران المؤدب ، فدخل فسلم على أمير المؤمنين بالخلافة , ودعا له ، فجعل أمير المؤمنين يستدنيه حتى جلس بين يدي المنبر ، وخرج المعتز من باب في جنبة الإيوان حتى صعد المنبر ، فسلم على أمير المؤمنين وعلى من حضر ، ثُمَّ خطب ، فلما فرغ من خطبته دفعت الصينية إلى مُحَمَّد بْن عمران ، ونثر شفيع صواني الجوهر على من في الإيوان ، ونثر الخدم الذين كانوا في الرواق والصحن ما كان معهم من العين والورق ، وأقام المتوكل ببركوارا أيامًا في يوم منها دعته قبيحة ، فيقال : إنه يوم لم ير مثله سرورًا وحسنًا وكثرة نفقة ، وإن الشمع كله كان عنبرًا إلا الشمعة التي في الصحن فإنه كان وزنها ألف من فكادت تحرق القصر ، ووجد حرها من كان في الجانب الغربي من دجلة ، وقد كان أمر المتوكل أن يصاغ له سريران ، أحدهما ذهب والآخر فضة ، ويفرش السرير الفضة ببساط حب وبرذعة حب ووسادي حب ومخدتي حب ومسند حب منظوم على ديباج أسود ، وكان طول السرير تسعة أذرع ، قَالَ : فأخرج من خزانة الجوهر حب عمل له ذلك فكان أرفع قيمة الحبة دينار ، وأقل القيمة درهمًا ، فأتخذ له ذلك وأمر بفرش السرير الذهب بمثل فرش السرير الفضة منقوشًا بأنواع الجوهر الأحمر والأخضر والأصفر والأنواع ، ففرشا فقعد عليهما ، وهو قبيحة , ثُمَّ وهبهما لها .
الأسم | الشهرة | الرتبة |