تفسير

رقم الحديث : 1758

ثُمَّ قَالَ : إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي إِقْبَالٍ مِنَ الآخِرَةِ وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا ، نَزَلَتْ إِلَيْهِ الْمَلائِكَةُ بِيضُ الْوُجُوهِ ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ كَفَنِ الْجَنَّةِ ، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ ، فَيَقُولُ : أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ ، اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ ، قَالَ : فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنَ السِّقَاءِ فَيَأْخُذُهَا ، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ ، حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُونَهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ ، وَذَلِكَ الْحَنُوطِ ، فَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ ، قَالَ : فَيَصْعَدُونَ بِهَا ، فَلا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلإٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ ، إِلا قَالُوا : مَا هَذِهِ الرُّوحُ الطَّيِّبَةُ ؟ فَيَقُولُونَ : فُلانٌ ابْنُ فُلانٍ ، بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ فِي الدُّنْيَا حَتَّى يَنْتَهُوا بِهِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا ، فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَيُفْتَحُ لَهُ ، قَالَ : فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : " اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ وَأَعِيدُوهُ إِلَى الأَرْضِ ، فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى " ، قَالَ : فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ وَيَأْتِيَهُ مَلَكَانِ ، فَيُجْلِسَانِهِ ، فَيَقُولانِ لَهُ : مَا دِينُكَ ؟ فَيَقُولُ : دِينِيَ الإِسْلامُ ، فَيَقُولانِ لَهُ : مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ؟ فَيَقُولُ : هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيَقُولانِ لَهُ : وَمَا عِلْمُكَ ؟ فَيَقُولُ : قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ ، قَالَ : فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ : صَدَقَ عَبْدِي ، أَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ ، فَيَأْتِيهِ مِنْ رِيحِهَا وَطِيبِهَا وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ ، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ ، طَيِّبُ الرِّيحِ ، فَيَقُولُ لَهُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ ، فَهَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ ، فَيَقُولُ لَهُ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ ، فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ ، فَيَقُولُ : رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ ، رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ ثَلاثًا ، حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي ، قَالَ : وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا ، وَإِقْبَالٍ مِنَ الآخِرَةِ ، نَزَلَ إِلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ مَلائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ مَعَهُمُ الْمُسُوحُ ، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلامُ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ ، فَيَقُولُ : أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ ، اخْرُجِي إِلَى سَخَطِ اللَّهِ وَغَضَبِهِ ، فَتَفَرَّقُ فِي أَعْضَائِهِ كُلِّهَا فَيَنْزِعُهَا كَمَا يُنْزَعُ السَّفُّودُ مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ ، فَتُقَطِّعُ مَعَهَا الْعُرُوقَ وَالْعَصَبَ ، قَالَ : فَيَأْخُذُهَا ، فَإِذَا أَخَذَهَا ، لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُونَهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ ، قَالَ : وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ ، فَيَصْعَدُونَ بِهَا ، فَلا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلإٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ ، إِلا قَالُوا : مَا هَذِهِ الرُّوحُ الْخَبِيثَةُ ؟ فَيَقُولُونَ : فُلانٌ ابْنُ فُلانٍ ، بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا ، حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهَا فَلا يُفْتَحُ لَهَا ، قَالَ : ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ سورة الأعراف آية 40 ، قَالَ : ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ : " اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ فِي الأَرْضِ السُّفْلَى " ، قَالَ : فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا ، قَالَ : ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ سورة الحج آية 31 ، قَالَ : فَتُعَادُ رُوحُهُ إِلَى جَسَدِهِ ، فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولانِ لَهُ : مَنْ رَبُّكَ ؟ فَيَقُولُ : هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي ، فَيَقُولانِ لَهُ : مَا دِينُكَ ؟ فَيَقُولُ : هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي ، فَيَقُولانِ لَهُ : مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ؟ فَيَقُولُ : هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي ، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ : كَذَبَ عَبْدِي ، فَأَفْرِشُوهُ مِنَ النَّارِ ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ النَّارِ ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ ، فَيَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا ، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلاعُهُ ، قَالَ : وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ ، قَبِيحٌ الثِّيَابِ مُنْتِنُ الرِّيحِ فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوؤُكَ ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ ، فَيَقُولُ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ ، فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ السَّيِّئُ ، فَيَقُولُ : رَبِّ لا تُقِمِ السَّاعَةَ " .

الرواه :

الأسم الرتبة