وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَنْصُورٍ الْحَارِثِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الغَلابِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ مَسْلَمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ : لَمَّا أُدْخِلْتُ عَلَى الْمَأْمُونِ وَبَّخَنِي ، ثُمَّ قَالَ : اذْهَبُوا بِهِ إِلَى أَخِيهِ أَبِي الْحَسَنِ ، فَجِيءَ بِي إِلَى الرِّضَا ، فَتُرِكْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ سَاعَةً وَاقِفًا ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيَّ ، فَقَالَ : يَا زَيْدُ سَوْءَةً لَكَ ، مَا أَنْتَ قَائِلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ سَفَكْتَ الدِّمَاءَ وَأَخَفْتَ السَّبِيلَ ، وَأَخَذْتَ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ ؟ لَعَلَّكَ غَرَّكَ حَدِيثَ حَمْقَى أَهْلِ الْكُوفَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ فَاطِمَةَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَحَرَّمَ اللَّهُ ذُرِّيَّتَهَا عَلَى النَّارِ ، وَيْلَكَ ! إِنَّمَا هَذَا لِمَنْ خَرَجَ مِنْ بَطْنِهَا الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ فَقَطْ لا لِي وَلا لَكَ ، وَاللَّهِ مَا نَالُوا ذَلِكَ إِلا بِطَاعَةِ اللَّهِ فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَنَالَ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى مَا نَالُوهُ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّكَ إِذًا لأَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ . زَيْدٌ هَذَا امْرُؤٌ يُعْرَفُ بِزَيْدِ النَّارِ ، وَلَهُ أَخْبَارٌ ، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ وَلَدِهِ قَدِمَ مِنْ بِلادِ الْعَجَمِ إِلَى الْعِرَاقِ وَنُوزِعَ فِي نَسَبِهِ ، وَكَانَ لَهُ حُجَجٌ فِي دَعْوَتِهِ ، وَكَانَتْ مِنِّي مَعْونَةٌ لَهُ ، فَهَذَا الَّذِي حَكَى لَنَا عَنِ الرِّضَا هُوَ اللائِقُ بِفَضْلِهِ وَدِيَانَتِهِ ، وَنُبْلِهِ وَنَبَاهَتِهِ ، وَشَرَفِهِ وَنَزَاهَتِهِ ، وَقَدِ اتَّبَعَ فِيهِ سَبِيلَ سَلَفِهِ ، وَاهْتَدَى بِالْمُصْطَفِينَ مِنْ آبَائِهِ الْمُكَرَّمِينَ بِالنُّبُوَّةِ وَالإِمَامَةِ ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، وَقَدْ أَوْضَحَ هَذَا الْمَعْنَى كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ { 38 } وَمَا لا تُبْصِرُونَ { 39 } إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ { 40 } وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلا مَا تُؤْمِنُونَ { 41 } وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ { 42 } تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ { 43 } وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ { 44 } لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ { 45 } ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ { 46 } فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ سورة الحاقة آية 38-47 ، فَانْظُرْ إِلَى مَا قَالَهُ فِي خَيْرِ النَّاسِ عِنْدَهُ وَأَسْعَاهُمْ فِي مَرْضَاتِهِ ، وَأَعْمَلِهِمْ بِطَاعَتِهِ ، وَأَتْقَاهُمْ لَهُ ، وأَوْرَعِهِمْ عَنْ مَحَارِمِهِ ، وَأَعْرَفِهِمْ بِهِ ، وَأَحْفَظِهِمْ لِحُدُودِهِ ، وَأَعْلَمِهِمْ بِشَرَائِعِهِ ، وَأَفْقَهِهِمْ فِي دِينِهِ ، وَأَنْصَحِهِمْ لِخُلُقِهِ ، وَأَكْرَمِهِمْ عَلَيْهِ ، إِعْلامًا مِنْهُ لِعِبَادِهِ ، أَنَّهُ لا مُحَابَاةَ لَدَيْهِ فَذَكَرَ أَمْكَنَ الرُّسُلِ عِنْدَهُ قَصْدًا إِلَى تَحْذِيرِ خَلْقِهِ ، وَتَخْوِيفِ عِبَادِهِ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ سورة الزمر آية 65 فَخَصَّهُ بِخِطَابِهِ وَهُوَ يُرِيدُ غَيْرَهُ ، تَشْرِيفًا لَهُ ، وَتَعْظِيمًا لِقَدْرِهِ ، وَدَلالَةً عَلَى خَطَرِ مَا ذَكَرَهُ لَهُ ، كَمَا خَصَّهُ بِقَوْلِهِ : يَأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ سورة الطلاق آية 1 وَهَكَذَا قَصَّ عَلَيْنَا فِي أَمْرِ غَيْرِهِ مِنْ عِلْيَةِ أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ ، فَذَكَرَ تَعَالَى جَدُّهُ فِي السُّورَةِ الَّتِي يَذْكُرُ فِيهَا الأَنْعَامَ خَلِيلَهُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، ثُمَّ قَالَ : وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ { 84 } وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ { 85 } وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ { 86 } وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ { 87 } ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ { 88 } أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ { 89 } أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ سورة الأنعام آية 84-90 .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
الْمَأْمُونِ | المأمون بن هارون الرشيد / ولد في :170 / توفي في :218 | مجهول الحال |
زَيْدُ بْنُ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ | زيد بن موسى بن جعفر | مجهول الحال |
رَجَاءُ بْنُ مَسْلَمَةَ | رجاء بن سلمة التميمي | مجهول الحال |
الغَلابِيُّ | محمد بن زكريا الغلابي / توفي في :280 | يضع الحديث |
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَنْصُورٍ الْحَارِثِيُّ | عبد الله بن منصور الحارثي | مجهول الحال |