سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدَ بْنَ يَعْقُوبَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ حَنْبَلَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ حَنْبَلٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ ، يَقُولُ : " يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي صَاحِبِ الْحَدِيثِ غَيْرُ خَصْلَةٍ ، يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الْحَدِيثِ أَنْ يَكُونَ ثَبْتَ الأَخْذِ ، وَيَفْهَمُ مَا يُقَالُ لَهُ , وَيُبْصِرُ الرِّجَالَ ، ثُمَّ يَتَعَهَّدُ ذَلِكَ " . قَالَ الْحَاكِمُ : وَمِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ طَالِبُ الْحَدِيثِ فِي زَمَانِنَا هَذَا أَنْ يَبْحَثَ عَنْ أَحْوَالِ الْمُحَدِّثِ أَوَّلا ، هَلْ يَعْتَقِدُ الشَّرِيعَةَ فِي التَّوْحِيدِ وَهَلْ يُلْزِمُ نَفْسَهُ طَاعَةَ الأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيْهِمْ ، وَوَضَعُوا مِنَ الشَّرْعِ ؟ ثُمَّ يَتَأَمَّلُ حَالَهُ : هَلْ هُوَ صَاحِبُ هَوًى يَدْعُو النَّاسَ إِلَى هَوَاهُ ؟ فَإِنَّ الدَّاعِيَ إِلَى الْبِدْعَةِ لا يُكْتَبُ عَنْهُ وَلا كَرَامَةَ , لإِجْمَاعِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى تَرْكِهِ ، ثُمَّ يَتَعَرَّفُ سِنَّهُ : هَلْ يَحْتَمِلُ سَمَاعَهُ مِنْ شُيُوخِهِ الَّذِينَ يُحَدِّثُ عَنْهُمْ ، فَقَدْ رَأَيْنَا مِنَ الْمَشَايِخِ جَمَاعَةً أَخْبَرُونَا بِسِنٍّ يَقْصُرُ عَنْ لِقَاءِ شُيُوخٍ ، حَدَّثُوا عَنْهُمْ ، ثُمَّ يَتَأَمَّلُ أُصُولَهُ : أَعَتِيقَةٌ هِيَ أَمْ جَدِيدَةٌ ؟ فَقَدْ نَبَغَ فِي عَصْرِنَا هَذَا جَمَاعَةٌ يَشْتَرُونَ الْكُتُبَ فَيُحَدِّثُونَ بِهَا ، وَجَمَاعَةٌ يَكْتُبُونَ سَمَاعَاتِهِمْ بِخُطُوطِهِمْ فِي كُتُبٍ عَتِيقَةٍ فِي الْوَقْتِ فَيُحَدِّثُونَ بِهَا ، فَمَنْ يَسْمَعُ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ أَهْلَ الصَّنْعَةِ فَمَعْذُورٌ بِجَهْلِهِ ، فَأَمَّا أَهْلُ الصَّنْعَةِ إِذَا سَمِعُوا مِنْ أَمْثَالِ هَؤُلاءِ بَعْدَ الْخِبْرَةِ ، فَفِيهِ جَرْحُهُمْ وَإِسْقَاطُهُمْ إِلَى أَنْ تَظْهَرَ تَوْبَتُهُمْ عَلَى أَنَّ الْجَاهِلَ بِالصَّنْعَةِ لا يُعْذَرُ ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ السُّؤَالُ عَمَّا لا يَعْرِفُهُ ، عَلَى ذَلِكَ كَانَ السَّلَفُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |