طير الجنة


تفسير

رقم الحديث : 559

حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغَلابِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ عَائِشَةَ ، قَالَ الْكَوْكَبِيُّ : وَحَدَّثَنَا عِسْلُ بْنُ ذَكْوَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا التَّوَّزِيُّ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، قَالَ الْكَوْكَبِيُّ : وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ صَخْرٍ ، قَالَ الْكَوْكَبِيُّ : وَحَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الضَّرِيرُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ عَائِشَةَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُخْتَارِ ، عَنْ أَبِيهِ ، يُزِيدُ بَعْضُهُمْ عَلَى حَدِيثِ بَعْضٍ ، قَالُوا : كَانَ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ جَمَاعَةُ نَفَرٍ مِنْ سُمَّارِهِ فِي ذَاتِ لَيْلَةٍ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ لَقَدْ فَنَى مِنِّي اللَّذَّاتُ مِنَ الْمَطَاعِمِ وَالْمَشَارِبِ إِلا مِنْ صَبِيٍّ صَغِيرٍ يُلاعِبُنِي وَأُلاعِبُهُ , وَأَضُمُّهُ إِلَى صَدْرِي ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ : أَفَلا أَدُلُّكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى امْرَأَةٍ لَوْ تَزَوَّجْتَهَا عُدْتَ بِهَا شَابًّا فِي سِنِّ ابْنِ ثَلاثِينَ سَنَةً ثُمَّ , لا تَزَالُ مَعَهَا أَنْعَمَ النَّاسِ عَيْشًا بَقِيَّةَ عُمُرِكَ ؟ قَالَ مُعَاوِيَةُ : وَمَنْ هِيَ ؟ ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ أَبُو الْعَيْنَاءِ دُونَ الْجَمَاعَةِ : هِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ ، وَقَالَتِ الْجَمَاعَةُ دُونَ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ : هِيَ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو ، وَأَحْسِبُهُ هُوَ الثَّبْتُ ، قَالَ مُعَاوِيَةُ : أَوَ لَيْسَتْ تَحْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ ؟ قَالَ : بَلَى ، قَالَ : فَبِئْسَ مَا عَرَضْتَ بِهِ إِلَيَّ ، أَنْ تَذْكُرَ زَوْجَةَ رَجُلٍ مِنْ خِيَارِ قُرَيْشٍ ، قَالَ عَمْرٌو : رَأَيْتُكَ حَدَّثْتَ نَفْسَكَ بِشَيْءٍ فَعَرَضْتُ عَلَيْكَ مَا عَرَضْتُ ، وَقَدْ يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَيَتَزَوَّجُهَا غَيْرُهُ ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : اكْتُمُوا هَذَا الأَمْرَ لا تُشْهِرُوهُ ، فَلَعَمْرِي إِنْ نَالَ أَحَدٌ حَاجَتَهُ بِالرِّفْقِ وَالتَّأَنِّي وَالْحِيلَةِ لأَنَالَهُ مِنْهَا ، ثُمَّ دَعَا مُعَاوِيَةُ خَادِمًا لَهُ مِنْ أَبَرِّ خَدَمِهِ عِنْدَهُ وَأَخَصِّهِمْ لَدَيْهِ , فَقَالَ لَهُ : انْطَلِقْ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ فَزُرْهُ , وَإِذَا حَضَرَ الْبَابَ فَأَلْطِفْهُ وَأَكْرِمْهُ وَأَوْقِعْ فِي قَلْبِهِ كَثْرَةَ ذِكْرِي لَهُ , وَأَنِّي رُبَّمَا ذَكَرْتُهُ عَنْ نِسَائِي وَحَرَمِي وَحَيْثُ لا يُذْكَرُ فِيه أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ إِلا لِقَدْرِهِ عِنْدِي وَمَنْزِلَتِهِ مِنِّي ، فَإِذَا أَوْقَعْتَ ذَلِكَ فِي قَلْبِهِ فَأَعْلِمْنِي ، فَفَعَلَ الْخَادِمُ مَا أَمَرَهُ بِهِ حَتَّى ظَنَّ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ بِمَنْزِلَتِهِ عِنْدَهُ ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِلْخَادِمِ : انْطَلِقِ الآنَ شِبْهَ النَّاصِحِ وَالْمُتَحَظِّي عِنْدَهُ فَمُرْهُ أَنْ يَخْطُبَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ابْنَتَهُ رَمْلَةَ ، وَشَجِّعْهُ عَلَى ذَلِكَ ، وَاضْمَنْ لَهُ أَنَّكَ تُخَلِّيهِ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا أَحَبَّ ، فَتَهَيَّأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ لِذَلِكَ وَهَيَّأَ لَهُ كَلامَهُ ، فَأَدْخَلَهُ الْخَادِمُ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَبَرَّهُ , وَأَلْطَفَهُ وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ يُحَدِّثُهُ ، وَدَعَا بِالطَّعَامِ وَأَلْوَانِ الأَشْرِبَةِ وَأَقْبَلَ يَسْتَطْعِمُهُ الْكَلامَ ، فَحَصِرَ عَبْدُ اللَّهِ وَانْقَطَعَ وَانْقَبَضَ وَهَابَهُ ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ حِينَ رَأَى حَصَرَهُ وَهَيْبَتَهُ : إِنَّهُ يَمْنَعُكَ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْخَلْوَةُ ، قُلْ مَا أَحْبَبْتَ وَانْبَسِطْ فِي كَلامِكَ ، وَسَلْ مَا أَحْبَبْتَ ، فَدَعَا لَهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ , وَانْصَرَفَ يَوْمَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يُكَلِّمْهُ فِي شَيْءٍ ، فَدَعَا مُعَاوِيَةُ خَادِمَهُ ذَلِكَ فَأَعْلَمَهُ أَنَّ الرَّجُلَ هَابَ وَحَصِرَ , فَاغْدُ إِلَيْهِ وَمُرْهُ أَنْ يَسْأَلَ حَاجَتَهُ وَشَجِّعْهُ وَأَعْلِمْهُ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَاضٍ حَاجَتَهُ ، فَمَضَى الْخَادِمُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ , فَأَمَرَهُ بِالْعَوْدِ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَمَسْأَلَتِهِ حَاجَتِهِ فَإِنَّهُ لَنْ يُمْنَعَ مَا يُرِيدُ ، فَغَدَا عَبْدُ اللَّهِ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَكْرَمَهُ وَأَلْطَفَهُ , وَدَعَا لَهُ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ ، فَلَمَّا أَكَلا وَشَرِبَا , قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : جِئْتُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي حَاجَةٍ عَلَى حُسْنِ ظَنِّي بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْزِلَتِي مِنْهُ ، فَإِنْ وَافَقَ مِنْهُ مَا أَحَبَّ فَذَاكَ الَّذِي أَبْغِي ، وَإِنْ خَالَفَهُ فَأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سَخَطِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَمِنْ مَوْجِدَتِهِ ، قَالَ مُعَاوِيَةُ : تَكَلَّمْ يَابْنَ أَخِي بِمَا بَدَا لَكَ ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : جِئْتُكَ أَخْطُبُ ابْنَتَكَ رَمْلَةَ ، قَالَ : فَنَظَرَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ شِبْهَ الْمُنْكِرِ عَلَيْهِ الْمُسْتَعْظِمِ لَهُ وَالْمُنْقَبِضِ مِنْهُ , ثُمَّ قَالَ : نَنْظُرُ فِي ذَلِكَ ، فَقَامَ ابْنُ عَامِرٍ , وَقَدْ سَقَطَ فِي يَدَيْهِ , وَظَنَّ أَنَّهُ أَغْضَبَهُ ، فَلَمَّا خَرَجَ دَعَا مُعَاوِيَةُ خَادِمَهُ , فَقَالَ : انْطَلِقِ الآنَ فَلا تَظْهَرْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ، فَإِنَّ ابْنَ عَامِرٍ سَيَطْلُبُكَ ، ثُمَّ الْقَهُ بَعْدُ وَأَعْلِمْهُ أَنَّهُ أَحْمَقُ رَجُلٍ فِي قُرَيْشٍ وَأَقَلُّهُمْ عَقْلا حَيْثُ يَخْطُبُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ابْنَتَهُ وَعِنْدَهُ امْرَأَةٌ غَيْرُهَا ، إِنَّمَا يُرِيدُ الإِضْرَارَ بِهَا وَأَنْ يُؤْذِيَهَا ، وَتَشَدَّدْ بِذَلِكَ ، وَمُرْهُ أَنْ يَعُودَ وَيَكْتُبَ كِتَابًا يَذْكُرُ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَطْلُبْ هَذَا الأَمْرَ , وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَضُرَّ بِابْنَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ , وَيَكُونَ عِنْدَهُ غَيْرُهَا ، وَأَنَّهُ يُخَلِّي عَنْ كُلِّ امْرِأَةٍ تَعْظِيمًا لِحَقِّهَا ، فَفَعَلَ الْخَادِمُ ذَلِكَ ثُمَّ لَقِيَ ابْنَ عَامِرٍ فَبَلَغَ مِنْهُ مَا أَرَادَ ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَامِرٍ : كَيْفَ الْحِيلَةُ لإِصْلاحِ هَذَا الأَمْرِ ؟ قَالَ : تَدْخُلُ إِنْ شِئْتَ أَوْ تَكْتُبُ كِتَابًا تَذْكُرُ فِيهِ أَنَّكَ مُطَلِّقٌ لِنِسَائِكَ إِكْرَامًا لابْنَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَعْظِيمًا لِحَقِّهَا ، فَفَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عَامِرٍ ، فَلَمَّا قَرَأَ مُعَاوِيَةُ كِتَابَهُ دَعَا بِعَشَرَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ , ثُمَّ قَالَ : إِنَّكُمْ عَرَفْتُمْ حَالَ ابْنِ عَامِرٍ فِي شَرَفِهِ وَحَسَبِهِ وَمَكَانِهِ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَقَرَابَتِهِ ، وَقَدْ خَطَبَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ابْنَتَهُ ، وَقَدْ زَوَّجَهُ عَلَى مَا ضَمِنَ مِنْ تَطْلِيقِ مَا عِنْدَهُ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ عِنْدَ ذَلِكَ : فَإِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، كَمَا قَالَ أَبُو الْعَيْنَاءِ ، وَقَالَ غَيْرُهُ : فَإِنَّ هِنْدَ بِنْتَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ ، فَدَعَا لَهُ مُعَاوِيَةُ وَالْقَوْمُ جَمِيعًا ، ثُمَّ خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى دَارٍ سِوَى الدَّارِ الَّتِي كَانَتْ فِيهَا ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهَا أَنِ اعْتَدِّي ، فَلَمَّا أَتَاهَا الرَّسُولُ , قَالَتْ لَهُ : وَيْحَكَ مَالَكَ ؟ قَالَ : طَلَّقَكِ عَبْدُ اللَّهِ ، قَالَتْ : مَا أَظُنُّهُ فَعَلَ هَذَا وَعَقْلُهُ مَعَهُ ، ثُمَّ سَأَلَتْ عَنِ الأَمْرِ فَأُخْبِرَتْ ، فَدَعَتْ قَهْرَمَانَهَا فَأَمَرَتْهُ أَنْ يُجَهِّزَهَا ، ثُمَّ ارْتَحَلَتْ نَحْوَ الْمَدِينَةِ ، وَقَالَتْ : فَرَّقَ مُعَاوِيَةُ بَيْنِي وَبَيْنَ صَاحِبِي لِيَتَزَوَّجَنِي ، وَاللَّهِ لا يَصِلُ إِلَى ذَلِكَ حَتَّى يَصِلَ إِلَى أُمِّهِ ، وَقِيلَ لِمُعَاوِيَةَ إِنَّهَا قَدْ شَخَصَتْ ، قَالَ : دَعْهَا فَلْتَذْهَبْ حَيْثُ شَاءَتْ فَلَعَمْرِي لا تَخْرُجُ مِنْ سُلْطَانِي إِلا أَنْ تَخْرُجَ إِلَى أَرْضِ الشِّرْكِ . فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ ، وَهُوَ عَامِلُهُ عَلَى الْمَدِينَةِ ، يَأْمُرُهُ أَنْ يَخْطُبَهَا عَلَيْهِ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا بِذَلِكَ ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ : إِنَّ عِدَّتِي لَمْ تَنْقَضِ ، فَقَالَ : نَحْنُ أَعْلَمُ بِعِدَّتِكِ ، فَقَالَتْ : فَإِنِّي لا أُخْبِرُكَ دُونَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ، ثُمَّ أَرْسَلَتْ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ : إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَأْتِيَنِي لأَمْرٍ أَسْتَفْتِيكَ فِيهِ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا : إِنَّ مِثْلِي لا يَأْتِي النِّسَاءَ لِلْفُتْيَا ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ : إِنْ لَمْ تَأْتِنِي أَتَيْتُكَ فِي مَجْلِسٍ حَاسِرَةً , فَإِنْ كُنْتَ تَرْضَى أَنْ تَخْرُجَ إِلَيْكَ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ حَاسِرَةً حَتَّى تُفْتِيَهَا فَأَنْتَ وَرَأْيُكَ ، فَأَعْظَمَ ذَلِكَ وَخَرَجَ حَتَّى أَتَاهَا ، فَأَذِنَتْ لَهُ فَدَخَلَ وَأَمْسَكَ جَوَارِيهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ثَوْبًا ، فَحَمِدَتِ اللَّهَ وَصَلَّتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَالَتْ : أَعِنْدَكَ يَابْنَ رَسُولِ اللَّهِ خَيْرٌ ؟ قَالَ الْحَسَنُ : وَاللَّهِ لَقَدْ أَلْجَأْتِنِي إِلَى أَمْرٍ لَمْ يَكُنْ مِنْ كَلامِي ، مَنْ أَحَقُّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ الْخَيْرُ مِنِّي ، وَأَدْنَى طَرَفَيْ رَسُولُ اللَّهِ , وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا ، قَالَتْ : إِنَّهُ كَانَ مِنْ مُعَاوِيَةَ فِي فُرْقَتِهِ بَيْنِي وَبَيْنَ صَاحِبِي مَا أَحْسِبُ أَنَّهُ قَدْ بَلَغَكَ ، وَاللَّهِ مَا لِي فِيهِ مِنْ حَاجَةٍ ، وَلَقَدِ اخْتَرْتُكَ لِنَفْسِي ، فَإِنْ وَجَدْتَ أَحَدًا أَحَقَّ بِي مِنْكَ فَقَدْ رَضِيتُ بِحُكْمِكَ ، أَوْ مَا شِئْتَ ، قَالَ الْحَسَنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : قَدْ عَلِمْتِ مَا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ مُعَاوِيَةَ حَتَّى أَصْلَحَ اللَّهُ ذَلِكَ ، وَهَذَا أَمْرٌ مَا أُحَدِّثُ بِهِ نَفْسِي ، وَمَا لِي يَوْمِي هَذَا فِيهِ مِنْ حَاجَةٍ ، قَالَتْ : أُذَكِّرُكَ اللَّهَ أَنْ تَرُدَّ عَلَيَّ نَفْسِي بَعْدَ إِذْ بَذَلْتُهَا لَكَ وَاخْتَرْتُكَ ، قَالَ : مَا لِي إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ ، فَلَمَّا رَأَتْ تَأَبِّيهِ عَلَيْهَا , قَالَتْ لِجَوَارِيهَا : نَحِّينَ الثَّوْبَ عَنِّي ، فَنَحَّيْنَ الثَّوْبَ , فَإِذَا بِمِثْلِ الْقَمَرِ لأَرْبَعَ عَشَرَ ، وَكَانَتْ مِنْ أَحْسِنِ النِّسَاءِ وَأَتَمِّهِنَّ , وَكَانَ الْحَسَنُ صَاحِبَ نِسَاءٍ ، فَلَمَّا رَأَى جَمَالَهَا ، وَلَمْ يَكُنْ رَأَى مِثْلَهَا أَخَذَتْ بِقَلْبِهِ ، فَقَالَ : قَدْ رَضِيتُ وَقَبِلْتُ ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَأَشْهَدَتْهُمْ أَنَّهَا قَدْ جَعَلَتْ أَمْرَهَا إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَأَشْهَدَهُمْ أَنَّهُ قَدْ تَزَوَّجَهَا عَلَى كَذَا وَكَذَا ، وَبَلَغَ الْخَبَرُ مَرْوَانَ , فَأَرْسَلَ إِلَى الْحَسَنِ , فَحَبَسَهُ ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَحَبَسَهَا وَأَقَامَ عَلَيْهَا الرُّقَبَاءَ ، وَكَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ يُعْلِمُهُ أَنَّ الْحَسَنَ وَثَبَ فَتَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ عِلْمِ قَاضٍ وَلا سُلْطَانٍ وَلا وَلِيٍّ ، جُرْأَةً عَلَيْكَ وَخِلافًا لَكَ ، وَإِنِّي قَدْ أَمَرْتُ بِحَبْسِهِمَا إِلَى أَنْ يَأْتِيَنِي مِنْكَ رَأْيٌ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ : قَدْ فَهِمْتُ مَا كَتَبْتَ بِهِ فِي أَمْرِ الْحَسَنِ وَأَمْرِهَا ، وَقَدْ أَجَبْتُكَ فِي ذَلِكَ بِكِتَابٍ بَعَثْتُ بِهِ إِلَيْكَ مَخْتُومًا ، فَاجْمَعْ إِلَيْكَ ثَلاثِينَ رَجُلا مِنْ قُرَيْشٍ ، ثُمَّ فُضَّ الْخَاتَمَ بِحَضْرَةِ الْحَسَنِ وَحَضْرَةِ الْقَوْمِ ، ثُمَّ اقْرَأْ كِتَابِي وَاعْمَلْ بِمَا فِيهِ ، فَفَعَلَ ذَلِكَ مَرْوَانُ ، فَإِذَا فِيهِ ، أَمَّا بَعْدُ , فَإِنَّكَ كَتَبْتَ إِلَيَّ تَذْكُرُ مِنْ تَزْوِيجِ الْحَسَنِ بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ وَلا عِلْمِ سُلْطَانٍ , وَسَأَلْتَنِي أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكَ بِرَأْيِي فِيهِمَا وَمَكَانِهِمَا ، وَلَعَمْرِي مَا بَلَغَ مِنْ أَمْرِ مُعَاوِيَةَ أَنْ يُحَرِّمَ شَيْئًا قَدْ أَحَلَّهُ اللَّهُ أَوْ يُحِلَّ شَيْئًا قَدْ حَرَّمَهُ اللَّهُ ، وَالْحَسَنُ إِنَّمَا تَرَكَ أَنْ يُعْلِمَ السُّلْطَانَ لِمَخَافَتِهِ مِنِّي ، لِمَا سَبَقَ مِنْ خِطْبَتِي الْمَرْأَةَ قَبْلَهُ ، وَاخْتَارَتْهُ وَآثَرَتْهُ عَلَيَّ ، فَإِذَا قَرَأْتَ كِتَابِي هَذَا فَخَلِّ عَنِ الْحَسَنِ ، وَادْفَعْ إِلَيْهِ زَوْجَتَهُ ، وَلا تَعَرَّضْ لَهُمَا فِي شَيْءٍ يُؤْذِيهِمَا ، وَادْفَعْ إِلَى الْحَسَنِ مِنْ مَالِي قِبَلَكَ عَشَرَةَ آلافِ دِينَارٍ مَعُونَةً لَهُ عَلَى تَزْوِيجِهِ ، وَادْفَعْ إِلَى زَوْجَتِهِ خَمْسَةَ آلافِ دِينَارٍ ، وَأَحْسِنْ جِوَارَهُمَا ، فَلَمَّا قَرَأَ مَرْوَانُ الْكِتَابَ قَبِلَ مَا أُمِرَ بِهِ وَأَعَانَهُمَا أَيْضًا مِنْ مَالِهِ ، وَمَنَعَ مُعَاوِيَةُ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ ابْنَتَهُ , وَقَالَ : إِنَّمَا زَوَّجْتُكَ عَلَى أَنْ أَتَزَوَّجَ امْرَأَتَكَ وَبِنْتِي صَغِيرَةٌ حَتَّى تَبْلُغَ ، فَاسْتَأْذَنَ ابْنُ عَامِرٍ لِلْحَجِّ وَأَتَى الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْحَسَنَ عَلَى بَابِهِ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ فَسَلَّمَ ، فَرَحَّبَ بِهِ الْحَسَنُ وَأَنْزَلَهُ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَامِرٍ : أَبَا مُحَمَّدٍ أَتَأْذَنُ فِي الدُّخُولِ عَلَى فَاطِمَةَ ، بِلَفْظِ أَبِي الْعَيْنَاءِ ، وَالسَّلامِ عَلَيْهَا ؟ قَالَ : وَكَرَامَةً ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهَا هَذَا ابْنُ عَمِّكِ عَبْدُ اللَّهِ يُرِيدُ الدُّخُولَ عَلَيْكِ فَأْذَنِي لَهُ ، فَأَذِنَتْ لَهُ وَجَلَسَتْ وَأَخَذَتْ زِينَتَهَا ، ثُمَّ قَامَ الْحَسَنُ فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَإِذَا هِيَ تَبْكِي ، فَقَالَ الْحَسَنُ : يَا هَذَا قَدْ عَلِمْتُ مثل هَذَا ، وَقَدْ صَيَّرَ اللَّهُ الأَمْرَ إِلَى مَا تُرِيدُ ، وَأَنَا طَيِّبُ النَّفْسِ بِالنُّزُولِ عَنْهَا ، وَالتَّخْلِيَةِ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا غَيْرَ زَاهِدٍ فِيهَا وَلا قال لَهَا ، وَلَكِنْ كَرَاهَةَ مَسَاءَتِكَ ، قَالَ ابْنُ عَامِرٍ : لا وَاللَّهِ مَا لِي بِذَاكَ مِنْ حَاجَةٍ ، وَقَالَتْ هِيَ : وَاللَّهِ لا أَرْجِعُ إِلَيْهِ وَقَدْ طَلَّقَنِي بِغَيْرِ ذَنْبٍ وَلا حَدَثٍ إِلا طَمَعًا فِي ابْنَةِ مُعَاوِيَةَ ، قَالَ الْحَسَنُ : فَمَا بُكَاؤُكُمَا ؟ قَالَتْ : ذَكَرْتُ ابْنَتِي حَيْثُ نَظَرْتُ إِلَى وَجْهِهِ ، وَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ مِنْهَا ابْنَةٌ ، وَكَانَتْ عِنْدَ أَخَوَاتِ عَبْدِ اللَّهِ بِالْمَدِينَةِ ، ثُمَّ كَشَفَ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ شَيْءٍ تَحْتَ ثَوْبِهِ , فَإِذَا سَفَطَانِ فِي أَحَدِهِمَا جَوْهَرٌ وَفِي الآخِرِ دُرٌّ ، فَقَالَ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّ هَذَا شَيْءٌ كَانَ لِي عِنْدَهَا سَأَلْتُهَا عَنْهُ وَمَا أَطْمَعُ أَنْ تَرُدَّهُ عَلَيَّ ، وَمَا أَظُنُّ أَحَدٌ تَسْخُو نَفْسُهُ عَنْ مِثْلِهِ ، فَرَدَّتْهُ عَلَيَّ ، فَأَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَمَا أَخَذْتَ مِنْهُ حَاجَتَكَ ، قَالَ الْحَسَنُ : مَا لِي فِيهِ مِنْ حَاجَةٍ وَأَنْتَ أَحَقُّ بِمَالِكَ ، وَلَكِنْ حَاجَتِي إِلَيْكَ غَيْرُ هَذَا ، أُحِبُّ أَنْ تُسْعِفَنِي بِهَا ، قَالَ : مَا هِيَ ؟ قَالَ : ابْنَتُكَ هِيَ ابْنَتِي وَأُحِبُّ أَنْ تَضُمَّهَا إِلَى أُمِّهَا ، قَالَ : هِيَ لَكَ ، فَأَرْسَلَهَا إِلَيْهَا مِنْ سَاعَتِهَا , فَحُمِلَتْ وَكُلُّ مَا كَانَ لَهَا مِنْ خَدَمٍ وَمَالٍ فَدَفَعَهَا إِلَى الْحَسَنِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ

ثقة

Whoops, looks like something went wrong.