حدثنا أَبُو النضر العقيلي , قَالَ : حَدَّثَنِي يعقوب بْن بنان . قَالَ : قَالَ أَبُو العباس ابْن الفرات , حَدَّثَنِي دينار بْن يزيد بْن عَبد اللَّه ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عن يحيى بْن خاقان ، قَالَ : كنت كاتب الحسن بْن سهل ، فقدم المأمون مدينة السلام ، فقال لي : يا يحيى خلوت بالسواد ولعبت في أموالي واحتجنتها واقتطعتها ، قَالَ : فقلت : يا أمير المؤمنين إنما أنا كاتب لرجل ، والمناظرة في الأموال والأعمال مع صاحبي لامعي ، قَالَ : ما أطلب غيرك ، ولا أعرف سواك , فصالحني على مائة ألف ألف ، قَالَ : فضحكت . فقال : يا يحيى أجد وتهزل ؟ قلت : يا أمير المؤمنين إنما ضحكت تعجبًا ، وبالله ما أملك إلا سبع مائة ألف درهم ، فكيف أصالحك على مائة ألف ألف ؟ قَالَ : دع عنك وأعطني خمسين ألف ألف . قَالَ : فما زلت أجاذبه ويجاذبني إلى أن بلغ إلى اثني عشر ألف ألف ، فلما بلغ إليها , قَالَ : نفيت من الرشيد إن نقصتك شيئا منها ، فقلت : السمع والطاعة ، قَالَ : أقم لي ضمينا إن لم تف طالبته بها ، قلت : صاحبي يا أمير المؤمنين يضمنني . قَالَ : أتراني إن دافعت بالأداء أطالب الحسن بْن سهل بما عليك ؟ هذا ما لا يكون . قَالَ : فقلت : عَبد اللَّه بْن طاهر . فقال : عَبد اللَّه سبيله سبيل صاحبك . قلت : فحميد ، قَالَ : وهذه سبيله ، فقلت : ففرج مولاك يا أمير المؤمنين ، قَالَ : ملي والله وفي ثقة ، ثُمَّ التفت إلى فرج . فقال : أتضمنه يا فرج ؟ قَالَ : نعم يا أمير المؤمنين . فقال : إني والله أحرجه بالإلحاح عليه في المطالبة حتى يهرب أو يستتر , ثُمَّ آخذك بالمال فتؤديه لأنك ملي به ، فقال فرج : صاحبي ثقة وهو لا يخفرني إن شاء الله . قَالَ يحيى : فكتبت إلى الحسن بْن سهل , وعبد الله بْن طاهر , وحميد , ودينار بْن عَبد اللَّه , وغسان , ورجال المأمون أسألهم إعانتي في هذا المال . قَالَ : فحملوه إلي كله عن آخره ، حمل كل إنسان منهم على قدره . قَالَ يحيى : وكتبت رقعه إلى المأمون أعرفه أن المال قد حضر وأسأله أن يأمر بقبضه . قَالَ : فأحضرني ، فلما وقعت عينه علي . قَالَ لي : يا خائن الحمد لله الذي بين خيانتك وأظهر لي كذبك ، ألم تذكر أنك لا تملك إلا سبع مائة ألف درهم ، فكيف تهيأ لك أن حملت في عشرة أيام اثني عشر ألف ألف ؟ قَالَ : قلت : حملتها يا أمير المؤمنين من هذه الجريدة ، ودفعت إليه الجريدة بأسماء من حمل المال ومبلغ ما حمل كل واحد منهم ، قَالَ : فقرأ الجريدة , ثُمَّ أطرق مليًا ورفع رأسه . فقال : لا يكون أصحابنا أجود منا بهذا المال ، قد وهبناه لك وأبرأنا ضمينك ، قَالَ يحيى : فانصرفت ورددت المال إلى أصحابه فأبو أن يقبلوه , وقالوا : قد وهبناه لك فاصنع به ما أحببت ، قَالَ فحلفت أن لا أقبل منه درهمًا واحدًا ، وقلت لهم : أخذته في وقت حاجتي إليه ، ورددته عند استغنائي عَنْهُ ، وقبولي إياه في هذا الوقت ضرب من التغنم ، فرددته عليهم .
الأسم | الشهرة | الرتبة |