قَالَ مَعْمَرٌ ، وَأَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّهُ قِيلَ لَهُ : " أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ " ، ثُمَّ قَالَ أَبُو هَارُونَ : عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، فِي حَدِيثِهِ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيُهِ وَسَلَّمَ : " ثُمَّ جِيءَ بِالْمَعْرَاجِ الَّذِي كَانَتْ تَعْرُجُ فِيهِ أَرْوَاحُ بَنِي آدَمَ , فَإِذَا أَحْسَنُ مَا رَأَيْتُ , أَلَمْ تَرَوْا إِلَى الْمَيِّتِ كَيْفَ يَحْدِجُ بِبَصَرِهِ إِلَيْهِ , فَعُرِجَ بِنَا فِيهِ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَابِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا , فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ فَقِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ ، قَالَ : جِبْرِيلُ , قِيلَ وَمَنْ مَعَهُ ؟ , قَالَ : مُحَمَّدٌ , قِيلَ : أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ ، قَالَ : نَعَمْ , فَفَتَحُوا لِي وَسَلَّمُوا عَلَيَّ , وَإِذَا مَلَكٌ مُوَكَّلٌ يَحْرُسُ السَّمَاءَ يُقَالُ لَهُ : إِسْمَاعِيلُ ، مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمْ مِائَةُ أَلْفٍ , ثُمَّ قَرَأَ : وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ سورة المدثر آية 31 ، وَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَهُ اللَّهُ ، لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْهُ شَيْءٌ , وَإِذَا هُوَ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ ذُرِّيَّتِهِ , فَإِذَا كَانَ رُوحَ مُؤْمِنٍ , قَالَ : رُوحٌ طَيِّبٌ ، وَرِيحٌ طَيِّبَةٌ ، اجْعَلُوا كِتَابَهُ فِي عِلِّيِّينَ , وَإِذَا كَانَ رُوحَ كَافِرٍ , قَالَ : رُوحٌ خَبِيثٌ ، وَرِيحٌ خَبِيثَةٌ ، اجْعَلُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ , فَقُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَذَا ؟ , قَالَ : أَبُوكَ آدَمُ , فَسَلَّمَ عَلَيَّ وَرَحَّبَ بِي , وَقَالَ : مَرْحَبًا الابْنُ الصَّالِحُ , ثُمَّ نَظَرْتُ ، فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ لَهُمْ مَشَافِرُ كَمَشَافِرِ الإِبِلِ , وَقَدْ وُكِّلَ بِهِمْ مَنْ يَأْخُذُ بِمَشَافِرِهِمْ ، ثُمَّ يَجْعَلُ فِي أَفْوَاهِهِمْ صَخْرًا مِنْ نَارٍ يَخْرُجُ مِنْ أَسَافِلِهِمْ , قُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤُلاءِ ؟ ، فَقَالَ : هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا سورة النساء آية 10 , قَالَ : ثُمَّ نَظَرْتُ ، فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ يُحْذَى مِنْ جُلُودِهِمْ ، وَيُدَسُّ فِي أَفْوَاهِهِمْ , وَيُقَالُ : كُلُوا كَمَا أَكَلْتُمْ , فَإِذَا أَكْرَهُ مَا خَلَقَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ , قُلْتُ : مَنْ هَؤُلاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ ، قَالَ : هَؤُلاءِ الْهَمَّازُونَ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ , ثُمَّ نَظَرْتُ وَإِذَا بِقَوْمٍ عَلَى مَائِدَةٍ لَحْمٍ مَشْوِيٍّ كَأَحْسَنِ مَا رَأَيْتُ مِنَ اللَّحْمِ , وَإِذَا حَوْلَهُمْ جِيَفٌ مُنْتِنَةٌ ، فَجَعَلُوا يَمِيلُونَ عَلَى الْجِيَفِ يَأْكُلُونَ مِنْهَا ، وَيَدَعُونَ ذَلِكَ اللَّحْمَ , فَقُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤُلاءِ ؟ ، قَالَ : هَؤُلاءِ الزُّنَاةُ ، عَمَدُوا إِلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، وَتَرَكُوا مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ , ثُمَّ نَظَرْتُ , وَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ لَهُمْ بُطُونٌ مِثْلُ الْبُيُوتِ ، وَهُمْ عَلَى سَابِلَةِ آلِ فِرْعَوْنَ , فَإِذَا مَرَّ بِهِمْ آلُ فِرْعَوْنَ , فَيَمِيلُ بِأَحَدِهِمْ بَطْنُهُ فَيَقَعُ فَيَتَوَطَؤُهُمْ آلُ فِرْعَوْنَ بِأَرْجُلِهِمْ ، وَهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَى النَّارِ غُدُوًّا وَعَشِيًّا , قُلْتُ : مَنْ هَؤُلاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ ، قَالَ : هَؤُلاءِ أَكَلَةُ الرِّبَا فِي بُطُونِهِمْ , فَمَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ , ثُمَّ نَظَرْتُ ، فَإِذَا أَنَا بِنِسَاءٍ مُعَلَّقَاتٍ بِثُدِيِّهِنَّ ، وَنِسَاءٍ بِأَرْجُلِهِنَّ , قُلْتُ : مَنْ هَؤُلاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ ، قَالَ : هُنَّ اللاتِي تَزْنِينَ ، وَتَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ , ثُمَّ صَعِدْنَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ ، فَإِذَا أَنَا بِيُوسُفَ ، وَحَوْلَهُ تَبَعٌ كَثِيرٌ مِنْ أُمَّتِهِ ، وَوَجْهُهُ مِثْلُ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ , فَسَلَّمَ عَلَيَّ وَرَحَّبَ بِي , ثُمَّ مَضَيْنَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ , فَإِذَا أَنَا بِابْنَيِ الْخَالَةِ يَحْيَى ، وَعِيسَى يُشْبِهَانِ أَحَدَهُمَا ثِيَابَهُمَا ، وَشَعُورَهُمَا , فَسَلَّمَا عَلَيَّ وَرَحَّبَا بِي , ثُمَّ مَضَيْنَا إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ ، فَإِذَا أَنَا بِإِدْرِيسَ , فَسَلَّمَ عَلَيَّ وَرَحَّبَ بِي , فَقَالَ النَّبِيُّ : وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا سورة مريم آية 57 , ثُمَّ مَضَيْنَا إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ , فَإِذَا أَنَا بِهَارُونَ الَمُحَبَّبِ فِي قَوْمِهِ ، وَحَوْلُهُ تَبَعٌ كَثِيرٌ مِنْ أُمَّتِهِ , فَوَصَفَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللُّهُ عَلَيُهِ وَسَلَّمَ : طَوِيلُ اللِّحْيَةِ تَكَادُ لِحْيَتُهُ تَمَسُّ سُرَّتَهُ , فَسَلَّمَ عَلَيَّ وَرَحَّبَ بِي , ثُمَّ مَضَيْنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ , فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى فَسَلَّمَ عَلَيَّ وَرَحَّبَ بِي ، فَوَصَفَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللُّهُ عَلَيُهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : رَجُلٌ كَثِيرُ الشَّعْرِ ، لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصَانِ خَرَجَ شَعْرُهُ مِنْهُمَا , فَقَالَ مُوسَى : يَزْعُمُ النَّاسُ أَنِّي أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ , وَهَذَا أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنِّي , وَلَوْ كَانَ وَحْدَهُ لَمْ أُبَالِ ، وَلَكِنْ كُلُّ نَبِيٍّ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أُمَّتِهِ , ثُمَّ مَضَيْنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ , فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ , وَهُوَ جَالِسٌ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ , فَسَلَّمَ عَلَيَّ , وَقَالَ : مَرْحَبًا بِابْنِيَ الصَّالِحِ , وَقَالَ : إِنَّ هَذَا مَكَانُكَ ، وَمَكَانُ أُمَّتِكَ , ثُمَّ تَلا : إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ سورة آل عمران آية 68 , قَالَ : ثُمَّ دَخَلْتُ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ , فَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ , لا يَعُودُونَ فِيهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ , ثُمَّ نَظَرْتُ ، فَإِذَا أَنَا بِشَجَرَةٍ إِنْ كَانَتِ الْوَرَقَةُ مِنْهَا لَمُغَطِّيَةً هَذِهِ الأُمَّةَ , وَإِذَا فِي أَصْلِهَا عَيْنٌ تَجْرِي ، فَانْشَعَبَتْ شُعْبَتَيْنِ , فَقُلْتُ : مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ ؟ ، قَالَ : أَمَّا هَذَا ، فَهُوَ نَهْرُ الرَّحْمَةِ ، وَأَمَّا هَذَا فَهُوَ الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَهُ اللَّهُ , فَقَالَ : فَاغْتَسَلْتُ فِي نَهْرِ الرَّحْمَةِ ، فَغُفِرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي وَمَا تَأَخَّرَ , ثُمَّ أُخِذْتُ عَلَى الْكَوْثَرِ ، حَتَّى دَخَلْتُ الْجَنَّةَ ، فَإِذَا فِيهَا مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ , وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ , وَإِذَا فِيهَا رُمَّانَةٌ كَأَنَّهَا جُلُودُ الإِبِلِ الْمُقْتِبَةُ , وَإِذَا فِيهَا طَيْرٌ كَأَنَّهَا الْبُخْتُ " ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ تِلْكَ الطَّيْرَ لَنَاعِمَةٌ , قَالَ : " آكِلُهَا أَنْعَمُ مِنْهَا يَا أَبَا بَكْرٍ ، إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَأْكُلَ مِنْهَا , قَالَ : وَرَأَيْتُ جَارِيَةً فَسَأَلْتُهَا لِمَنْ أَنْتِ ؟ ، فَقَالَتْ : لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ ، فَبَشَّرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدًا ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، أَمَرَنِي بِأَمْرِهِ ، وَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلاةً ، فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى , فَقَالَ : بِمَ أَمَرَكَ رَبُّكَ ؟ , قُلْتُ : فَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلاةً , قَالَ : فَقَالَ : ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ , فَإِنَّ أُمَّتَكَ لا يَقُومُونَ بِهَذَا ، فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي فَسَأَلْتُهُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا , ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى مُوسَى ، فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعُ إِلَى رَبِّي ، إِذَا مَرَرْتُ بِمُوسَى ، حَتَّى فَرَضَ عَلَيَّ خَمْسَ صَلَوَاتٍ , فَقَالَ لِي مُوسَى : ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ , فَقُلْتُ : لَقَدْ رَجَعْتُ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ , أَوْ قَالَ : قُلْتُ : مَا أَنَا بِرَاجِعٍ , قَالَ : فَقِيلَ لِي : إِنَّ لَكَ بِهَذِهِ الْخَمْسِ صَلَوَاتٍ خَمْسِينَ صَلاةً , الْحَسَنَةُ بِعَشْرَةِ أَمْثَالِهَا , وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ ، ثُمَّ لَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً , وَمَنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ عَشْرًا , وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ ، وَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ ، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ وَاحِدَةً " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ | أبو سعيد الخدري | صحابي |
ابْنِ الْمُسَيِّبِ | سعيد بن المسيب القرشي | أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار |
الزُّهْرِيُّ | محمد بن شهاب الزهري / ولد في :52 / توفي في :124 | الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه |
مَعْمَرٌ | معمر بن أبي عمرو الأزدي / ولد في :96 / توفي في :154 | ثقة ثبت فاضل |