رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على القبائل


تفسير

رقم الحديث : 370

حدثنا الحسين بْن القاسم الكوكبي ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبد اللَّه بْن مُوسَى القرشي ابْن أَبِي الدنيا ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن صالح الحسني ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي , عن نمير بْن قحيف الهلالي . قَالَ : كان في بني هلال فتى يقال له بشر ويعرف بالأشتر ، وكان سيدًا حسن الوجه شديد القلب سخي النفس ، وكان معجبًا بجارية من قومه تسمى جيداء ، وكانت الجارية بارعة الجمال ، فاشتهر أمره وأمرها ، ووقع الشر بينه وبين أهلها حتى قتلت بينهم القتلى وكثرت الجراحات ، ثُمَّ افترقوا واصطلحوا على ألا ينزل أحد منهم بقرب الآخر . قَالَ نمير بْن قحيف : فلما طال على الأشتر البلاء والهجر جاءني في ذات يوم . فقال : يا نمير ، هل فيك من خير ؟ قلت : عندي كل ما أحببت . قَالَ : أسعدني على زيارة جيداء ، فقد ذهب الشوق إليها بروحي , وتنغصت علي حياتي ، قلت : بالحب والكرامة ، فانهض إذا شئت ، فركب وركبت معه ، فسرنا يومنا وليلتنا والغد ، حتى إذا كان قريب من مغرب الشمس نظرنا إلى منازلهم ودخلنا شعبا خفيا فأنخنا راحلتينا وجلين ، فجلس عند الراحلتين . وقال : يا نمير اذهب بأبي أنت وأمي فأدخل الحي ، واذكر لمن لقيك أنك طالب ضاله ، ولا تعرضن بذكري بين شفة ولسان ، فإن لقيت جاريتها فلانة الراعية فأقرها مني السلام ، وسلها عن الخبر وأعلمها بمكاني ، فخرجت لا أعذر في أمري حتى لقيت الجارية فأبلغتها الرسالة وأعلمتها بمكانه وسألتها عن الخبر . فقالت : هي والله مشدد عليها متحفظ منها ، وعلى ذلك فموعدكما الليلة عند تلك الشجرات اللواتي عند أعقاب البيوت ، فانصرفت إلى صاحبي فأخبرته الخبر ، ثُمَّ نهضنا نقود راحلتينا حتى جئنا الموعد ، فلم نلبث إلا قليلا إذا جيداء ، قد جاءت تمشي حتى دنت منا ، فوثب إليها الأشتر فصافحها وسلم عليها وقمت موليًا عنهما . فقالا : إنا نقسم عليك إلا ما رجعت ، فوالله ما بيننا ريبة ولا قبيح نخلو به دونك ، فانصرفت راجعًا إليهما حتى جلست معهما ، فتحدثا ساعة ، ثُمَّ أرادت الانصراف . فقال لها الأشتر : أما فيك حيلة يا جيداء ، فنتحدث ليلتنا ويشكو بعضنا إلى بعض ؟ قالت : والله ما إلى ذلك سبيل إلا أن نعود إلى الشر الذي تعلم ، قَالَ لها الأشتر : لا بد من ذلك ولو وقعت السماء على الأرض . قَالَ : هل في صديقك هذا من خير أو معه مساعدة لنا ؟ قَالَ : الخير كله . قالت : يا فتى هل فيك من خير ؟ قلت : سلي ما بدا لك فإني منته إلى رأيك , ولو كان في ذلك ذهاب روحي ، فقامت فنزعت ثيابها فجعلتها على فلبستها . ثُمَّ قالت : انزع ثيابك فخلعتها فلبستها , ثُمَّ قالت : اذهب إلى بيتي فادخل إلى خبائي فإن زوجي سيأتيك بعد ساعة أو ساعتين فيطلب منك القدح ليحلب فيه الإبل فلا تعطه إياه حتى يطيل طلبه ثُمَّ ارمه به رميًا ولا تعطه إياه من يدك فإني كذلك كنت أفعل به ، فيذهب فيحلب ، ثُمَّ يأتيك عند فراغه من الحلب والقدح ملآن لبنًا , فيقول : هاك غبوقك ، فلا تأخذ منه حتى يطيل ، نكدًا عليه ، ثُمَّ خذه أو دعه حتى يضعه ، ثُمَّ لست تراه حتى يصبح إن شاء الله . قَالَ : فذهبت ففعلت ما أمرتني به حتى إذا جاء بالقدح الذي فيه اللبن أمرني أن آخذه فلم آخذه حتى طال نكدي عليه ، ثُمَّ أهويت لأخذه وأهوى ليضعه واختلفت يدي ويده ، فانكفأ القدح وانفق ما فيه ، فقال : إن هذا طماح مفرط ، وضرب بيده إلى مقدم البيت , فاستخرج منه سوطًا مفتولا كمتن الثعبان المطوق ثُمَّ دخل علي فهتك الستر عني وقبض بشعري ثُمَّ أتبع ذلك السوط متني ، فضربني تمام ثلاثين ، ثُمَّ جاءت أمه وأخوته وأخت له انتزعوني من يده ، ولا والله ما أقلع حتى زايلني روح وهممت أن وإن كان فيه الموت ، فلما خرجوا عني وهو معهم شددت ستري وقعدت كما كنت ، فلم ألبث إلا قليلا حتى إذا أوجره السكين أم جيداء قد دخلت تكلمني ، فكلمتني وهي تحسبني ابنتها ، فأتقيها بالسكات والبكاء ، وتغطيت بثوبي دونها ، فقالت : يا بنية اتقي الله ربك ولا تعرضي لمكروه زوجك ، فذاك أولى بك ، فأما الأشتر فلا أشتر لك آخر الدهر ، ثُمَّ خرجت من عندي . وقالت : سأرسل إليك أختك تؤنسك وتبيت عندك الليلة ، فلبثت غير ما كثير ، فإذا الجارية قد جاءت فجعلت تبكي وتدعو على من ضربني ، وجعت لا أكلمها ، ثُمَّ اضطجعت إلى جانبي ، فلما استمكنت منها شددت بيدي على فمها ، وقلت : يا هذه تلك أختك مع الأشتر ، وقد قطع ظهري الليلة في سببها ، وأنت أولى بالستر عليها ، فاختاري لنفسك ولها ، فوالله لئن تكلمت بكلمة لأصيحن بجهدي حتى تكون الفضيحة شاملة ، ثُمَّ رفعت يدي عنها فاهتزت الجارية كما تهتز القصبة من الزرع ، ثُمَّ بات معي منها أملح رفيق رافقته , وأعفه وأحسنه حديثًا فلم تزل تتحدث وتضحك مني ومما بليت به من الضرب حتى برق النور , وإذا جيداء قد دخلت علينا من آخر البيت ، فلما رأتنا ارتاعت وفزعت , وقالت : ويلك من هذا عندك ؟ قلت : أختك . قالت : وما السبب ؟ قلت : هي تخبرك ، ولعمر الله إنها لعالمة بما نزل بي ، وأخذت ثيابي منها ومضيت إلى صاحبي ، فركبنا ونحن خائفان ، فلما أطمأننا حدثته بما أصابني , وكشفت عن ظهري فإذا فيه ما غرس الله من ضربة إلى جانب أخرى ، كل ضربة تخرج الدم وحدها ، فلما رأى ذلك ، قَالَ : لقد عظمت صنيعتك ووجب شكرك إذ خاطرت بنفسك فبلغني الله مكافأتك . قال الكوكبي , وحدثني أَحْمَد بْن جَعْفَر المستملي ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو يونس مُحَمَّد بْن نعيم الوراق ، حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن صالح مثله سواء .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.