حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخُرَاسَانِيُّ ، قَالَ : أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نَاصِحٍ ، قَالَ : أَبُو زَيْدٍ ، قَالَ : النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ ، قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى الْمَأْمُونِ ، وَعَلَيَّ أَطْمَارٌ أَخْلاقٌ غَسِيلٌ ، فَقَالَ لِي : يَا نَضْرُ ! تَدْخُلُ عَلَيَّ فِي مثل هَذِهِ الأَخْلاقِ ؟ ثُمَّ قَالَ : نَحْمِلُ مِنْكَ هَذَا عَلَى التَّقَشُّفِ ، ثُمَّ تَجَاذَبْنَا الْحَدِيثَ ، فَقَالَ الْمَأْمُونُ : حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ ، عَنْ مُجَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ لِدِينِهَا وَجَمَالِهَا وَكَمَالِهَا كَانَ فِيهِ سَدَادٌ مِنْ عَوَزٍ " ، قَالَ : فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ : أَخْبَرَنِي عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ لِدِينِهَا وَجَمَالِهَا وَكَمَالِهَا كَانَ فِيهِ سِدَادٌ مِنْ عَوَزٍ " ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ وَاسْتَوَى ، وَقَالَ : يَا نَضْرُ السَّدَادُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لَحْنٌ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينِ ، وَإِنَّمَا لَحَنَ هُشَيْمٌ ، فَقَالَ لِي : مَا الْفَرْقُ بَيْنَ السَّدَادِ وَالسِّدَادِ ، قُلْتُ : السَّدَادُ : الْقَصْدُ فِي الدِّينِ وَالسَّبِيلِ ، وَالسِّدَادُ : الْبُلْغَةُ فِي الشَّيْءِ أَسُدُّ بِهِ الشَّيْءَ ، فَقَالَ : هَلْ تَعْرِفُ ذَلِكَ الْعَرَبُ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، هَذَا الْعَرْجِيُّ مِنْ وَلَدِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، يَقُولُ : أَضَاعُونِي وَأَيَّ فَتًى أَضَاعُوا لِيَوْمِ كَرِيهَةٍ وَسِدَادِ ثَغْرِ كَأَنِّي لَمْ أَكُنْ فِيهِمْ وَسِيطًا وَلَمْ تَكُ نِسْبَتِي فِي آلِ عَمْرٍو فَأَطْرَقَ طَوِيلا ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ، وَقَالَ : قَبَّحَ اللَّهُ مَنْ لا أَدَبَ لَهُ ، ثُمَّ تَجَاذَبَا الْحَدِيثَ ، ثُمَّ قَالَ : قَبَّحَ اللَّهُ اللَّحْنَ ، قُلْتُ : مَا لَحَنَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَإِنَّمَا لَحَنَ هُشَيْمٌ ، وَكَانَ هُشَيْمٌ لَحَّانَةً ، فَتَبِعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَلْفَاظَهُ ، قَالَ : وَكَيْفَ رِوَايَتُكَ الشِّعْرَ ، قُلْتُ : قَدْ رَوَيْتُ الْكَثِيرَ مِنْهُ ، قَالَ : فَأَنْشِدْنِي فِي أَحْسَنِ مَا قَالَتِ الْعَرَبُ فِي الْحِكَمِ ، فَأَنْشَدْتُهُ : إِذَا كَانَ دُونِي مَنْ بُلِيتُ بِجَهْلِهِ أَبَيْتُ لِنَفْسِي أَنْ أُقَابِلَ بِالْجَهْلِ وَإِنْ كَانَ مِثْلِي فِي مَحَلِّي مِنَ الْعُلا هَوَيْتُ إِذًا حِلْمًا وَصَفْحًا عَنِ المثل وَإِنْ كُنْتُ أَدْنَى مِنْهُ فِي الْفَضْلِ وَالْحِجَا فَإِنَّ لَهُ حَقَّ التَّقَدُّمِ وَالْفَضْلِ قَالَ : مَا أَحْسَنَ مَا قَالَ ! فَأَنْشِدْنِي أَحْسَنَ مَا قَالَتِ الْعَرَبُ فِي الْحَزْمِ ، فَأَنْشَدْتُهُ : عَلَى كُلِّ حَالٍ فَاجْعَلِ الْحَزْمَ عُدَّةً لِمَا أَنْتَ بَاغِيهِ وَعَوْنًا عَلَى الدَّهْرِ فَإِنْ نِلْتَ أَمْرًا نِلْتَهُ عَنْ عَزِيمَةٍ وَإِنْ قَصَّرَتْ عَنْهُ الْحُقُوقُ فَفِي عُذْرِ فَقَالَ : مَا أَحْسَنَ مَا قَالَ فَأَنْشِدْنِي مَا قَالَتِ الْعَرَبُ فِي إِصْلاحِ الْعَدُوِّ حَتَّى يَكُونَ صَدِيقًا فَأَنْشَدْتُهُ : وَذِي غَيْلَةٍ سَالَمْتُهُ فَقَهَرْتُهُ فَأَوْقَرْتُهُ مِنِّي بِعِبْءِ التَّجَمُّلِ وَمَنْ لا يُدَافِعُ سَيِّئَاتِ عَدُوِّهِ بِإِحْسَانَهِ لَمْ يَأْخُذِ الطُّولِ مِنْ عَلِ وَلَمْ أَرَ فِي الأَشْيَاءِ أَسْرَعَ مَهْلَكًا لِضِغْنٍ قَدِيمٍ مِنْ وِدَادٍ مُعَجَّلِ قَالَ : مَا أَحْسَنَ مَا قَالَ فَأَنْشِدْنِي أَحْسَنَ مَا قَالَتِ الْعَرَبُ فِي السُّكُوتِ ، فَأَنْشَدْتُهُ : إِنِّي لَيَهْجُرُنِي الصَّدِيقُ تَجَنُّبًا فَأُرِيهِ أَنَّ لِهَجْرِهِ أَسْبَابَا وَأَرَاهُ إِنْ عَاقَبْتُهُ أَغْرَيْتُهُ فَيَكُونَ تَرْكِي لِلْعِتَابِ عِتَابَا وَإِذَا بُلِيتُ بِجَاهِلٍ مُتَحَكِّمٍ يَجِدُ الْمُحَالَ مِنَ الأُمُورِ صَوَابَا أَوْلَيْتُهُ مِنِّي السُّكُوتَ وَرُبَّمَا كَانَ السُّكُوتُ عَنِ الْجَوَابِ جَوَابَا ثُمَّ قَالَ : مَا مَالُكَ ؟ ، قُلْتُ : أُرَيْضَةٌ بِمَرْوِ الرُّوذِ أَتَمَزَّزُهَا ، قَالَ : أَفَلا نُفِيدُكَ مَالا ؟ ، قُلْتُ : إِنْ رَأَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ذَلِكَ ، فَدَعَا بِدَوَاةٍ وَقِرْطَاسٍ وَكَتَبَ ، وَلا أَدْرِي مَا كَتَبَ ، ثُمَّ قَالَ : إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُتْرِبَ الْكِتَابَ كَيْفَ تَأْمُرُ ، قُلْتُ : يَا غُلام أَتْرِبِ الْكِتَابَ ، قَالَ : فَهُوَ مَاذَا ؟ قُلْتُ : مُتْرَبٌ ، قَالَ : فَمِنَ السَّحَاةِ ، قُلْتُ : يَا غُلامُ اسْحِ الْكِتَابِ ، قَالَ : فَهُوَ مَاذَا ؟ قُلْتُ : كِتَابٌ مُسْحًى ، قَالَ : الطِّينُ ، قُلْتُ : يَا غُلامُ طِنِ الْكِتَابَ ، وَأَطِنِ الْكِتَابَ ، قَالَ : فَهُوَ مَاذَا ؟ قُلْتُ : مَطِينٌ وَمُطَانٌ ، قَالَ : يَا غُلام أَتْرِبْ وَاسْحِ وَطِنْ ، ثُمَّ قَالَ : امْضِ إِلَى الفَضْلِ بْنِ سَهْلٍ بِهَذَا الْكِتَابِ ، فَمَضَيْتُ فَأَوْصَلْتُهُ ، فَقَالَ : بِمَ اسْتَأْهَلْتَ أَنْ يَأْمُرَ لَكَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ؟ فَحَدَّثْتُهُ الْحَدِيثَ عَلَى جِهَتِهِ ، فَقَالَ : لَحَّنْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قُلْتُ : مَا لُحِّنَ ، وَإِنَّمَا لَحَّنَ هُشَيْمٌ ، فَتَبِعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَلْفَاظَهُ ، فَأَمَرَ لِي بِأَرْبَعِينَ أَلْفٍ أُخْرَى مِنْ عِنْدِهِ ، وَانْصَرَفْتُ بِكَلِمَةٍ أَفَادُوهَا بِتِسْعِينَ أَلْفِ دِرْهَمٍ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
ابْنِ عَبَّاسٍ | عبد الله بن العباس القرشي / توفي في :68 | صحابي |
الشَّعْبِيِّ | عامر الشعبي / ولد في :20 | ثقة |
مُجَالِدٍ | مجالد بن سعيد الهمداني / ولد في :48 / توفي في :144 | ضعيف الحديث |
هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ | هشيم بن بشير السلمي / ولد في :104 / توفي في :183 | ثقة ثبت كثير التدليس والإرسال الخفي |
الْمَأْمُونِ | المأمون بن هارون الرشيد / ولد في :170 / توفي في :218 | مجهول الحال |
النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ | النضر بن شميل المازني / ولد في :123 / توفي في :203 | ثقة ثبت |
أَبُو زَيْدٍ | أبو زيد النحوي | صدوق حسن الحديث |
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ | علي بن أبي طالب الهاشمي / توفي في :40 | صحابي |
الْحَسَنِ | الحسن البصري | ثقة يرسل كثيرا ويدلس |
أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نَاصِحٍ | أحمد بن عبيد النحوي | مقبول |
عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ | عوف بن أبي جميلة الأعرابي / ولد في :60 / توفي في :146 | صدوق رمي بالقدر والتشيع |
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخُرَاسَانِيُّ | عبد الله بن إسحاق البغوي / ولد في :261 / توفي في :349 | صدوق حسن الحديث |