أرنا مَعْمَرٌ , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَيُّوبُ ، عَنْ عِكْرِمَةَ , أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ , أَقْبَلَ مِنَ الشَّامِ فِي عِيرِ قُرَيْشٍ , وَخَرَجَ الْمُشْرِكُونَ مُغَوِّثِينَ لِعِيرِهِمْ , وَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ أَبَا سُفْيَانَ , وَأَصْحَابَهُ ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ عَيْنًا طَلِيعَةً يَنْظُرَانِ بِأَيِّ مَاءٍ هُوَ , فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا عَلِمَا عِلْمَهُ , وَأُخْبِرَا خَبَرَهُ جَاءَا سَرِيعَيْنِ , فَأَخْبَرَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي كَانَ بِهِ الرَّجُلانِ , فَقَالَ : لأَهْلِ الْمَاءِ هَلْ أَحْسَسْتُمْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ ؟ قَالُوا : لا , قَالَ : فَهَلْ مَرَّ بِكُمْ ؟ قَالُوا : مَا رَأَيْنَا إِلا رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ كَذَا وَكَذَا , قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : فَأَيْنَ كَانَ مُنَاخُهُمَا ؟ فَدَلُّوهُ عَلَيْهِ فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى بَعْرَ إِبِلِهِمَا فَفَتَّهُ فَإِذَا فِيهِ نَوًى , فَقَالَ : هَذِهِ نَوَاضِحُ أَهْلِ يَثْرِبَ , فَتَرَكَ الطَّرِيقَ , وَأَخَذَ سَيْفَ الْبَحْرِ , وَجَاءَ الرَّجُلانِ ، فَأَخْبَرَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَهُ , فَقَالَ : " أَيُّكُمْ أَخَذَ هَذِهِ الطَّرِيقَ ؟ " , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : هُمْ بِمَاءِ كَذَا وَكَذَا , وَنَحْنُ بِمَاءِ كَذَا وَكَذَا , فَيَرْتَحِلُ فَيَنْزِلُ بِمَاءِ كَذَا وَكَذَا , وَنَنْزِلُ نَحْنُ بِمَاءِ كَذَا وَكَذَا , ثُمَّ يَنْزِلُ بِمَاءَ كَذَا وَكَذَا , وَتَنْزِلُ بِمَاءَ كَذَا وَكَذَا , ثُمَّ نَلْتَقِي بِمَاءِ كَذَا وَكَذَا ، كَأَنَا فَرَسَا رِهَانٍ , فَسَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَزَلَ بَدْرًا , فَوَجَدَ عَلَى مَاءِ بَدْرٍ بَعْضَ رَقِيقِ قُرَيْشٍ مِمَّنْ خَرَجَ يُغْيِثُ أَبَا سُفْيَانَ , فَأَخَذَهُمْ أَصْحَابُهُ فَجَعَلُوا يُسَائِلُونَهُمْ , فَإِذَا صَدَقُوهُمْ ضَرَبُوهُمْ , وَإِذَا كَذَبُوهُمْ تَرَكُوهُمْ , فَمَرَّ بِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فَقَالَ : " إِنْ صَدَقُوَكُمْ ضَرَبْتُمُوهُمْ , وَإِنْ كَذَبُوكُمْ تَرَكْتُمُوهُمْ ؟ " , ثُمَّ دَعَا وَاحِدًا مِنْهُمْ , فَقَالَ : " مَنْ يُطْعِمُ الْقَوْمَ ؟ " , فَقَالَ : فُلانٌ وَفُلانٌ فَعَدَّدَ رِجَالا يُطْعِمُهُمْ كُلُّ رَجُلٍ يَوْمًا , قَالَ : " فَكَمْ يَنْحَرُ لَهُمْ ؟ " فَقَالَ : عَشَرَةً مِنَ الْجُزُرِ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْجَزُورُ بِمِائَةٍ ، وَهُمْ مَا بَيْنَ الأَلْفِ , وَالتِّسْعِ مِائَةٍ " , فَلَمَّا جَاءَ الْمُشْرِكُونَ صَافُّوهُمْ , وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ اسْتَشَارَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي قِتَالِهِمْ , فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ يُشِيرُ عَلَيْهِ , فَأَجْلَسَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ اسْتَشَارَهُمْ ، فَقَامَ عُمَرُ يُشِيرُ عَلَيْهِ , فَأَجْلَسَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ اسْتَشَارَهُمْ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ , فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، وَاللَّهِ لَكَأَنَّكَ تُعَرِّضُ بِنَا مُنْذُ الْيَوْمِ لِتَعْلَمَ مَا فِي نُفُوسِنَا , وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ ضَرَبْتَ أَكْبَادَهَا حَتَّى تَبْلُغَ بَرْكَ الْغِمَادِ مِنْ ذِي يَمَنٍ لَكِنَّا مَعَكَ , فَوَطَّنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ عَلَى الصَّبْرِ , وَالْقِتَالِ وَسُرَّ بِذَلِكَ مِنْهُمْ , فَلَمَّا الْتَقَوْا سَارَ فِي