حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن الْقَاسِم الكوكبي ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو المهلهل الْحُدَاني ، قَالَ : ارتحلتُ إِلَى الرمال فِي طلب مي صاحبةِ غيلانَ ذِي الرُّمَّة ، فَمَا زلتُ أطلب موضع بيتها حَتَّى أرْشِدتُ إِلَى البيت ، فإذا خيمة كبيرةٌ عَلَى بابها عجوز هتماء ، فسَلّمْتُ عليها ، ثُمّ قُلْتُ لها : أَيْنَ منزلُ مَيّ ؟ ، قَالَتْ : مَيُّ ذِي الرُّمة ، قُلْتُ : نعم ، قَالَتْ : أَنَا مي ، فعجبت ، ثُمّ قُلْتُ لها : العجب كُلّ العجب من ذِي الرُّمَّة وكثرة ما قَالَ فيك ، ولستُ أرى من الشاهد والوصف شيئًا ، فقالت : لا تَعْجَبَنَّ يا هَذَا منه ، فَإِنِّي سأقوم بعُذْره عندك ، قَالَ : ثُمّ قَالَتْ : يا فلانة ، قَالَ : فخرجت من الخيمة جاريةٌ ناهدةٌ عليها برقع ، فقالت : أسْفري عنك ، فَلَمَّا أسفرت تحيَّرتُ لِمَا رأيتُ من جمالها وبراعها وفصاحتها ، فقالت لي عَلِقَ ذو الرمة بي وأنا فِي سِنِّها ، فقلت : عَذَرَهُ اللَّهُ ورَحِمَه ، أنشديني ما قَالَ فيك ، قَالَ : فجعلت تُنْشد وأكتب أَنَا ما كنتُ مقيمًا عندها ، ثُمّ ارتحلتُ فكانت مما أنْشَدتني قوله : خليليّ لا رَبْعٌ بِوَهْبِينَ مُخْبِرٌ وَلا ذُو حجَى يَسْتَنْطِقُ الدار يُعذِرُ فَسِيرا فقد طال الوقوفُ ومَلَّه حراجيَجُ أمثالُ الحَنِيَّاتِ ضُمَّرُ فيا صَاح لو كَانَ الَّذِي بي من الهوى بِهِ لَمْ أذرْه أن يُعَزَّى ويُنظَرُ خَليليَ هَلا عُجْتَ إذْ أَنَا واقفٌ أَغِيضُ البكا فِي دَارِ مَيٍّ وأزْفُرُ القصيدة . . . قوله : عجوزٌ هَتْماء : الهَتَمُ : سقوطُ الأسنان من فوق ومن أسفل ، يُقال : امْرَأَة هتماء ورجل أهتم ، ويُقَالُ : ضربه فهتم فاه ، قَالَ الفَرَزْدَق : إنّ الأَرَاقِمَ لنْ يَنَال قَدِيمُها كلبٌ عوى مُتَهَتِّمُ الأسْنانِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |