أنا مَعْمَرٌ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : " وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا سورة آل عمران آية 186 , قَالَ : هُوَ كَعْبُ بْنُ الأَشْرَفِ , وَكَانَ يُحَرِّضُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ , فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ خَمْسَةُ نَفَرٍ مِنَ الأَنْصَارِ , فِيهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ , وَرَجُلٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ : أَبُو عَبْسٍ , فَأَتَوْهُ , وَهُوَ فِي مَجْلِسِ قَوْمِهِ بِالْعَوَالِي , فَلَمَّا رَآهُمْ ذُعِرَ مِنْهُمْ , وَأَنْكَرَ شَأْنَهُمْ , وَقَالُوا : جِئْنَاكَ لِحَاجَةٍ , قَالَ : فَلْيَدْنُ إِلَيَّ بَعْضُكُمْ فَلْيُحَدِّثْنِي بِحَاجَتِهِ , فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ , فَقَالَ : جِئْنَاكَ لِنَبِيعَكَ أَدْرُعًا عِنْدَنَا لِنَسْتَنْفِقَ بِهَا , قَالَ : وَاللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتُمْ لَقَدْ جَهِدْتُمْ مُنْذُ نَزَلَ لَكُمْ هَذَا الرَّجُلُ , فَوَاعَدُوهُ أَنْ يَأْتُوهُ عِشَاءً حِينَ يَهْدَأُ عَنْهُمُ النَّاسُ , فَأَتَوْهُ فَنَادَوْهُ , فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ : مَا طَرَقَكَ هَؤُلاءِ سَاعَتَهُمْ هَذِهِ لِشَيْءٍ مِمَّا تُحِبُّ , قَالَ : إِنَّهُمْ قَدْ حَدَّثُونِي بِحَدِيثِهِمْ وَشَأْنِهِمْ , قَالَ مَعْمَرٌ : عَنْ أَيُّوبَ , عَنْ عِكْرِمَةَ : إِنَّهُ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ فَكَلَّمَهُمْ , فَقَالَ : مَا تَرْهَنُونِي ؟ أَتَرْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ ؟ وَأَرَادُوا أَنْ يَبِيعَهُمُ تَمْرًا , فَقَالُوا : إِنَّا نَسْتَحِي أَنْ تُعَيَّرَ أَبْنَاؤُنَا , فَيُقَالَ : هَذَا رَهِينَةُ وَسْقٍ , وَهَذَا رَهِينَةُ وَسْقَيْنِ , فَقَالَ : أَتَرْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ ؟ فَقَالُوا : أَنْتَ أَجْمَلُ النَّاسِ , وَلا نَأْمَنُكَ , وَأَيُّ امْرَأَةٍ تَمْتَنِعُ مِنْكَ لِجَمَالِكَ ؟ ! وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ سِلاحَنَا , فَقَدْ عَلِمْتَ حَاجَتِنَا إِلَى السِّلاحِ الْيَوْمَ , فَقَالَ : نَعَمْ , ائْتُونِي بِسِلاحِكُمْ , وَاحْتَمِلُوا مَا شِئْتُمْ , قَالُوا : فَانْزِلْ إِلَيْنَا , نَأْخُذْ عَلَيْكَ , وَتَأْخُذْ عَلَيْنَا , فَذَهَبَ يَنْزِلُ , فَتَعَلَّقَتْ بِهِ امْرَأَتُهُ , فَقَالَتْ : أَرْسَلَ إِلَى أَمْثَالِهِمْ مِنْ قَوْمِكَ , فَيَكُونُوا مَعَكَ ؟ فَقَالَ : لَوْ وَجَدُونِي هَؤُلاءِ نَائِمًا أَيْقَظُونِي , قَالَتْ : فَكَلَّمَهُمْ مِنْ فَوْقِ الْبَيْتِ , فَأَبَى عَلَيْهَا , قَالَ : فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ يَفُوحُ رِيحُهُ , قَالُوا : مَا هَذِهِ الرِّيحُ يَا أَبَا فُلانٍ ؟ قَالَ : هَذَا عِطْرُ أُمِّ فُلانٍ لامْرَأَتِهِ , فَدَنَا إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ لِيَشْتَمَّ رَأْسَهُ , ثُمَّ اعْتَنَقَهُ , ثُمَّ قَالَ : اقْتُلُوا عَدُوَّ اللَّهِ , فَطَعَنَهُ أَبُو عَبْسٍ فِي خَاصِرَتِهِ , وَعَلاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ بِالسَّيْفِ , فَقَتَلُوهُ ثُمَّ رَجَعُوا , فَأَصْبَحَتِ الْيَهُودُ مَذْعُورِينَ , فَجَاءُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالُوا : قُتِلَ سَيِّدُنَا غِيلَةً , فَذَكَّرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنِيعَهُ , وَمَا كَانَ يُحَرِّضُ عَلَيْهِمْ , وَيُحَرِّضُ فِي قِتَالِهِمْ , وَيُؤْذِيهِمْ بِهِ , ثُمَّ دَعَاهُمْ أَنْ يَكْتُبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ صُلْحًا , قَالَ : وَكَانَ ذَلِكَ الْكِتَابُ مَعَ عُمَرَ بَعْدُ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
الزُّهْرِيِّ | محمد بن شهاب الزهري / ولد في :52 / توفي في :124 | الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه |
مَعْمَرٌ | معمر بن أبي عمرو الأزدي / ولد في :96 / توفي في :154 | ثقة ثبت فاضل |