حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مَزْيَد الْبُوشَنْجي ، قَالَ : حَدَّثَنَا الزُّبَير ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد البيدَق ، وكان أحسن الشعراء إنشادًا كَانَ إنشاده أحسن من الغناء ، قَالَ : دعاني هَارُون الرشيد فِي عشي يوْم وبَيْنَ يديه طبقٌ وَهُوَ يأكل مما فِيهِ ، ومعه الْفَضْل بْن الرَّبِيع ، فَقَالَ لي الْفَضْل : يا مُحَمَّد ، أنشد أمير الْمُؤْمِنِين ما يُسْتَحْسَنُ من مديحه ، فأنشدته للنمري ، فَلَمَّا بلغت إِلَى هَذَا الموضع . أيُّ امرئٍ بات من هَارُون فِي سَخَطٍ فَلَيْس بالصَّلَواتِ الخَمْس ينتفعُ إن المكارمَ والمعروف أوْدِيةٌ أحَلَّكَ اللَّه منها حيث تجتمع إذا رفعْت امْرأً فاللَّهُ رافِعُه ومن وضَعْتَ من الأقوام مُتَّضِعُ نفسي فداؤك والأبطال مُعْلَمَةٌ يوْم الوغي والمنايا بينهم قُرَعُ قَالَ : فأمر برفع الطعام ، وقَالَ : هَذَا واللَّه أطيب من كل الطعام ، ومن كُلّ شيء ، وأجاز النَّمرِيّ بجائزة سنية ، قَالَ مُحَمَّد البيدق : فأتيتُ النَّمرِيّ ، فعرفتُه أنِّي كنتُ سببَ الجائزة فلم يعطني شيئًا ، وشخص إِلَى رأس عين ، فأحفظني وأغاظني ، ثُمّ دعاني الرشيد يومًا آخر ، فَقَالَ : أنْشِدْني يا مُحَمَّد ، فأنشدته : شَاءٌ من الناسِ رَاتِعٌ هامِلْ يُعَلِّلُون النفوسِ بالبَاطِلْ فَلَمَّا بلغتُ إِلَى قوله : إِلا مَساعِيرُ يَغْضَبُون لها بِسَلَّةِ الْبِيضِ والقَنَا الذَّابِلْ قَالَ : أراه يُحرِّض عليَّ ، ابعثوا إِلَيْهِ من يجيئني برأسه ، فتكلم الْفَضْل بْن الرَّبِيع ، فلم يُغْنِ كلامه شيئًا ، فوجه الرَّسُول إِلَيْهِ ، فوافاه فِي اليوم الَّذِي مات فِيهِ وَقَدْ دُفن ، فأراد نبشه وصَلْبه ، فكُلِّم فِي ذَلِكَ فأمسك عَنْهُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |