حدثنا أَبُو النضر العقيلي ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو إسحاق طلحة بْن مُحَمَّد الطلحي النديم ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن معاوية ، قَالَ : وقال عَبد اللَّه بْن الكوفي : أغرم سليمان بْن عبد الملك عمر بْن هبيرة من غزاته ، في البحر ألف ألف درهم ، فمشى إلى يزيد بْن المهلب , وقد ولي العراق بعثمان بْن حيان المري والقعقاع ابْن خالد العبسي والهذيل بْن زفر بْن الحارث الكلابي , وغيرهم من قيس ، فلما انتهوا إلى باب سرادق يزيد أذن لهم الحاجب في دخوله ، وأعلمهم أنه يغسل رأسه ، فلما فرغ خرج في سبنية فألقى نفسه على فرشه , ثُمَّ قَالَ : ما ألف بينكم ؟ فقال عثمان : هذا ابْن هبيرة شيخنا وسيدنا ، كان الوليد حمل معه مالا حيث وجهه إلى البحر ، فأعطاه جنده ، فخرج عليه من غرمه ألف ألف دينار ، فقلنا : يزيد سيد أهل اليمن ووزير لسليمان وصاحب العراق , ومن قد تحمل أمثالها عمن ليس مثلنا ، والله لو وسعتها أموال قيس لاحتملناها ، ثُمَّ تكلم القعقاع ، فقال : يا ابْن المهلب هذا خير ساقه الله إليك ، وليس أحد أولى به منك ، فافعل به كبعض فعلاتك الأول ، فن يصدك عن قضاء هذا الحق ضيق ولا بخل ، وقد أتيناك مع ابْن هبيرة فما حمل ، فهب لنا أموالنا واستر في العرب عورتنا ، ثُمَّ تكلم الهذيل بْن زفر ، فقال : يا ابْن المهلب ، إني لو وجدت من الممشى إليك بدا لما مشيت إليك ، لأن أموالك بالعراق ، وإنما أتينا خائفًا ، ثُمَّ أقمت فينا ضيفًا ، ثُمَّ تخرج من عندنا محروبًا ، وايم الله لئن تركناك بالشام لنأتينك بالعراق ، وما هاهنا أقرب من الخطوة وأوجب للذمام ، ثُمَّ تكلم ابْن خيثمة , فقال : إني لا أقول لك يا ابْن المهلب ما قَالَ هؤلاء ، أخبرني إن أنت عجزت عن احتمال ما علي ابْن هبيرة فعلى من المعول ، لا والله ما عند قيس له فكاك ، ولا في أموالهم متسع ، ولا عند الخليفة له فرج ، ثُمَّ تكلم ابْن هبيرة , فقال : أما أنا فقد قضيت حاجتي رددت أم أنجحت لأنه ليس لي أمامك متقدم ولا خلفك متأخر ، وهذه حاجة كانت في نفسي فقضيتها ، فضحك يزيد بْن المهلب ، وقال : إن التعذر أخو البخل ، ولا أعتذر ، فاحتكموا ، فقال القعقاع : نصف المال ، فقال يزيد : قد فعلت ، أرنا يا غلام غداءك ، قَالَ : فجئ بالطعام فأنكرنا منه أكثر مما عرفنا ، فلما فرغنا أمر بتطييبنا وحملاننا وإجادة الكسوة لنا ، قَالَ : ثُمَّ خرجنا ، حتى إذا مررنا , قَالَ ابْن هبيرة : أخبروني عمات بقي من يحمله بعد ابْن المهلب ؟ لقد صغر الله أقداركم وأخطاركم ، والله ما يدري يزيد ما بين النصف والتمام ، وما هما عنده إلا سواء ، ارجعوا إليه فكلموه في الباقي ، قَالَ : وقد كان يزيد ظن بهم أن سيرجعون إليه في التمام ، فقال لحاجب : إذا عادوا فأدخلهم ، فلما عادوا أدخلهم ، فقال لهم يزيد : إن ندمتم أقلناكم ، وإن استقللتم زدناكم ، فقال له ابْن هبيرة : يا ابْن المهلب ، إن البعير إذا أوقر أثقلته أذناه وأنا بما بقي مثل ، فقال : قد حملتها عنك ، ثُمَّ ركب إلى سليمان , فقال : يا أمير المؤمنين إنك إنما رشحتني لتبلغ بي ، وإني لا أضيق عن شيء اتسع له مالك ، وما في أيدينا عوار لك تصطنع بها الناس وتبتني بها المكارم ، ولولا مكانك ظلعنا بالصغير ، ثُمَّ قَالَ : إنه أتاني ابْن هبيرة في وجوه أصحابه ، فقال له سليمان : أمسك أتاك في مال الله عنده ، خب ضب ، جموع منوع ، خدوع هلوع ، هيه فصنعت ماذا ؟ قَالَ : حملتها عَنْهُ ، قَالَ : احملها إذا إلى بيت مال المسلمين ، قَالَ : والله ما حملتها خدعة وأنا حاملها بالغداة ، ثُمَّ حملها فلما أخبر سليمان بذلك دعا يزيد فلما رآه ضحك , وقال : ذكت بك ناري ، ووريت بك زنادي ، غرمها علي وحمدها لك ، قد وفت لي يميني ، فارجع المال إليك ، ففعل . .