قُرَيْشٍ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، فَقَالَ : أَيْ قَوْمُ أَطِيعُونِي الْيَوْمَ , وَلا تُقَاتِلُوا مُحَمَّدًا , وَأَصْحَابَهُ ، فَإِنَّكُمْ إِنْ قَاتَلْتُمُوهُ لَمْ تَزَلْ بَيْنَكُمْ إِحْنَةٌ مَا بَقِيتُمْ , وَفَسَادٌ لا يَزَالُ الرَّجُلُ مِنْكُمْ يَنْظُرُ إِلَى قَاتِلِ أَخِيهِ , وَقَاتِلِ ابْنِ عَمِّهِ , فَإِنْ يَكُ مَلِكًا أَكَلْتُمْ فِي مُلْكِ أَخِيكُمْ , وَإِنْ يَكُ نَبِيًّا فَأَنْتُمْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِهِ , وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا كَفَتْكُمُوهُ ذُؤَبَانُ الْعَرَبِ , فَأَبَوْا أَنْ يَسْمَعُوا مَقَالَتَهُ , وَأَبَوْا أَنْ يُطِيعُوا , فَقَالَ : أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ الَّتِي كَأَنَّهَا الْمَصَابِيحُ ، أَنْ تَجْعَلُوهَا أَنْدَادًا لِهَذِهِ الْوُجُوهِ الَّتِي كَأَنَّهَا عُيُونُ الْحَيَّاتِ , فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ : لَقَدْ مَلأْتَ سِحْرَكَ رُعْبًا , ثُمَّ سَارَ فِي قُرَيْشٍ ، فَقَالَ : إِنَّ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ إِنَّمَا يُشِيرُ عَلَيْكُمْ بِهَذَا ؛ لأَنَّ ابْنَهُ مَعَ مُحَمَّدٍ , وَمُحَمَّدٌ ابْنُ عَمِّهِ , فَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَهُ , وَابْنَ عَمِّهِ ، فَغَضِبَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ , فَقَالَ : أَيْ مُصَفِّرَ اسْتِهِ سَتَعْلَمُ أَيُّنَا أَجْبَنُ , وَأَلأَمُ وَأَقْتَلُ لِقَوْمِهِ الْيَوْمَ , ثُمَّ نَزَلَ وَنَزَلَ مَعَهُ أَخُوهُ شَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ , وَابْنُهُ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ , فَقَالُوا : أَبْرِزْ إِلَيْنَا أَكْفَاءَنَا ، فَقَامَ نَاسٌ مِنَ الأَنْصَارِ مِنْ بَنِي الْخَزْرَجِ , فَأَجَابَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَامَ عَلِيٌّ , وَحَمْزَةُ , وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ , فَاخْتَلَفَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ وَقَرِينُهُ ضَرْبَتَيْنِ , فَقَتَلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ , وَأَعَانَ حَمْزَةُ عَلِيًّا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ فَقَتَلَهُ , وَقُطِعَتْ رِجْلُ عُبَيْدَةَ فَمَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ , وَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِهْجَعٌ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى نَصْرَهُ وَهَزَمَ عَدُوَّهُ , وَقُتِلَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ , فَأُخْبِرَ بِقَتْلِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : " أَفَعَلْتُمْ ؟ " , فَقَالُوا : نَعَمْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَسُّرَ بِذَلِكَ , وَقَالَ : " إِنَّ عَهْدِي بِهِ وَفِي رُكْبَتَيْهِ حَوْرَاءُ ، فَاذْهَبُوا فَانْظُرُوا هَلْ تَرَوْنَ ذَلِكَ " فَنَظَرُوا فَرَأَوْهُ , وَأُسِرَ يَوْمَئِذٍ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ , ثُمَّ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقَتْلَى , فَجَرُّوا حَتَّى أُلْقَوْا فِي الْقَلِيبِ , ثُمَّ أَشْرَفَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : " أَيْ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، أَيْ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ , فَجَعَلَ يُسَمِّيهِمْ رَجُلا رَجُلا , هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا ؟ " فَقَالُوا : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، أَوَ يَسْمَعُونَ مَا تَقُولُ ؟ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عِكْرِمَةَ | عكرمة مولى ابن عباس / ولد في :20 / توفي في :104 | ثقة |
أَيُّوبُ | أيوب السختياني | ثقة ثبتت حجة |
مَعْمَرٌ | معمر بن أبي عمرو الأزدي / ولد في :96 / توفي في :154 | ثقة ثبت فاضل |