حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن الْقَاسِم الكوكبي ، قَالَ : حَدَّثَنِي بْن أَبِي سَعِيد ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَر الضَّبِّيّ ، قَالَ : عَاصِم بْن الحَدَثَان ، حَدَّثَنِي من شهد الحَجَّاج وَهُوَ يُعاتب مالك بْن أسماء ، وكان يستعمله عَلَى الحيرة وطَسُّوجِها ، فشكاه أَهْل الخيرة فبعث إِلَيْهِ ، فَقَالَ : يا عدو اللَّه ، استعملتُك وشرَّفتك وأردت أن ألحقك بعلية الرجال فأفسدت نعمتك ، وأشمت بأختك ضرائرها ، وفضحت نفسك ، وأقبلتَ عَلَى الباطل وما لا يحب اللَّه من الشُّرب وقول الشعر ، والانتشار بِهِ وأقبلت تعني ، وتقول : حبّذا ليلتي بتلّ بُوَنَّا حيث نُسْقَى شرابنا ونُغَنَّي بشرب الكاسِ ثُمت الكاس حَتَّى يحسَبَ الجاهلون أنَا جُننّا أما لأُخْرِجَنّ جنونك من رأسك ، يا حَرَسيّ أَدْخل مَنْ بالباب من أَهْل الحيرة ، فدخلت جماعةٌ منهم شيخ من بني بَقِيلة ، فَقَالَ لهم ، أيُّ أميرٍ أميركم ؟ قَالَ الشَّيْخ : خيرُ أميرٍ ، غَيْر أن الخمر غَلَتْ منذ وَلِينا ، قَالَ : وكيف ذاك ، قَالَ الشَّيْخ : أَخَذَ ألفَ دِنٍّ فِي شهر ، قَالَ الحَجَّاج : قاتله اللَّه ما أمكره من شيخ ، لجَادَ ما تخلص إِلَى ما يريد ، قَالَ : ومالكٌ ساكتٌ لا يتكلم ، فأدخل عَلَيْه مِلْحَان بْن قيسٍ الرّاسبيّ وكان شيخًا كبيرًا قَدْ شهد مشاهد الحَرُوريَّة ، فبُعِثَ إِلَيْهِ من البصرة ، فَقَالَ لَهُ الحَجَّاج : أمِلْحان ؟ قَالَ : نعم ملْحان ، قَالَ : أحمد اللَّه الَّذِي خَصَّني بقتلك وأراق دَمَكَ عَلَى يدي ، قَالَ : فضحك ملحان ، وقَالَ : واللَّه ما رأيتُ رَجُلا كاليوم أبعدَ من كل خير وَلا أقرب من كُلّ قبيح ، واللَّه يا حَجّاج لو عرفت أنّ لَكَ رَبًّا وخِفْتَ عذابًا ورجوتَ ثوابًا ، ما اجْتَرأت عَلَى اللَّه هَذِهِ الجرأة ، دونَك دمي فأرِقْه ، فالحمد للَّه الَّذِي أكرمني بهوانك ، عليك لعنةُ اللَّه وعلى من ولاك ، فاستشاط الحجاجُ وغضب ، وقَالَ : اضرب عنقه ، فضُرب عنقه فَتَدَهْدَهَ رأسُه حَتَّى كاد يصيبُ مالك بْن أسماء ، قَالَ : ثُمّ سكن الحَجَّاج قليلا ، ثُمّ قَالَ لمالك : تكلم ، أما لك عُذرٌ ؟ ، قَبِلَ اللَّهُ عُذْرَك ، فَقَالَ مالك : أصلح اللَّه الأمير ، إن لي ولك مثلا ، قَالَ الحَجَّاج : ما وَهُوَ قَبّح اللَّه أمثالكم يا أَهْل العراق ، قَالَ : زعموا أن أسدًا وثعلبًا وذئبًا اصطحبوا فخرجوا يتصيَّدُون ، فصادوا حمارًا وظبيًا وأرنبًا ، فَقَالَ الأسد للذئب : يا أبا جعدة ، اقسم بيننا صيدنا قَالَ : الأمر أبين من ذَلِكَ ، الحمار لك والأرنب لأبي مُعَاوِيَة ، والظبي لي ، فخبطه الأسد فأنْدَرَ رأسه ، ثُمّ أقبل عَلَى الثعلب ، وقَالَ : قاتله اللَّه ما أجهله بالقسمة هاتِ أَنْت ، قَالَ الثعلب : يا أبا الْحَارِث ، الأمر أوضح من ذَلِكَ ، الحمار لِغَدَائِكَ ، والظَّبْيُ لعشائك ، وتخلَّلْ بالأرنب فيما بَيْنَ ذَلِكَ ، قَالَ الأسد : ما أقضاك ، من علمك هَذِهِ القضية ؟ قَالَ : رأسُ الذئب النَّادِرُ بَيْنَ عيني ، وَلَكِن رأس ملحان أبطل حجتي أصلحك اللَّه ، قَالَ : أخرجوه عني قبَّحه اللَّه وقَبَّح أمثاله . قَالَ عَاصِم بْن الحدثان : ملحان الَّذِي يَقُولُ : وأبيضَ مِخْبَاتٍ إذا الليل جَنَّهُ رَعَى حَذَرَ النَّارِ النُّجُوَّ الطَّوالِعا إذا استثقل الأقوامُ نوما رأيتَهُ حذارًا عقاب اللَّه لِلَّهِ ضَارِعا فَطَوْرًا تَبَكَّى سَاجِدًا مُتَضرِّعًا وطورًا يناجي اللَّه وَسْنان رَاكِعَا صحبت فلم أذْمُمْ وما ذَمَّ صُحْبتي وكان لخلّات المكارم جامعا سَخِيًّا شجاعًا يَبْذُل النَّفْس فِي الوغى حَيَاةً إذا لاقى العدوَّ المقارعا فلاقى المنايا مُسْلِمُ بْن خويلد فلم يكُ إذْ لاقَى المنية جازعًا مضى والقَنَا فِي نحره متقدِّمًا إِلَى قِرْنِهِ حَتَّى تَكَعْكَعَ راجعا وأجبرتِ الأقْرَان عَنْهُم وخافهم وكان قديمًا للعَدُوِّ مُمَاصِعا فمات حميدًا مُسْلِم بْن خويلد لأهل التقى والحزم والحلم فاجعا ومُسْلِم بْن خويلد بْن زَيَّان الرَّاسِبي ، قُتِل يوْم النهروان ، وأم مُسْلِم أخت وَهْب الرَّاسِبي أعقب السَّجَّاد ، عَبْد اللَّه بْن وَهْب ذِي الثفنات ، وكان يُقَالُ لَهُ : السَّجَّاد .
الأسم | الشهرة | الرتبة |