حدثنا أَبُو النضر العقيلي ، قَالَ : حَدَّثَنَا حماد بْن إسحاق ، عن أبيه إسحاق بْن إبراهيم الموصلي ، قَالَ : بينا أنا جالس مع الرشيد على المائدة إذ دخل الحاجب فأعلمه أن بالباب أعرابيًا معه نصيحة ، فأمر بإحضاره ، فلما دخل أمره بالجلوس على المائدة ففعل ، وكان معه صباحة وفصاحة ، فلما تم الغداء ورفعت الموائد وجاء لغسل غسل يده ، ثُمَّ أمر بالشراب فأحضر ، فقال : يا أمير المؤمنين ما حالتي في اللباس , فاستحسن هارون ذلك من فعله وأمر بثياب حسنة فطرحت عليه ، وقال له : يا أعرابي من أين ؟ قَالَ : من الكوفة ، قَالَ : أعرابي أم مولي ؟ قَالَ : بل عربي ، قَالَ : فما الذي قصد بك إلينا , وما نصيحتك ؟ قَالَ : قصد بي إليك قلة المال وكثرة العيال ، وأما نصيحتي فإني علمت أني لا أصل إليك بها ، قَالَ : فأخذ إسحاق العود فغني صوتًا يشتهيه الرشيد ويطرب عليه وهو : ليس لي شافع إليك سوى الدمع يشفع عشت بعدي ومت قبلك هل فيك مطمع قسم الحب خمسة صار لي منه أربع فإلى الله أشتكي كبدا لي تقطع فقال الرشيد كالمازح : كيف ترى هذا يا أعرابي ؟ قَالَ : بئس والله ما غنى ، فغضب من ذلك هارون , وصعب عليه ، قَالَ إسحاق : وسقط في يدي ، فقال هارون : ويلك يا أعرابي ، وهل يكون شيء أحسن من هذا ؟ قَالَ : نعم يا أمير المؤمنين ، قولي حيث أقول لا وحبيك لا أصافح بالدمع مدمعا من بكى شجوه استراح وإن كان موجعا كبدي في هواك أسقم من أن تقطعا لم تدع سورة الهوى للبلى في مطمعا قال : فاستملح هارون ذلك منه وأمر إسحاق أن يغنيه به شهرًا لا يقطعه عَنْهُ ، وأمر للأعرابي بعشرة آلاف درهم وصرفه .
الأسم | الشهرة | الرتبة |