حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ الْعَدْلُ ، مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ ، ثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِبَغْدَادَ ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ ، ثَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ ، أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ كَانَا صَدِيقَيْنِ لِزَيْدِ بْنِ صُوحَانَ أَتَيَاهُ لِيُكَلِّمَ لَهُمَا سَلْمَانَ أَنْ يُحَدِّثَهُمَا حَدِيثَهُ كَيْفَ كَانَ إِسْلامُهُ ، فَأَقْبَلا مَعَهُ حَتَّى لَقُوا سَلْمَانَ ، وَهُوَ بِالْمَدَائِنِ أَمِيرًا عَلَيْهَا ، وَإِذَا هُوَ عَلَى كُرْسِيٍّ قَاعِدٍ ، وَإِذَا خُوصٌ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يُسَفِّهُ ، قَالا : فَسَلَّمْنَا وَقَعَدْنَا ، فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، إِنَّ هَذَيْنِ لِي صَدِيقَانِ وَلَهُمَا أَخٌ ، وَقَدْ أَحَبَّا أَنْ يَسْمَعَا حَدِيثَكَ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ إِسْلامِكَ ؟ قَالَ : فَقَالَ سَلْمَانُ : كُنْتُ يَتِيمًا مِنْ رَامَ هُرْمُزَ ، وَكَانَ ابْنُ دِهْقَانَ رَامَ هُرْمُزَ يَخْتَلِفُ إِلَى مُعَلَّمٍ يُعَلِّمُهُ ، فَلَزِمْتُهُ لأَكُونَ فِي كَنَفِهِ ، وَكَانَ لِي أَخٌ أَكْبَرَ مِنِّي وَكَانَ مُسْتَغْنِيًا بِنَفْسِهِ ، وَكُنْتُ غُلامًا قَصِيرًا ، وَكَانَ إِذَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ تَفَرَّقَ مَنْ يُحَفِّظُهُمْ ، فَإِذَا تَفَرَّقُوا خَرَجَ فَيَضَعُ بِثَوْبِهِ ، ثُمَّ صَعِدَ الْجَبَلَ ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ مُتَنَكِّرًا ، قَالَ : فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّكَ تَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا ، فَلِمَ لا تَذْهَبُ بِي مَعَكَ ؟ قَالَ : أَنْتَ غُلامٌ ، وَأَخَافُ أَنْ يَظْهَرَ مِنْكَ شَيْءٌ ، قَالَ : قُلْتُ : لا تَخَفْ ، قَالَ : فَإِنَّ فِي هَذَا الْجَبَلِ قَوْمًا فِي بِرْطِيلِهِمْ لَهُمْ عِبَادَةٌ ، وَلَهُمْ صَلاحٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى ، وَيَذْكُرُونَ الآخِرَةَ ، وَيَزْعُمُونَنَا عَبَدَةَ النِّيرَانِ ، وَعَبَدَةَ الأَوْثَانِ ، وَأَنَا عَلَى دِينِهِمْ ، قَالَ : قُلْتُ : فَاذْهَبْ بِي مَعَكَ إِلَيْهِمْ ، قَالَ : لا أَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أَسْتَأْمِرُهُمْ ، وَأَنَا أَخَافُ أَنْ يَظْهَرَ مِنْكَ شَيْءٌ ، فَيَعْلَمُ أَبِي فَيُقْتَلُ الْقَوْمَ فَيَكُونُ هَلاكُهُمْ عَلَى يَدِي ، قَالَ : قُلْتُ : لَنْ يَظْهَرَ مِنِّي ذَلِكَ ، فَاسْتَأْمِرْهُمْ ، فَأَتَاهُمْ ، فَقَالَ : غُلامٌ عِنْدِي يَتِيمٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَأْتِيَكُمْ وَيَسْمَعَ كَلامَكُمْ ، قَالُوا : إِنْ كُنْتَ تَثِقُ بِهِ ، قَالَ : أَرْجُو أَنْ لا يَجِيءَ مِنْهُ إِلا مَا أُحِبُّ ، قَالُوا : فَجِيءَ بِهِ ، فَقَالَ لِي : لَقَدِ اسْتَأْذَنْتُ فِي أَنْ تَجِيءَ مَعِي ، فَإِذَا كَانَتِ السَّاعَةُ الَّتِي رَأَيْتُنِي أَخْرَجُ فِيهَا فَأْتِنِي ، وَلا يَعْلَمُ بِكَ أَحَدٌ ، فَإِنَّ أَبِي إِنْ عَلِمَ بِهِمْ قَتَلَهُمْ ، قَالَ : فَلَمَّا كَانَتِ السَّاعَةُ الَّتِي يَخْرُجُ تَبِعْتُهُ فَصَعِدْنَا الْجَبَلَ ، فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ ، فَإِذَا هُمْ فِي بِرْطِيلِهِمْ ، قَالَ عَلِيٌّ : وَأُرَاهُ ، قَالَ : وَهُمْ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ ، قَالَ : ، وَكَأَنَّ الرُّوحَ قَدْ خَرَجَ مِنْهُمْ مِنَ الْعِبَادَةِ يَصُومُونَ النَّهَارَ ، وَيَقُومُونَ اللَّيْلَ ، وَيَأْكُلُونَ عِنْدَ السَّحَرِ ، مَا وَجَدُوا ، فَقَعَدْنَا إِلَيْهِمْ ، فَأَثْنَى الدِّهْقَانُ عَلَى حَبْرٍ ، فَتَكَلَّمُوا ، فَحَمِدُوا اللَّهَ ، وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ ، وَذَكَرُوا مَنْ مَضَى مِنَ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ حَتَّى خَلَصُوا إِلَى ذِكْرِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ ، فَقَالُوا : بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ رَسُولا وَسَخَّرَ لَهُ مَا كَانَ يَفْعَلُ مِنْ إِحْيَاءِ الْمَوْتَى ، وَخَلْقِ الطَّيْرِ ، وَإِبْرَاءِ الأَكْمَهِ ، وَالأَبْرَصِ ، وَالأَعْمَى ، فَكَفَرَ بِهِ قَوْمٌ وَتَبِعَهُ قَوْمٌ ، وَإِنَّمَا كَانَ عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ ابْتَلَى بِهِ خَلْقَهُ ، قَالَ : وَقَالُوا قَبْلَ ذَلِكَ : يَا غُلامُ ، إِنَّ لَكَ لَرَبًّا ، وَإِنَّ لَكَ مَعَادًا ، وَإِنَّ بَيْنَ يَدَيْكَ جَنَّةً وَنَارًا ، إِلَيْهِمَا تَصِيرُونَ ، وَإِنَّ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ النِّيرَانَ أَهْلُ كُفْرٍ وَضَلالَةٍ لا يَرْضَى اللَّهُ مَا يَصْنَعُونَ وَلَيْسُوا عَلَى دِينٍ ، فَلَمَّا حَضَرَتِ السَّاعَةُ الَّتِي يَنْصَرِفُ فِيهَا الْغُلامُ انْصَرَفَ وَانْصَرَفْتُ مَعَهُ ، ثُمَّ غَدَوْنَا إِلَيْهِمْ ، فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ وَأَحْسَنَ ، وَلَزِمْتُهُمْ ، فَقَالُوا لِي : يَا سَلْمَانُ , إِنَّكَ غُلامٌ لا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصْنَعَ كَمَا نَصْنَعُ فَصَلِّ وَنَمْ وَكُلْ وَاشْرَبْ ، قَالَ : فَاطَّلَعَ الْمَلِكُ عَلَى صَنِيعِ ابْنِهِ فَرَكِبَ فِي الْخَيْلِ حَتَّى أَتَاهُمْ فِي بِرْطِيلِهِمْ ، فَقَالَ : يَا هَؤُلاءِ ، قَدْ جَاوَرْتُمُونِي فَأَحْسَنْتُ جِوَارَكُمْ ، وَلَمْ تَرَوْا مِنِّي سُوءًا فَعَمَدْتُمْ إِلَى ابْنِي ، فَأَفْسَدْتُمُوهُ عَلَيَّ قَدْ أَجَّلْتُكُمْ ثَلاثًا ، فَإِنْ قَدَرْتُ عَلَيْكُمْ بَعْدَ ثَلاثٍ أَحْرَقْتُ عَلَيْكُمْ بِرْطِيلَكُمْ هَذَا ، فَالْحَقُوا بِبِلادِكُمْ ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ مِنِّي إِلَيْكُمْ سُوءٌ ، قَالُوا : نَعَمْ ، مَا تَعَمَّدْنَا مُسَاءَتَكَ ، وَلا أَرَدْنَا إِلا الْخَيْرَ ، فَكَفَّ ابْنُهُ عَنْ إِتْيَانِهِمْ ، فَقُلْتُ لَهُ : اتَّقِ اللَّهِ ، فَإِنَّكَ تَعْرِفُ أَنَّ هَذَا الدِّينَ دِينُ اللَّهِ ، وَأَنَّ أَبَاكَ وَنَحْنُ عَلَى غَيْرِ دَيْنٍ إِنَّمَا هُمْ عَبْدَةُ النَّارِ لا يَعْبُدُونَ اللَّهَ ، فَلا تَبِعْ آخِرَتَكَ بِدَيْنِ غَيْرِكَ ، قَالَ : يَا سَلْمَانُ ، هُوَ كَمَا تَقُولُ : وَإِنَّمَا أَتَخَلَّفُ عَنِ الْقَوْمِ بَغْيًا عَلَيْهِمْ إِنْ تَبِعْتُ الْقَوْمَ طَلَبَنِي أَبِي فِي الْجَبَلِ وَقَدْ خَرَجَ فِي إِتْيَانِي إِيَّاهُمْ حَتَّى طَرَدَهُمْ ، وَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّ الْحَقَّ فِي أَيْدِيهِمْ ، فَأَتَيْتُهُمْ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَرَادُوا أَنْ يَرْتَحِلُوا فِيهِ ، فَقَالُوا : يَا سَلْمَانُ : قَدْ كُنَّا نَحْذَرُ مَكَانَ مَا رَأَيْتَ فَاتَّقِ اللَّهَ تَعَالَى وَاعْلَمْ أَنَّ الدِّينَ مَا أَوْصَيْنَاكَ بِهِ ، وَأَنَّ هَؤُلاءِ عَبْدَةُ النِّيرَانِ لا يَعْرِفُونَ اللَّهَ تَعَالَى وَلا يَذْكُرُونَهُ ، فَلا يَخْدَعَنَّكَ أَحَدٌ عَنْ دِينِكَ قُلْتُ : مَا أَنَا بِمُفَارِقُكُمْ ، قَالُوا : أَنْتَ لا تَقْدِرُ أَنْ تَكُونَ مَعَنَا نَحْنُ نَصُومُ النَّهَارَ ، وَنَقُومُ اللَّيْلَ وَنَأْكُلُ عِنْدَ السَّحَرِ مَا أَصَبْنَا وَأَنْتَ لا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ ، قَالَ : فَقُلْتُ : لا أُفَارِقَكُمْ ، قَالُوا : أَنْتَ أعْلَمُ وَقَدْ أَعْلَمْنَاكَ حَالَنَا ، فَإِذَا أَتَيْتَ خُذْ مِقْدَارَ حِمْلٍ يَكُونُ مَعَكَ شَيْءٌ تَأْكُلُهُ ، فَإِنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ مَا نَسْتَطِيعُ بِحَقٍّ ، قَالَ : فَفَعَلْتُ وَلَقِيَنَا أَخِي فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ أَتَيْتُهُمْ يَمْشُونَ وَأَمْشِي مَعَهُمْ فَرَزَقَ اللَّهُ السَّلامَةَ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَوْصِلَ فَأَتَيْنَا بِيَعَةً بِالْمَوْصِلِ ، فَلَمَّا دَخَلُوا احْتَفُّوا بِهِمْ ، وَقَالُوا : أَيْنَ كُنْتُمْ ؟ قَالُوا : كُنَّا فِي بِلادٍ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى فِيهَا عَبَدَةُ النِّيرَانِ ، وَكُنَّا نَعْبُدُ اللَّهَ فَطَرَدُونَا ، فَقَالُوا : مَا هَذَا الْغُلامُ ؟ فَطَفِقُوا يُثْنُونَ عَلَيَّ ، وَقَالُوا : صَحِبَنَا مِنْ تِلْكَ الْبِلادِ فَلَمْ نَرَ مِنْهُ إِلا خَيْرًا ، قَالَ سَلْمَانُ فَوَاللَّهِ : إِنَّهُمْ لَكَذَلِكَ إِذَا طَلَعَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنْ كَهْفِ جَبَلٍ ، قَالَ : فَجَاءَ حَتَّى سَلَّمَ وَجَلَسَ فَحَفُّوا بِهِ وَعَظَّمُوهُ أَصْحَابِي الَّذِينَ كُنْتُ مَعَهُمْ وَأَحْدَقُوا بِهِ ، فَقَالَ : أَيْنَ كُنْتُمْ ؟ فَأَخْبَرُوهُ ، فَقَالَ : مَا هَذَا الْغُلامُ مَعَكُمْ ؟ فَأَثْنَوْا عَلَيَّ خَيْرًا وَأَخْبَرُوهُ بِإِتِّبَاعِي إِيَّاهُمْ ، وَلَمْ أَرَ مِثْلَ إِعْظَامِهِمْ إِيَّاهُ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ مَنْ أَرْسَلَ مِنْ رُسُلِهِ وَأَنْبِيَائِهِ وَمَا لَقُوا ، وَمَا صَنَعَ بِهِ وَذَكَرَ مَوْلِدَ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، وَأَنَّهُ وُلِدَ بِغَيْرِ ذَكَرٍ فَبَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رَسُولا ، وَأَحْيَا عَلَى يَدَيْهِ الْمَوْتَى ، وَأَنَّهُ يَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ ، فَيَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الإِنْجِيلَ وَعَلَّمَهُ التَّوْرَاةَ ، وَبَعْثَهُ رَسُولا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَكَفَرَ بِهِ قَوْمٌ وَآمَنَ بِهِ قَوْمٌ ، وَذَكَرَ بَعْضَ مَا لَقِيَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، وَأَنَّهُ كَانَ عَبْدَ اللَّهِ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَشَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ يَعِظُهُمْ ، وَيَقُولُ : اتَّقُوا اللَّهَ وَالْزَمُوا مَا جَاءَ بِهِ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ، وَلا تُخَالِفُوا فَيُخَالِفُ بِكُمْ ، ثُمَّ قَالَ : مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ هَذَا شَيْئًا ، فَلْيَأْخُذْ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَقُومُ فَيَأْخُذُ الْجَرَّةَ مِنَ الْمَاءِ وَالطَّعَامِ فَقَامَ أَصْحَابِي الَّذِينَ جِئْتُ مَعَهُمْ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَعَظَّمُوهُ ، وَقَالَ لَهُمُ : الْزَمُوا هَذَا الدِّينَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تَفَرَّقُوا وَاسْتَوْصُوا بِهَذَا الْغُلامِ خَيْرًا ، وَقَالَ لِي : يَا غُلامُ هَذَا دَيْنُ اللَّهِ الَّذِي تَسْمَعُنِي أَقُولُهُ وَمَا سِوَاهُ الْكُفْرُ ، قَالَ : قُلْتُ : مَا أَنَا بِمُفَارِقُكَ ، قَالَ : إِنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَكُونَ مَعِي إِنِّي لا أَخْرَجُ مِنْ كَهْفِي هَذَا إِلا كُلَّ يَوْمِ أَحَدٍ ، وَلا تَقْدِرُ عَلَى الْكَيْنُونَةِ مَعِي ، قَالَ : وَأَقْبَلَ عَلى أَصْحَابِهِ ، فَقَالُوا : يَا غُلامُ ، إِنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَكُونَ مَعَهُ ، قُلْتُ : مَا أَنَا بِمُفَارِقُكَ ، قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ : يَا فُلانُ ، إِنَّ هَذَا غُلامٌ وَيُخَافُ عَلَيْهِ ، فَقَالَ لِي : أَنْتَ أَعْلَمُ ، قُلْتُ : فَإِنِّي لا أُفَارِقُكَ ، فَبَكَى أَصْحَابِي الأَوَّلُونَ الَّذِينَ كُنْتُ مَعَهُمْ عِنْدَ فُرَاقِهِمْ إِيَّايَ ، فَقَالَ : يَا غُلامُ ، خُذْ مِنْ هَذَا الطَّعَامِ مَا تَرَى أَنَّهُ يَكْفِيكَ إِلَى الأَحَدِ الآخَرِ ، وَخُذْ مِنَ الْمَاءِ مَا تَكْتَفِي بِهِ ، فَفَعَلْتُ فَمَا رَأَيْتُهُ نَائِمًا وَلا طَاعِمًا إِلا رَاكِعًا وَسَاجِدًا إِلَى الأَحَدِ الآخَرِ ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا ، قَالَ لِي : خُذْ جَرَّتَكَ هَذِهِ وَانْطَلِقْ ، فَخَرَجْتُ مَعَهُ أَتْبَعُهُ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ ، وَإِذَا هُمْ قَدْ خَرَجُوا مِنْ تِلْكَ الْجِبَالِ يَنْتَظِرُونَ خُرُوجَهُ ، فَقَعَدُوا وَعَادَ فِي حَدِيثِهِ نَحْوَ الْمَرَّةِ الأُولَى ، فَقَالَ : الْزَمُوا هَذَا الدِّينَ وَلا تَفَرَّقُوا ، وَاذْكُرُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا الصَّلاةُ وَالسَّلامُ كَانَ عَبْدَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ ذَكَرَنِي ، فَقَالُوا لَهُ : يَا فُلانُ كَيْفَ وَجَدْتَ هَذَا الْغُلامَ ؟ فَأَثْنَى عَلَيَّ ، وَقَالَ خَيْرًا : فَحَمِدُوا اللَّهَ تَعَالَى ، وَإِذَا خُبْزٌ كَثِيرٌ ، وَمَاءٌ كَثِيرٌ فَأَخَذُوا وَجَعَلَ الرَّجُلُ يَأْخُذُ مَا يَكْتَفِي بِهِ ، وَفَعَلْتُ ، فَتَفَرَّقُوا فِي تِلْكَ الْجِبَالِ وَرَجَعَ إِلَى كَهْفِهِ وَرَجَعْتُ مَعَهُ ، فَلَبِثْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ يَخْرُجُ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَحَدٍ ، وَيَخْرُجُونَ مَعَهُ وَيَحُفُّونَ بِهِ وَيُوصِيهِمْ بِمَا كَانَ يُوصِيهِمْ بِهِ فَخَرَجَ فِي أَحَدٍ ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَوَعِظَهُمْ ، وَقَالَ : مِثْلَ مَا كَانَ يَقُولُ لَهُمْ ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ آخِرَ ذَلِكَ : يَا هَؤُلاءِ إِنَّهُ قَدْ كَبِرَ سِنِّي ، وَرَقَّ عَظْمِي ، وَقَرُبَ أَجَلِي ، وَأَنَّهُ لا عَهْدَ لِي بِهَذَا الْبَيْتِ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا ، وَلا بُدَّ مِنْ إِتْيَانِهِ فَاسْتَوْصُوا بِهَذَا الْغُلامِ خَيْرًا ، فَإِنِّي رَأَيْتُهُ لا بَأْسَ بِهِ ، قَالَ : فَجَزِعَ الْقَوْمُ فَمَا رَأَيْتُ مِثْلَ جَزَعِهِمْ ، وَقَالُوا : يَا فُلانُ ، أَنْتَ كَبِيرٌ فَأَنْتَ وَحْدَكَ ، وَلا نَأْمَنُ مِنْ أَنْ يُصِيبَكَ شَيْءٌ يُسَاعِدُكَ أَحْوَجُ مَا كُنَّا إِلَيْكَ ، قَالَ : لا تُرَاجِعُونِي ، لا بُدَّ مِنَ اتِّبَاعِهِ ، وَلَكِنِ اسْتَوْصُوا بِهَذَا الْغُلامِ خَيْرًا ، وَافْعَلُوا وَافْعَلُوا ، قَالَ : فَقُلْتُ : مَا أَنَا بِمُفَارِقُكَ ، قَالَ : يَا سَلْمَانُ قَدْ رَأَيْتَ حَالِي وَمَا كُنْتُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ هَذَا كَذَلِكَ أَنَا أَمْشِي أَصُومُ النَّهَارَ وَأَقُومُ اللَّيْلَ ، وَلا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَحْمِلَ مَعِي زَادًا وَلا غَيْرَهُ وَأَنْتَ لا تَقْدِرُ عَلَى هَذَا ، قُلْتُ مَا أَنَا بِمُفَارِقُكَ ، قَالَ : أَنْتَ أَعْلَمُ ، قَالَ : فَقَالُوا : يَا فُلانُ ، فَإِنَّا نَخَافُ عَلَى هَذَا الْغُلامِ ، قَالَ : فَهُوَ أَعْلَمُ قَدْ أَعْلَمْتَهُ الْحَالَ وَقَدْ رَأَى مَا كَانَ قَبْلَ هَذَا ، قُلْتُ : لا أُفَارِقُكَ ، قَالَ : فَبَكَوْا وَوَدَّعُوهُ ، وَقَالَ لَهُمُ : اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا عَلَى مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ فَإِنْ أَعِشْ فَعَلَيَّ أَرْجِعُ إِلَيْكُمْ ، وَإِنْ مِتُّ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لا يَمُوتُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَخَرَجَ وَخَرَجْتُ مَعَهُ ، وَقَالَ لِي : أَحْمِلُ مَعَكَ مِنْ هَذَا الْخُبْزِ شَيْئًا تَأْكُلُهُ فَخَرَجَ وَخَرَجْتُ مَعَهُ يَمْشِي وَاتَّبَعْتُهُ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى وَلا يَلْتَفِتُ وَلا