سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْمِصْرِيَّ يَقُولُ : " كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ ، فَجِئْتُ إِلَى عِنْدَ الْفُقَرَاءِ ، فَإِذَا رَجُلٌ أَعْجَمِيُّ ، كَبِيرُ الْهَامَةِ ، يُوَدِّعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَدَّعَهُ ، وَتَبِعْتُهُ حَتَّى جَاءَ إِلَى مَسْجِدِ الشَّجَرَةِ ، فَصَلَّى وَلَبَّى ، فَصَلَّيْتُ وَلَبَّيْتُ ، وَخَرَجْتُ خَلْفَهُ ، فَالْتَفَتَ فَرَآنِي ، فَقَالَ : مَا تُرِيدُ ؟ فَقُلْتُ : " أُرِيدُ أَنْ أَتَّبِعُكَ ، فَأَبَى عَلَيَّ ، فَأَلْحَحْتُ ، فَقَالَ : إِنْ كَانَ وَلا بُدَّ فَانْظُرْ أَنْ لا تَضَعَ قَدَمَكَ إِلا عَلَى أَثَرِ قَدَمِي ، فَقُلْتُ : نَعَمْ ، فَمَشَى وَأَخَذَ عَلَى غَيْرِ الطَّرِيقِ ، فَلَمَّا مَرَّ هَوِيٌّ مِنَ اللَّيْلِ ، فَإِذَا بِضَوْءِ سِرَاجٍ ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ ، فَقَالَ : هَذَا مَسْجِدُ عَائِشَةَ ، تَتَقَدَّمُ أَنْتَ أَوْ أَتَقَدَّمُ أَنَا ؟ فَقُلْتُ : مَا تَخْتَارُ ، فَتَقَدَّمَ ، وَنِمْتُ أَنَا حَتَّى كَانَ وَقْتُ السَّحَرِ دَخَلْتُ إِلَى مَكَّةَ ، وَطُفْتُ وَسَعَيْتُ وَجِئْتُ إِلَى عِنْدِ أَبِي بَكْرٍ الْكَتَّانِيِّ ، وَجَمَاعَةُ الشِّيُوخِ قُعُودٌ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ الْكَتَّانِيُّ : مَتَى قَدِمْتَ ؟ قُلْتُ : السَّاعَةَ ، فَقَالَ : مِنْ أَيْنَ ؟ قَالَ : قُلْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ ، فَقَالَ : كَمْ عَهْدُكَ مِنْهَا ؟ فَقُلْتُ : الْبَارِحَةَ ، فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضِ ، فَقَالَ لِيَ الْكَتَّانِيُّ : مَعَ مَنْ جِئْتَ ؟ فَقُلْتُ : مَعَ رَجُلٍ مِنْ حَالِهِ وَقِصَّتِهِ ، فَقَالَ : ذَاكَ أَبُو جَعْفَرٍ الدَّامَغَانِيُّ ، وَهَذَا فِي حَالِهِ قَلِيلٌ ، ثُمَّ قَالَ : قُومُوا اطْلُبُوهُ ، ثُمَّ قَالَ لِي : عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ حَالَكَ " .