حدثنا مُحَمَّد بن الْحَسَن بن دريد : قَالَ : أَخْبَرَنَا عبد الرحمن ، عَن عمه الأصمعي ، قَالَ : " قدم علينا أعرابي من البادية شيخٌ كبيرٌ ، فقصدته فوجدته يخضب لحيته ، فقال : ما حاجتك ؟ فقلت : بلغني ما خصَّك الله بِهِ ، فجئتكَ لأقتبسَ منك ، فقال : يا ابنَ أخي ، إنَّكَ جئتني وأنا أخضب ، وإن الخضاب من علامات الكبر ، ووالله لطالما غدوتُ على صيدِ الوحوش ، وسرتُ أمام الجيوش ، واختلت فِي الرداء ، ولهوتُ بالنساء ، وقريتُ الضيفَ ، وأرويتُ السيف ، وشربتُ الراح ، ونادمتُ الجحجاح ، والآن فقد حناني الكبر ، وضعف مني البصر ، وحلَّ بعد الصفو الكدر ، وأنشأ يقول : شيبٌ تُعَلِّلُهُ كيما تَعُزَّ بِهِ كهيئة الثوبِ مطويًا على مِزَقِ قد كنتُ كالغصنِ ترتاحُ الرياحُ لَهُ فصرتُ عودًا بلا ماءٍ ولا وَرَقِ " . قَالَ القاضي : ويروى : كيما تدلسه ، وقال أيضًا : يروى : كالعود . صبرًا على الدهر إنَّ الدهرَ ذو غِيَرٍ وأهلُهُ منه بين الصفوِ والرَّنَقِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |