أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَيْضِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُزَيْمٍ الشَّاشِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبًا ، يَقُولُ : " إِنَّ بُخْتَنَصَّرَ رَأَى فِي آخِرِ زَمَانِهِ صَنَمًا , رَأْسُهُ مِنْ ذَهَبٍ ، وَصَدْرُهُ مِنْ فِضَّةٍ ، وَبَطْنُهُ مِنْ نُحَاسٍ ، وَفَخِذُهُ مِنْ حَدِيدٍ ، وَسَاقَاهُ مِنْ فَخَّارٍ ، ثُمَّ إِنَّ حَجَرًا مِنَ السَّمَاءِ وَقَعَ عَلَيْهِ ، فَدَقَّهُ ، ثُمَّ رَمَى الْحَجَرَ حَتَّى مَلأَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، وَرَأَى شَجَرَةً , أَصْلُهَا فِي الأَرْضِ ، وَفُرُوعُهَا فِي السَّمَاءِ , ثُمَّ رَأَى عَلَيْهَا رَجُلا بِيَدِهِ فَأْسٌ ، وَسَمِعَ مُنَادِيًا يُنَادِي ، فَقَالَ : اضْرِبْ جِذْعَهَا ، فَتَفَرَّقَ الطَّيْرُ مِنْ فَرْعِهَا ، وَتَفَرَّقَ السِّبَاعُ وَالدَّوَابُّ مِنْ تَحْتِهَا ، وَاتْرُكْ أَصْلَهَا قَائِمًا ، فَعَبَّرَهُ لَهُ دَانِيَالُ ، قَالَ : أَمَّا الصَّنَمُ الَّذِي رَأَيْتَ ، فَأُمَمٌ مُخْتَلِفَةٌ فِي أَوَّلِ الزَّمَانِ ، وَفِي أَوْسَطِهِ ، وَفِي أَخِرِهِ ، فَأَنْتَ الرَّأْسُ مِنَ الذَّهَبِ ، وَأَنْتَ أَفْضَلُ مِنْ فِضَّةٍ ، فَابْنُكَ يَمْلِكُ مِنْ بَعْدَكَ ، وَأَمَّا الْبَطْنُ الَّذِي رَأَيْتَ مِنَ نُحَاسٍ ، فَمَلِكٌ يَكُونُ بَعْدَ ابْنِكَ ، وَأَمَّا مَا رَأَيْتَ مِنَ الْفَخِذِ مِنَ الْحَدِيدِ ، فَمُتَفَرِّقٌ فَرِيقَيْنِ فِي فَارِسَ ، يَكُونُ أَشَدُّ الْمَلِكِ ، وَأَمَّا الْفَخَّارُ فَآخِرُ مَلِكِهِمْ يَكُونُ دُونَ الْحَدِيدِ ، وَأَمَّا الْحَجَرُ الَّذِي رَأَيْتَ دَقَّهُ ، وَرَبُوهُ حَتَّى مَلأَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، فَحَذَفَ اللَّهُ بِهِ هَذِهِ الأُمَمَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ ، فَيَظْهَرُ عَلَيْهَا حَتَّى يُبْعَثَ نَبِيُّ أُمِّيٌّ مِنَ الْعَرَبِ ، فَيَدُقُّ بِهِ الأُمَمَ كَمَا رَأَيْتَ الْحَجَرَ دَقَّ أَصْنَافَ الصَّنَمِ ، وَيُظْهِرُهُ عَلَى الأَدْيَانِ وَالأُمَمِ كَمَا رَأَيْتَ الْحَجَرَ ظَهْرَ عَلَى الأَرْضِ ، وَانْتَشَرَ فِيهَا حَتَّى مَلأَهَا ، فَيُحِقُّ اللَّهُ بِهِ الْحَقَّ ، وَيُزْهِقُ بِهِ الْبَاطِلَ ، وَيُعِزُّ بِهِ الأَذِلَّةَ ، وَيَنْصُرُ بِهِ الْمُسْتَضْعَفِينَ ، وَأَمَّا الشَّجَرَةُ الَّتِي رَأَيْتَ ، وَالطَّيْرُ الَّتِي عَلَيْهَا ، وَالسِّبَاعُ وَالدَّوَابُّ الَّتِي تَحْتَهَا ، وَمَا أَمَرَ بِقَطْعِهَا ، فَيَذْهَبُ مُلْكُكَ ، فَيَرُدُّكَ اللَّهُ طَائِرًا يَكُونُ نِسْرًا مَلَكَ الطَّائِرَ ، ثُمَّ يَرُدُّكَ اللَّهُ ثَوْرًا مَلَكَ الدَّوَابَّ ، ثُمَّ يَرُدُّكَ اللَّهُ أَسَدًا مَلَكَ السِّبَاعَ وَالْوَحْشَ ، كَانَ مَسْخُهُ كُلَّ سَبْعِ سِنِينَ فِي ذَلِكَ , قَلْبُكَ قَلْبُ إِنْسَانٍ ، حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ عَلَيْهَا ، وَكَمَا رَأَيْتَ أَصْلَهَا قَائِمًا ، فَإِنَّ مُلْكَكَ قَائِمٌ . فَمُسِخَ بُخْتَنَصَّرُ نِسْرًا فِي الطَّيْرِ ، وَثَوْرًا فِي الدَّوَابِّ ، وَأَسَدًا فِي السِّبَاعِ ، ثُمَّ رَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ مُلْكَهُ ، فَآمَنَ ، وَدَعَا النَّاسَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . فَسُئِلَ وَهْبٌ : أَكَانَ مُؤْمِنًا ؟ فَقَالَ : وَجَدْتُ أَهْلَ الْكِتَابِ قَدِ اخْتَلَفُوا : فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : مُؤْمِنًا ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : أَحْرَقَ بَيْتَ اللَّهِ وَكُتُبَهُ ، وَقَتَلَ الأَنْبِيَاءَ ، وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ غَضَبًا ، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ حِينَئِذٍ تَوْبَةً " .