حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْعَسْكَرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَعْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، قَالَ : سَمِعْتُ جَدِّي أَبَا بَكْرِ بْنَ سَالِمٍ ، قَالَ : لَمَّا حَضَرَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمَوْتُ أَوْصَى : " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، هَذَا عَهْدُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، عِنْدَ آخِرِ عَهْدِهِ بِالدُّنْيَا ، خَارِجًا مِنْهَا ، وَأَوَّلُ عَهْدِهِ بِالآخِرَةِ ، دَاخِلا فِيهَا ، حَيْثُ يُؤْمِنُ الْكَافِرُ ، وَيَتَّقِي الْفَاجِرُ ، وَيُصَدِّقُ الْكَاذِبُ ، أَنِّي اسْتَخْلَفْتُ مِنْ بَعْدِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، فَإِنْ قَصَدَ وَعَدَلَ ، فَذَلِكَ ظَنِّي بِهِ ، وَإِنْ جَارَ وَبَدَّلَ ، فَالْخَيْرَ أَرَدْتُ ، وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ، وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ " . ثُمَّ بَعَثَ إِلَى عُمَرَ فَدَعَاهُ ، فَقَالَ : " يَا عُمَرُ ، أَبْغَضَكَ مُبْغِضٌ ، وَأَحَبَّكَ مُحِبٌّ ، وَقَدْ مَا يُبْغَضُ الْخَيْرُ ، وَيُحَبُّ الشَّرُّ " ، قَالَ : فَلا حَاجَةَ لِي فِيهَا ، قَالَ : " وَلَكِنْ لَهَا بِكَ حَاجَةٌ ، قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَصَحِبْتُهُ ، وَرَأَيْتُ أَثَرَتَهُ أَنْفُسَنَا عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى إِنْ كُنَّا لَنُهْدِي لأَهْلِهِ ، فَضْلَ مَا يَأْتِينَا مِنْهُ ، وَرَأَيْتَنِي ، وَصَحِبْتَنِي فَإِنَّمَا اتَّبَعْتُ أَثَرَ مَنْ كَانَ قَبْلِي ، وَاللَّهِ مَا نِمْتُ ، فَحَلَمْتُ ، وَلا شَبَّهْتُ ، فَتَوَهَّمْتُ ، وَإِنِّي لَعَلَى طَرِيقِي مَا زُغْتُ . تَعْلَمُ يَا عُمَرُ ، أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى حَقًّا فِي اللَّيْلِ ، لا يَقْبَلُهُ فِي النَّهَارِ ، وَحَقًّا فِي النَّهَارِ ، لا يَقْبَلُهُ فِي اللَّيْلِ ، وَإِنَّمَا ثَقُلَتْ مَوَازِينُ مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، بِاتِّبَاعِهِمُ الْحَقَّ ، وَحَقَّ لِمِيزَانٍ أَنْ يَثْقُلَ ، لا يَكُونُ فِيهِ إِلا الْحَقُّ ، وَإِنَّمَا خَفَّتْ مَوَازِينُ مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، بِاتِّبَاعِهِمُ الْبَاطِلَ ، وَحَقَّ لِمِيزَانٍ أَنْ يَخِفَّ ، لا يَكُونُ فِيهِ إِلا الْبَاطِلُ . إِنَّ أَوَّلَ مَنْ أُحَذِّرُكَ نَفْسُكَ ، وَأُحَذِّرُكَ النَّاسَ فَإِنَّهُمْ قَدْ طَمَحَتْ أَبْصَارُهُمْ ، وَانْتَفَجَتْ أَجْوَافُهُمْ ، وَإِنَّ لَهُمْ لَحِيزَةً عَنْ زَلَّةٍ تَكُونُ ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَهُ فَإِنَّهُمْ لَنْ يَزَالُوا خَائِفِينَ لَكَ ، فَرِقِينَ مِنْكَ مَا خِفْتَ مِنَ اللَّهِ وَفَرِقْتَهُ ، وَهَذِهِ وَصِيَّتِي ، وَأَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامَ " . قَالَ الْقَاضِي : لَقَدْ أَحْسَنَ الصِّدِّيقُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، الْوَصِيَّةَ وَمَحَضَ النَّصِيحَةَ ، وَبَالَغَ فِي الاجْتِهَادِ لِلأُمَّةِ ، وَأَنْذَرَ بِمَا هُوَ كَائِنٌ بَعْدَهُ ، فَوُجِدَ عَلَى مَا قَالَ ، وَحَذَّرَ مِمَّا يُوتِغُ الدِّينَ ، وَيَقْدَحُ فِي سِيَاسَةِ أَمِيرِ الْمُسْلِمِينَ ، بِأَوْجَزِ قَوْلٍ وَأَفْصَحِهِ ، وَأَحْسَنِ بَيَانٍ وَأَوْضَحِهِ ، وَأَوْصَى لِعُمَرَ ، وَكَانَ وَاللَّهِ كَافِيًا أَمِينًا ، شَحِيحًا عَلَى دِينِهِ ضَنِينًا ، فَصَدَّقَ ظَنَّهُ بِهِ ، وَحَقَّقَ تَأْمِيلَهُ وَتَقْدِيرَهُ فِيهِ ، فَانْقَادَتِ الأُمُورُ إِلَيْهِ ، وَاسْتَقَامَتْ أَحْوَالُ الأُمَّةُ عَلَى يَدَيْهِ ، وَعُدِّلَتِ الشِدَّةُ ، وَاللِّينُ فِي رَعَايَاهُ ، وَعَدَلَ فِي أَحْكَامِهِ ، وَقَضَايَاهُ ، وَاللَّهُ يَشْكُرُ لَهُ حُسْنَ سِيرَتِهِ ، ويَجْزِلُ ثَوَابَهُ ، عَلَى الْعَدْلِ فِي بَرِيَّتِهِ ، إِنَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ، وَمُفِيضُ إِحْسَانِهِ عَلَى الْمُحْسِنِينَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبَا بَكْرٍ | أبو بكر الصديق / توفي في :13 | صحابي |
أَبَا بَكْرِ بْنَ سَالِمٍ | أبو بكر بن سالم العدوي | ثقة |
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَعْدٍ | ابن أبي سعد | مجهول الحال |