اي الخلق اعجب ايمانا


تفسير

رقم الحديث : 294

حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن الْقَاسِم الكوكبي ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاس الْفَضْل بْن الْعَبَّاس الرَّبَعِيّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيم بْن عِيسَى بْن أَبِي جَعْفَر المَنْصُور ، قَالَ : سمعتُ عمي سُلَيْمَان بْن أَبِي جَعْفَر ، يَقُولُ : كُنْت واقفًا عَلَى رأس المَنْصُور ليلةً وعنده إِسْمَاعِيل بْن عَلِيّ ، وصالح بْن عَلِيّ ، وسليمان بْن عَلِيّ ، وعيسى بْن عَلِيّ ، فتذاكروا زوال ملك بني أُمَيَّة وما صنع بهم عَبْد اللَّه ، وقُتِل من قُتِل منهم بنهر أَبِي فِطْرَس ، فَقَالَ المَنْصُور : رحمة اللَّه ورضوانه عَلَى عمي ، أَلا مَنَّ عليهم حَتَّى يرَوْا من دوْلَتِنا من دولتهم ، ويرغبوا إلينا كَمَا رغبنا إليهم ، فلقد لَعَمْرِي عاشوا سُعَداء وماتوا فقراء ، فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيل بْن عَلِيّ : يا أمير الْمُؤْمِنِين ، إن فِي حَبْسِك عَبْد اللَّه بْن مَرْوَان بْن مُحَمَّد ، وَقَدْ كَانَتْ لَهُ قصة عجيبة مَعَ ملك النُّوبة ، فابعث فَسَلْهُ عَنْهَا ، فَقَالَ : يا مُسَيب ! عليَّ بِهِ ، فأَخْرَجَ فَتًى مُقَيَّدًا بِقَيْدٍ ثَقِيلٍ وَغُلٍّ ثَقِيلٍ فَمَثُلَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ : السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، فَقَالَ : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، رَدُّ السَّلامِ أَمْنٌ ، وَلَمْ تَسْمَحْ لَكَ نَفْسِي بِذَلِكَ بَعْدُ ، وَلَكِنِ اقْعُدْ ، فَجَاءُوا بِوِسَادَةٍ فَثُنِّيَتْ فَقَعَدَ عَلَيْهَا ، فَقَالَ لَهُ : لقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَتْ لَكَ قِصَّةٌ عَجِيبَةٌ مَعَ مَلِكِ النُّوبَةِ فَمَا هِيَ ؟ ، قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، لا وَالَّذِي أَكْرَمَكَ بِالْخِلافَةِ ، مَا أَقْدِرُ عَلَى النَّفَسِ مِنْ ثِقَلِ الْحَدِيدِ ، ولقد صَدِئ قَيْدي مما أُرَششُ عَلَيْه من البَوْل ، وأصبُّ عَلَيْه الماء فِي أوقات الصلوات ، فَقَالَ : يا مسيِّب ! أطلق عَنْهُ حَدِيدَه ، ثُمّ قَالَ : نعم يا أمير الْمُؤْمِنِين ، لما قَصدَ عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ إلينا ، كنتُ المطلوب من بَيْنَ الجماعة ، لأنِّي كنتُ وليَّ عَهْدِ أبِي مِنْ بعده ، فدخلتُ إِلَى خزانة ، فاستخرجتُ منها عشرة آلاف دينار ، ثُمّ دعوتُ عشرة من غلماني ، وحمَّلتُ كُلّ واحدٍ عَلَى دابَّة ودفعتُ إلى كُلّ غُلامٍ ألف دينار وأوقرتُ خمسة أبغُلٍ فُرْشًا ، وشَدَدْت فِي وسطي جوهرًا لَهُ قيمة مَعَ ألف دينار ، وخرجت هاربًا إِلَى بلاد النوبة فَسِرْتُ فيها ثلاثًا ، فوقفت إِلَى مدينة خراب ، فأمرت الغلمان لعدلوا إليها وكشحُوا منها ما كَانَ قذرًا ، ثُمّ بسطنا بعض تِلْكَ الْفُرُش ، ودعوتُ غلامًا لي كُنْت أثق بعقله ، فقلت : انطلق إِلَى الملك فأقْرِئِه مني السَّلام ، وخُذ لي منه الأمانَ وابْتَعْ لي مِيَرةً ، قَالَ : فأبطأ عليَّ حَتَّى سُؤْتُ بِهِ ظنًّا ، ثُمّ أقبل ومعه رَجُل آخر ، فَلَمَّا أن دخل كَفَرَ لي ثُمّ قعد بَيْنَ يدي ، فَقَالَ لي : الملك يقرأ عليك السَّلام ، وَيَقُولُ : لك من أَنْت ؟ وما جاء بك إِلَى بلادي ؟ أمحارب أم راغب إليّ أم مسْتَجِيرٌ بي ، قُلْتُ : ترد عَلَى الملك السَّلام ، وتقول لَهُ : أما محاربًا لك فمعاذ اللَّه ، فأما راغبًا فِي دينك فَمَا كُنْت أبغي بديني بَدَلا ، وأما مُستجيرٌ بك فَلَعَمْري ، قَالَ : فذهب ثُمّ رجع إليّ ، فَقَالَ : إن الملك يقرأ عليك السَّلام ، وَيَقُولُ لك : أَنَا صائر إليك غدًا فلا تُحْدِثَنَّ فِي نفسك حَدَثًا ، وَلا تَتَّخِذْ شيئًا من مِيَرةٍ فَإِنَّهَا تأتيك وما تحتاج إِلَيْهِ ، فأقبلت الميرةُ ، فأمرتُ غلماني ، ففرشوا ذَلِكَ الفرش كله وأمرت بفُرُشٍ ، فنُصِبَت لَهُ وُلي مثله ، وأقبلتُ من غدٍ أرْقُب مجيئه ، فبينا أَنَا كذلك إذ أقبل غلماني يحضرون ، قَالُوا : إن الملك قَدْ أقبل ، فقمتُ بَيْنَ شُرْفتين من شُرَف القَصْر أنظر إِلَيْهِ ، فإذا أَنَا برجلٍ قَدْ لَبِس بُرْدَيْن ائْتَزر بأحدهما ، وارتدى الآخر حافٍ راجلٍ ، وَإِذَا عشرة معهم الحراب ثلاثة يقدمونه وسبعة خلفه ، وَإِذَا الرَّجُل الموجهُ إِلَى جَنْبة فاستصغرتُ أمره ، وهان علي لما رأيتهُ فِي تِلْكَ الحال ، وسولَتْ لي نفسي قتله ، فلما قَرُب من الدار إذا أنا بسواد عظيم ، فقلت : ما هَذَا السواد ؟ ، فَقِيل : الخيلُ ، فوافى يا أمير الْمُؤْمِنِين زهاء عشرة آلاف عنان ، وكان موافاة الخيل الدار فِي وقت دخوله فأحْدَ قُواها ، فدخل إليّ فَلَمَّا نظر إليّ ، قَالَ لترجمانه : أَيْنَ الرَّجُل ؟ فأومأ الترجمانُ إليّ ، فَلَمَّا نظر إليّ وثبت لَهُ ، فأعظم ذَلِكَ وأخذ بيدي فقبلها ووضعها عَلَى صدره ، وَجَعَل يدفع ما والي الْفُسطاط برجله ويشوِّش الفَرْشَ ، فظننتُ أن ذَلِكَ شيئًا يجلونه أن يطئوا عَلَى مثله ، حَتَّى انتهى إِلَى الفَرْشِ ، فقلت لترجمانه : سبحان اللَّه لِمَ لَمْ يقعد عَلَى الموضع الَّذِي قَدْ وُطِّئ ، فَقَالَ : قل لَهُ : إني مَلِكٌ ، وحقُّ كُلّ ملك أن يتواضع لعظمةِ اللَّه إذ رفعه اللَّه ، قَالَ : ثُمّ أقبل طويلا ينكت بإصبعه فِي الأرض ، ثُمّ رفع رأسه ، فَقَالَ لي : كيف سُلِبتم هَذَا الْمُلْك وأخِذ منكم وأنت أقرب الناس إِلَى نبيَّكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ ، فقلت : جاء من كَانَ أقرب قرابة إِلَى نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسلبنا وقتلنا فَطُرِدْنا ، فخرجت إليك مُستجيرًا بِاللَّه عَزَّ وَجَلّ ، ثُمّ بك ، قَالَ : فلم كنتم تشربون الخمر وهي محرمةٌ عليكم فِي كتابكم ؟ ، فقلت : فعل ذَلِكَ عبيدٌ وأتباعٌ وأعاجمُ دخلوا فِي ملكنا ، من غَيْر رأينا ، قَالَ : فلم كنتم تَلْبَسُون الحرير والدِّيباج ، وعلى دوابكم الذهبُ والْفِضة وَقَدْ حُرِّم ذَلِكَ عليكم ، قُلْتُ : عُبَيْد وأتباعُ دَخَلُوا فِي مُلْكنا ، قَالَ : قَالَ : فلم كُنْتم أنتم بأعيانكم إذا خرجتُم إِلَى نُزَهِكُم وصَيْدكُم تَقَحَّمْتم عَلَى الْقُرى ، فكلَّفْتم أهلها ما لا طاقة لهم بِهِ ، بالضَّرب الوجيع ، ثُمّ لا يُقْنِعكُم ذَلِكَ حَتَّى تدوسُوا زُرُوعَكُم فتُفْسِدُوها فِي طلب دُرَّاجٍ قيمتُه نصف دِرْهَم ، أَوْ فِي عصفور قيمتهُ لا شيءَ والفساد محرَّمٌ عليكم فِي دينكم ، قُلْتُ : عبيدٌ وأتباع ، قَالَ : لا ولكنكم استحللتم ما حَرَّم اللَّه عليكم وأتَيْتُمْ ما عَنْهُ نَهاكُم ، فَسَلبَكُم اللَّه العزَّ وألبسكم الذُّل ، ولله فيكم نقمة لَمْ تبلغْ غايتها بعدُ ، وإني أتخوَّف أن تنزل النِّقْمةُ وهي إذا نزلت عَمَّتْ وشَمِلتْ ، فاخْرُجْ بعد ثلاث ، فَإِنِّي إن وجدتُك بعدها أخذْتُ جَمِيع ما معك وقتلتُك وقتلتُ جميعَ مَنْ معك ، ثُمّ وثب فخرج ، فأقمت ثلاثًا وخرجت إِلَى مصر ، فأخَذَني واليك فبعث بي إليك فهأنذا والموت أحبُّ إليّ من الحياة ، قَالَ : فَهَمَّ أَبُو جَعْفَر بإطلاقه ، فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيل بْن عَلِيّ : فِي عُنُقي بيعةٌ لَهُ ، قَالَ : فماذا ترى ؟ ، قَالَ : ينزلُ فِي دارٍ من دُورنا ونُجْرِي عَلَيْه ما يَجْري عَلَى مِثله ، قَالَ : فَفُعِل ذَلِكَ بِهِ ، فواللَّهِ ما أدري أمات فِي حبسه أم أطلقه المهديُّ .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.