يَقِفُ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى إِذَا أَمْسَيْنَا ، قَالَ : يَا سَلْمَانُ ، صَلِّ أَنْتَ وَنَمْ وَكُلْ وَاشْرَبْ ثُمَّ قَامَ وَهُوَ يُصَلِّي حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَكَانَ لا يَرْفَعُ طَرْفَهُ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى أَتَيْنَا إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ ، وَإِذَا عَلَى الْبَابِ مُقْعَدٌ ، فَقَالَ : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، قَدْ تَرَى حَالِي فَتَصَدَّقْ عَلَيَّ بِشَيْءٍ ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ وَدَخَلْتُ مَعَهُ فَجَعَلَ يَتْبَعُ أَمْكَنَةً مِنَ الْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهَا ، فَقَالَ : يَا سَلْمَانُ إِنِّي لَمْ أَنَمْ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا وَلَمْ أَجِدْ طَعْمَ النَّوْمِ ، فَإِنْ فَعَلْتَ أَنْ تُوقِظَنِي إِذَا بَلَغَ الظِّلُّ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا نِمْتُ ، فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَنَامَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ وَإِلا لَمْ أَنَمْ ، قَالَ : قُلْتُ فَإِنِّي أَفْعَلُ ، قَالَ : فَإِذَا بَلَغَ الظِّلُّ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا فَأَيْقِظْنِي ، إِذَا غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنَامَ ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : هَذَا لَمْ يَنَمْ مُذْ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ ذَلِكَ لأَدَعَنَّهُ يَنَامُ حَتَّى يَشْتَفِيَ مِنَ النَّوْمِ ، قَالَ : وَكَانَ فِيمَا يَمْشِي وَأَنَا مَعَهُ يُقْبِلُ عَلَيَّ فَيَعِظُنِي وَيُخْبِرُنِي أَنَّ لِي رَبًّا وَأَنَّ بَيْنَ يَدَيْ جَنَّةً وَنَارًا وَحِسَابًا وَيُعَلِّمُنِي وَيُذَكِّرُنِي نَحْوَ مَا يَذْكُرُ الْقَوْمُ يَوْمَ الأَحَدِ ، حَتَّى قَالَ ، فِيمَا يَقُولُ : يَا سَلْمَانُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَوْفَ يَبْعَثُ رَسُولا اسْمُهُ أَحْمَدُ يَخْرُجُ بِتُهْمَةَ وَكَانَ رَجُلا أَعْجَمٍيًّا لا يُحْسِنُ الْقَوْلَ ، عَلامَتُهُ أَنَّهُ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمٌ وَهَذَا زَمَانُهُ الَّذِي يَخْرُجُ فِيهِ قَدْ تَقَارَبَ فَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ وَلا أَحْسَبَنِي أُدْرِكُهُ فَإِنْ أَدْرَكْتُهُ أَنْتَ فَصَدِّقْهُ وَاتَّبِعْهُ ، قَالَ : قُلْتُ وَإِنْ أَمَرَنِي بِتَرْكِ دِينِكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِ ، قَالَ : اتْرُكْهُ فَإِنَّ الْحَقَّ فِيمَا يَأْمُرُ بِهِ وَرَضِيَ الرَّحْمَنُ ، فِيمَا قَالَ : فَلَمْ يَمْضِ إِلا يَسِيرًا حَتَّى اسْتَيْقَظَ فَزِعًا يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى ، فَقَالَ لِي : يَا سَلْمَانُ ، مَضَى الْفَيْءُ مِنْ هَذَا الْمَكَانِ وَلَمْ أَذْكُرْ أَيْنَ مَا كُنْتَ جَعَلْتَ عَلَى نَفْسِكَ ، قَالَ : أَخْبَرْتَنِي أَنَّكَ لَمْ تَنَمْ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ ذَلِكَ ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ تَشْتَفِيَ مِنَ النَّوْمِ فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى ، وَقَامَ فَخَرَجَ وَتَبِعْتُهُ فَمَرَّ بِالْمُقْعَدِ ، فَقَالَ الْمُقْعَدُ : يَا عَبْدَ اللَّهِ دَخَلْتَ فَسَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي وَخَرَجْتَ فَسَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي ، فَقَامَ يَنْظُرُ هَلْ يَرَى أَحَدًا فَلَمْ يَرَهُ فَدَنَا مِنْهُ ، فَقَالَ لَهُ : نَاوِلْنِي يَدَكَ فَنَاوَلَهُ ، فَقَالَ : بِسْمِ اللَّهِ فَقَامَ كَأَنَّهُ أَنْشَطَ مِنْ عِقَالٍ صَحِيحًا لا عَيْبَ بِهِ فَخَلا عَنْ بُعْدِهِ ، فَانْطَلَقَ ذَاهِبًا فَكَانَ لا يَلْوِي عَلَى أَحَدٍ وَلا يَقُومُ عَلَيْهِ ، فَقَالَ لِي الْمُقْعَدُ : يَا غُلامُ احْمِلْ عَلَيَّ ثِيَابِي حَتَّى أنْطَلِقَ فَأَسِيرَ إِلَى أَهْلِي ، فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ وَانْطَلَقَ لا يَلْوِي عَلَيَّ ، فَخَرَجْتُ فِي إِثْرِهِ أَطْلُبُهُ ، فَكُلَّمَا سَأَلْتُ عَنْهُ ، قَالُوا : أَمَامَكَ حَتَّى لَقِيَنِي رَكْبٌ مِنْ كَلْبٍ ، فَسَأَلْتُهُمْ : فَلَمَّا سَمِعُوا الْفَتَى أَنَاخَ رَجُلٌ مِنْهُمْ لِي بَعِيرَهُ ، فَحَمَلَنِي خَلْفَهُ حَتَّى أَتَوْا بِلادَهُمْ فَبَاعُونِي ، فَاشْتَرَتْنِي امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَجَعَلَتْنِي فِي حَائِطٍ بِهَا وَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخْبَرْتُ بِهِ ، فَأَخَذْتُ شَيْئًا مِنْ تَمْرِ حَائِطِي فَجَعَلْتُهُ عَلَى شَيْءٍ ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ نَاسًا ، وَإِذَا أَبُو بَكْرٍ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْهِ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَقَالَ مَا هَذَا ؟ قُلْتُ : صَدَقَةٌ ، قَالَ لِلْقَوْمِ : كُلُوا ، وَلَمْ يَأْكُلْ ، ثُمَّ لَبِثْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ أَخَذْتُ مِثْلَ ذَلِكَ فَجَعَلْتُ عَلَى شَيْءٍ ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ نَاسًا ، وَإِذَا أَبُو بَكْرٍ أَقْرَبُ الْقَوْمِ مِنْهُ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ لِي : مَا هَذَا ؟ قُلْتُ : هَدِيَّةٌ ، قَالَ : " بِسْمِ اللَّهِ ، وَأَكَلَ وَأَكَلَ الْقَوْمُ " ، قُلْتُ : فِي نَفْسِي هَذِهِ مِنْ آيَاتِهِ كَانَ صَاحِبِي رَجُلا أَعْجَمِيٌّ لَمْ يُحْسِنْ أَنْ يَقُولَ : تِهَامَةً ، فَقَالَ : تُهْمَةٌ ، وَقَالَ : اسْمُهُ أَحْمَدُ فَدُرْتُ خَلْفَهُ فَفَطِنَ بِي ، فَأَرْخَى ثَوْبًا فَإِذَا الْخَاتَمُ فِي نَاحِيَةِ كَتِفِهِ الأَيْسَرِ فَتَبَيَّنْتُهُ ، ثُمَّ دُرْتُ حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقُلْتُ : أَشْهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ، فَقَالَ : مَنْ أَنْتَ قُلْتُ مَمْلُوكٌ ، قَالَ : فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثِي وَحَدِيثُ الرَّجُلِ الَّذِي كُنْتُ مَعَهُ وَمَا أَمَرَنِي بِهِ ، قَالَ : لِمَنْ أَنْتَ ؟ قُلْتُ : لامْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ جَعَلْتَنِي فِي حَائِطٍ لَهَا ، قَالَ : يَا أَبَا بَكْرٍ ، قَالَ : لَبَّيْكَ ، قَالَ : اشْتَرِهِ فَاشْتَرَانِي أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَعْتَقَنِي ، فَلَبِثْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَلْبَثَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا تَقُولُ فِي دِينِ النَّصَارَى ، قَالَ : لا خَيْرَ فِيهِمْ وَلا فِي دِينِهِمْ ، فَدَخَلَنِي أَمَرٌ عَظِيمٌ ، فَقُلْتُ : فِي نَفْسِي هَذَا الَّذِي كُنْتُ مَعَهُ وَرَأَيْتُ مَا رَأَيْتُهُ ثُمَّ رَأَيْتُهُ أَخَذَ بِيَدِ الْمُقْعَدِ , فَأَقَامَهُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ ، وَقَالَ : لا خَيْرَ فِي هَؤُلاءِ ، وَلا فِي دِينِهِمْ ، فَانْصَرَفْتُ وَفِي نَفْسِي مَا شَاءَ اللَّهُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ سورة المائدة آية 82 إِلَى آخِرِ الآيَةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : عَلَيَّ بِسَلْمَانَ ، فَأَتَى الرَّسُولُ وَأَنَا خَائِفٌ ، فَجِئْتُ حَتَّى قَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ سورة المائدة آية 82 إِلَى آخِرِ الآيَةِ , يَا سَلْمَانُ ، إِنَّ أُولَئِكَ الَّذِينَ كُنْتَ مَعَهُمْ وَصَاحِبُكَ لَمْ يَكُونُوا نَصَارَى ، إِنَّمَا كَانُوا مُسْلِمَيْنِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَهُوَ الَّذِي أَمَرَنِي بِاتِّبَاعِكَ ، فَقُلْتُ لَهُ : وَإِنْ أَمَرَنِي بِتَرْكِ دِينِكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِ ، قَالَ : فَاتْرُكْهُ ، فَإِنَّ الْحَقَّ وَمَا يَجِبُ فِيمَا يَأْمُرُكَ بِهِ ، قَالَ الْحَاكِمُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَالٍ فِي ذِكْرِ إِسْلامِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ ، عَنْ سَلْمَانَ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ بِغَيْرِ هَذِهِ السِّيَاقَةِ فَلَمْ أَجِدْ مِنْ إِخْرَاجِهِ بُدًّا لِمَا فِي الرِّوَايَتَيْنِ مِنَ الْخِلافِ فِي الْمَتْنِ وَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
سَلْمَانُ | سلمان الفارسي | صحابي |
زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ | زيد بن صوحان العبدي | صحابي |
سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ | سماك بن حرب الذهلي | صدوق سيء الحفظ, تغير بآخره وروايته عن عكرمة مضطربة |
حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ | حاتم بن أبي صغيرة القشيري | ثقة |
عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ | علي بن عاصم التميمي / ولد في :105 / توفي في :201 | متروك الحديث |
أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ | يحيى بن جعفر الواسطي / ولد في :180 / توفي في :275 | صدوق حسن الحديث |
أَبُو الْفَضْلِ الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ الْعَدْلُ | الحسن بن يعقوب البخاري | ثقة |