حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَبِي الأزهر ، حَدَّثَنَا الزُّبَير ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَلام ، قَالَ : كَانَ حَمَّاد بْن مُوسَى صاحبَ أمرِ مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان ، والغالب عَلَيْه ، فحبس سَوَّارُ القاضي رجلا فِي بعض ما يَحْبِس فِيهِ الْقُضاة ، فبعث حَمَّاد فأخرج الرَّجُل من الحبس ، فجاء خَصْمُه إِلَى سَوَّار حَتَّى دخل ، فَأَخْبَرَه أن حَمَّادًا قَدْ أخرج الرَّجُل من الحبس . وركب سَوَّارٌ حَتَّى دخل عَلَى مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان وَهُوَ قاعدٌ للناس ، والناس عَلَى مراتبهم ، فجلس بحيث يراه مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان ، ثُمّ دعا قائدًا من قواده ، فَقَالَ لَهُ : أسامعٌ أنت أَوْ قَالَ : مُطيع ؟ قَالَ : نعم ، قَالَ : اجلس هاهنا ، فأقعده عَنْ يمينه ، ثُمّ دعا آخر من نظرائه ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ للأول ، فأجاب مثل جواب الأول فأقعده مَعَ صاحبه ، ففعل ذَلِكَ بجماعةٍ منهم ، ثُمّ قَالَ لهم : انطلقوا إِلَى حَمَّاد بْن مُوسَى فضعوه فِي الحبس ، فنظروا إِلَى مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان فأعلموه ما أمرهم بِهِ ، فأشار إليهم أن افعلوا ما يأمركم بِهِ ، فانطلقوا إِلَى حَمَّاد فوضعوه فِي الحبس ، وانصرف سَوَّارٌ إِلَى منزله ، فَلَمَّا كَانَ بالعشيِّ أراد مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان الركوب إِلَى سَوَّار ، فجاءتْه الرُّسُل ، فقالوا : إن الأميرَ عَلَى الركوب إليك ، فَقَالَ لا ، نحنُ بالركوب أولى إلى الأمير . فركب إِلَيْهِ ، فَقَالَ : كنتُ عَلَى المجيء إليك أبا عَبْد اللَّه ، قَالَ : ما كنتُ لأُجشِّمَ الأميرَ ذَلِكَ ، قَالَ : بلغني ما صنع هَذَا الجاهلُ حَمَّاد ، قَالَ : هُوَ ما بلغ الأمير ، قَالَ : فأحب أن تَهَبَ لي ذَنْبَه ، قَالَ : أفعلُ أيها الأمير ، اردُدَ الرَّجُل إِلَى الحبس ، قَالَ : نعم ، بالصَّغَرِ لَهُ والْقُمَاءَة . فوجّه إِلَى الرَّجُل فجسه وأطلق حَمَّادًا ، وكتب بِذَلِك صاحبُ الخبر إِلَى الرشيد ، فكتب إِلَى سَوَّارٍ يُجرِّيه ويَحْمَدُهُ عَلَى ما صنع ، وكتب إِلَى مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان كتابًا غليظًا يذكُرُ فِيهِ حَمَّادًا ، وَيَقُولُ : الرَّافِضِيُّ ابنُ الرَّافِضِيّ ، واللَّهِ لولا أن الوعيدَ أمام العقوبةِ ما أدَّبْتُه إِلا بالسيف ، ليكون عِظَةً لغيره ، ونَكَالا . يفتاتُ عَلَى قاضي الْمُسْلِمِين فِي رأيه ، ويركبُ هواه لموضعِهِ منك ، ويَعْرِضُ فِي الأحكام استهانةً بأمر اللَّهِ تَعَالَى ، وإقدامًا عَلَى أمير الْمُؤْمِنِين ، وما ذاك إِلا بك ، وبما أرْخيتَ من رَسَنِه ، فأنا للَّه لئن عاد إِلَى مثلها ليجِدنِّي أغضبُ لدين اللَّه تَعَالَى ، وأنتقمُ من أعدائه لأوليائه .