قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : فَأَخْبَرَنِي أَبِي ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ الأَرْقَمِ ، قَالَ : " إِنِّي لأَعْلَمُ الْيَوْمَ الَّذِي وَقَعَ فِي نَفْسِ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي حَجَّةٍ حَجَّهَا ، وَنَحْنُ عَلَى ظَهْرِ الدَّارِ ، فَيَمُرُّ تَحْتَنَا لَوْ أَشَاءُ أَنْ آخُذَ قَلَنْسُوَتَهُ لأَخَذْتُهَا ، وَأَنَّهُ لَيَنْظُرُ إِلَيْنَا مِنْ حِينِ يَهْبِطُ الْوَادِيَ حَتَّى يَصْعَدَ إِلَى الصَّفَا ، فَلَمَّا خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ بِالْمَدِينَةِ ، كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الأَرْقَمِ مِمَّنْ بَايَعَهُ ، وَلَمْ يَخْرُجْ مَعَهُ ، فَتَعَلَّقَ عَلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ بِذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ بِالْمَدِينَةِ أَنْ يَحْبِسَهُ وَيَطْرِحَهُ فِي الْحَدِيدِ ، ثُمَّ بَعَثَ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ ، يُقَالُ لَهُ شِهَابُ بْنُ عَبْدِ رَبٍّ ، وَكَتَبَ مَعَهُ إِلَى عَامِلِهِ بِالْمَدِينَةِ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَأْمُرُهُ ، فَدَخَلَ شِهَابٌ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ الْحَبْسَ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ ابْنُ بِضْعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً ، وَقَدْ ضَجَرَ فِي الْحَدِيدِ وَالْحَبْسِ ، فَقَالَ : هَلْ لَكَ أَنْ أُخَلِّصَكَ مِمَّا أَنْتَ فِيهِ وَتَبِيعُنِي دَارَ الأَرْقَمِ ؟ فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يُرِيدُهَا ، وَعَسَى إِنْ بِعْتُهُ إِيَّاهَا أَنْ أُكَلِّمَهُ فِيكَ فَيَعْفُوَ عَنْكَ ، قَالَ : إِنَّهَا صَدَقَةٌ وَلَكِنَّ حَقِّي مِنْهَا لَهُ وَمَعِي فِيهَا شُرَكَاءُ إِخْوَتِي وَغَيْرُهِمْ ، فَقَالَ : إِنَّمَا عَلَيْكَ نَفْسَكَ أَعْطِنَا حَقَّكَ وَبَرِئْتَ فَأَشْهَدْ لَهُ ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ كِتَابَ شِرَاءٍ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ ، ثُمَّ تَتَبَّعَ إِخْوَتَهُ فَفَتَنَهُمْ كَثْرَةُ الْمَالِ فَبَاعُوهُ ، فَصَارَتْ لأَبِي جَعْفَرٍ وَلِمَنْ أَقْطَعَهَا ، ثُمَّ صَيَّرَهَا الْمَهْدِيُّ لِلْخَيْزُرَانِ أُمِّ مُوسَى وَهَارُونَ فَبَنَتْهَا وَعُرِفَتْ بِهَا ، ثُمَّ صَارَتْ لِجَعْفَرِ بْنِ مُوسَى الْهَادِي ، ثُمَّ سَكَنَهَا أَصْحَابُ السَّطَوِيِّ وَالْعَدَنِيُّ ، ثُمَّ اشْتَرَى عَامَّتَهَا أَوْ أَكْثَرَهَا غَسَّانُ بْنُ عَبَّادٍ وَلَدُ جَعْفَرِ بْنِ مُوسَى ، وَأَمَّا دَارُ الأَرْقَمِ بِالْمَدِينَةِ فِي بَنِي زُرَيْقٍ فَقَطِيعَةٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ " .