باب جماع توحيد الله عز وجل وصفاته واسمائه وانه حي قادر عالم سميع بصير متكلم مريد باقي


تفسير

رقم الحديث : 282

أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّكَّرِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدٍ الدَّقِيقِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَبُو الْعَنْبَرِ قِرَاءَةً مِنْ كِتَابِهِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمِنْقَرِيُّ بِتِنِّيسَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُوسُ بْنُ مَالِكٍ الْعَطَّارُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ ، يَقُولُ : " أُصُولُ السُّنَّةِ عِنْدَنَا : التَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالاقْتِدَاءُ بِهِمْ , وَتَرْكُ الْبِدَعِ , وَكُلُّ بِدْعَةٍ فَهِيَ ضَلالَةٌ , وَتَرْكُ الْخُصُومَاتِ وَالْجُلُوسِ مَعَ أَصْحَابِ الأَهْوَاءِ , وَتَرْكُ الْمِرَاءِ وَالْجِدَالِ وَالْخُصُومَاتِ فِي الدِّينِ , وَالسُّنَّةُ عِنْدَنَا : آثَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالسُّنَّةُ تُفَسِّرُ الْقُرْآنَ , وَهِيَ دَلائِلُ الْقُرْآنِ , وَلَيْسَ فِي السُّنَّةِ قِيَاسٌ , وَلا تُضْرَبُ لَهَا الأَمْثَالُ , وَلا تُدْرَكُ بِالْعُقُولِ وَلا الأَهْوَاءِ , إِنَّمَا هِيَ الاتِّبَاعُ وَتَرْكُ الْهَوَى , وَمِنَ السُّنَّةِ اللازِمَةِ الَّتِي مَنْ تَرَكَ مِنْهَا خَصْلَةً لَمْ يَقُلْهَا وَيُؤْمِنْ بِهَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا : الإِيمَانُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ , وَالتَّصْدِيقُ بِالأَحَادِيثِ فِيهِ , وَالإِيْمَانُ بِهَا لا يُقَالُ : لِمَ ؟ وَلا كَيْفَ ؟ , إِنَّمَا هُوَ التَّصْدِيقُ بِهَا وَالإِيمَانُ بِهَا ، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ تَفْسِيرَ الْحَدِيثِ وَيَبْلُغْهُ عَقْلُهُ فَقَدْ كُفِيَ ذَلِكَ وَأُحْكِمَ لَهُ , فَعَلَيْهِ الإِيمَانَ بِهِ وَالتَّسْلِيمَ لَهُ , مِثْلُ حَدِيثِ الصَّادِقِ َالْمَصْدُوقِ , وَمَا كَانَ مِثْلَهُ فِي الْقَدَرِ , وَمِثْلُ أَحَادِيثِ الرُّؤْيَةِ كُلِّهَا , وَإِنْ نَبَتْ عَنِ الأَسْمَاعِ وَاسْتَوْحَشَ مِنْهَا الْمُسْتَمِعُ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الإِيمَانُ بِهَا , وَأَنْ لا يَرُدَّ مِنْهَا جُزْءًا وَاحِدًا وَغَيْرَهَا مِنَ الأَحَادِيثِ الْمَأْثُورَاتِ عَنِ الثِّقَاتِ , لا يُخَاصِمُ أَحَدًا وَلا يُنَاظِرُهُ وَلا يَتَعَلَّمُ الْجَدَلَ , فَإِنَّ الْكَلامَ فِي الْقَدَرِ وَالرُّؤْيَةِ وَالْقُرْآنِ وَغَيْرِهَا مِنَ السُّنَنِ مَكْرُوهٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ , وَلا يَكُونُ صَاحِبُهُ إِنْ أَصَابَ بِكَلامِهِ السُّنَّةَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ حَتَّى يَدَعَ الْجَدَلَ وَيُسَلِّمَ وَيُؤْمِنَ بِالآثَارِ ، وَالْقُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ وَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ , وَلا يضْعُفْ أَنْ تَقُولَ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ , فَإِنَّ كَلامَ اللَّهِ مِنْهُ وَلَيْس بَائِنٌ مِنْهُ وَلَيْسَ مِنْهُ شَيْءٌ مَخْلُوقٌ , وَإِيَّاكَ وَمُنَاظَرَةَ مَنْ أَحْدَثَ فِيهِ , وَمَنْ قَالَ بِاللَّفْظِ وَغَيْرِهِ , وَمَنْ وَقَفَ فِيهِ فَقَالَ : لا أَدْرِي مَخْلُوقٌ أَوْ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ . وَإِنَّمَا هُوَ كَلامُ اللَّهِ ، صَاحِبُ بِدْعَةٍ مِثْلُ مَنْ قَالَ : هُوَ مَخْلُوقٌ ، وَإِنَّمَا هُوَ كَلامُ اللَّهِ وَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ . وَالإِيمَانُ بِالرُّؤْيَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ " . وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَأَى رَبَّهُ , وَأَنَّهُ مَأْثُورٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحٌ . رَوَاهُ قَتَادَةُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ . وَرَوَاهُ الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ ,عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ . وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَدِيثُ عِنْدَنَا عَلَى ظَاهِرِهِ كَمَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالْكَلامُ فِيهِ بِدْعَةٌ , وَلَكِنْ نُؤْمِنُ بِهِ كَمَا جَاءَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلا نُنَاظِرْ فِيهِ أَحَدًا . وَالإِيمَانُ بِالْمِيزَانِ كَمَا جَاءَ : " يُوزَنُ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلا يُزَنُ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ " , وَتُوزَنُ أَعْمَالُ الْعِبَادِ كَمَا جَاءَ فِي الأَثَرِ . وَالإِيمَانُ بِهِ وَالتَّصْدِيقُ بِهِ وَالإِعْرَاضُ عَن منْ رَدَّ ذَلِكَ , وَتَرْكُ مُجَادَلَتِهِ . وَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُكَلِّمُ الْعِبَادَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ , وَالإِيمَانُ بِهِ وَالتَّصْدِيقُ بِهِ . وَالإِيمَانُ بِالْحَوْضِ , وَأَنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوْضًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتُهُ , عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِهِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ , آنِيَتُهُ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ , عَلَى مَا صَحَّتْ بِهِ الأَخْبَارُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ . وَالإِيمَانُ بِعَذَابِ الْقَبْرِ , وَأَنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُفْتَنُ فِي قُبُورِهَا , وَتُسْأَلُ عَنِ الإِيمَانِ وَالإِسْلامِ , وَمَنْ رَبُّهُ , وَمَنْ نَبِيُّهُ , وَيَأْتِيهِ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ كَيْفَ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَكَيْفَ أَرَادَ , وَالإِيمَانُ بِهِ وَالتَّصْدِيقُ بِهِ . وَالإِيمَانُ بِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَبِقَوْمٍ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ بَعْدَمَا احْتَرَقُوا وَصَارُوا فَحْمًا , فَيُؤْمَرُ بِهِمْ إِلَى نَهْرٍ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ كَمَا جَاءَ فِي الأَثَرِ , كَيْفَ شَاءَ اللَّهُ وَكَمَا شَاءَ , إِنَّمَا هُوَ الإِيمَانُ بِهِ وَالتَّصْدِيقُ بِهِ , وَالإِيمَانُ أَنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ خَارِجٌ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ , وَالأَحَادِيثُ الَّتِي جَاءَتْ فِيهِ , وَالإِيمَانُ بِأَنَّ ذَلِكَ كَائِنٌ , وَأَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ يَنْزِلُ فَيَقْتُلُهُ بِبَابِ لُدٍّ . وَالإِيمَانُ : قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ : " أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا " . وَمَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ فَقَدْ كَفَرَ , وَلَيْسَ مِنَ الأَعْمَالِ شَيْءٌ تَرْكُهُ كُفْرٌ إِلا الصَّلاةَ , مَنْ تَرَكَهَا فَهُوَ كَافِرٌ , وَقَدْ أَحَلَّ اللَّهُ قَتْلَهُ . وَخَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ , ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ , ثُمَّ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ , نُقَدِّمُ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةَ كَمَا قَدَّمَهُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِكَ , ثُمَّ بَعْدَ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةِ أَصْحَابُ الشُّورَى الْخَمْسُ , عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ , وَطَلْحَةُ , وَالزُّبَيْرُ , وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ , وَسَعْدٌ , كُلُّهُمْ يَصْلُحُ لِلْخِلافَةِ وَكُلُّهُمْ إِمَامٌ . وَنَذْهَبُ إِلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ : كُنَّا نَعُدُّ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ , وَأَصْحَابُهُ مُتَوَافِرُونَ : أَبُو بَكْرٍ , ثُمَّ عُمَرُ , ثُمَّ عُثْمَانُ , ثُمَّ نَسْكُتُ . ثُمَّ مِنْ بَعْدِ أَصْحَابِ الشُّورَى أَهْلُ بَدْرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ , ثُمَّ أَهْلُ بَدْرٍ مِنَ الأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَدْرِ الْهِجْرَةِ وَالسَّابِقَةِ أَوَّلا فَأَوَّلا . ثُمَّ أَفْضَلُ النَّاسِ بَعْدَ هَؤُلاءِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثَ فِيهِمْ , كُلُّ مَنْ صَحِبَهُ سَنَةً أَوْ شَهْرًا أَوْ يَوْمًا أَوْ سَاعَةً أَوْ رَآهُ , فَهُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ , لَهُ مِنَ الصُّحْبَةِ عَلَى قَدْرِ مَا صَحِبَهُ , وَكَانَتْ سَابِقَتُهُ مَعَهُ , وَسَمِعَ مِنْهُ وَنَظَرَ إِلَيْهِ نَظْرَةً , فَأَدْنَاهُمْ صُحْبَةً هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْقَرْنِ الَّذِينَ لَمْ يَرَوْهُ , وَلَوْ لَقُوا اللَّهَ بِجَمِيعِ الأَعْمَالِ كَانَ هَؤُلاءِ الَّذِينَ صَحِبُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَوْهُ وَسَمِعُوا مِنْهُ ، وَمَنْ رَآهُ بِعَيْنِهِ ، وَآمَنَ بِهِ وَلَوْ سَاعَةً أَفْضَلَ بِصُحْبَتِهِ مِنَ التَّابِعِينَ وَلَوْ عَمِلُوا كُلَّ أَعْمَالِ الْخَيْرِ . وَالسَّمْعُ وَالطَّاعَةُ لِلأَئِمَّةِ ، وَأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ , وَمَنْ وَلِيَ الْخِلافَةَ فَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ وَرَضُوا بِهِ . وَمَنْ غَلَبَهُمْ بِالسَّيْفِ حَتَّى صَارَ خَلِيفَةً وَسُمِّيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ . وَالْغَزْوُ مَاضٍ مَعَ الأُمَرَاءِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ لا يُتْرَكُ . وَقِسْمَةُ الْفَيْءِ وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ إِلَى الأَئِمَّةِ مَاضٍ لَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَطْعَنَ عَلَيْهِمْ وَلا يُنَازِعَهُمْ , وَدَفْعُ الصَّدَقَاتِ إِلَيْهِمْ جَائِزَةٌ وَنَافِذَةٌ , مَنْ دَفَعَهَا إِلَيْهِمْ أَجْزَأَتْ عَنْهُ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا , وَصَلاةُ الْجُمُعَةِ خَلْفَهُ وَخَلْفَ مَنْ وَلَّى جَائِزَةٌ تَامَّةٌ رَكْعَتَيْنِ , مَنَ أَعَادَهُمَا فَهُوَ مُبْتَدِعٌ , تَارِكٌ لِلآثَارِ , مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ , لَيْسَ لَهُ مِنْ فَضْلِ الْجُمُعَةِ شَيْءٌ إِذَا لَمْ يَرَ الصَّلاةَ خَلْفَ الأَئِمَّةِ مَنْ كَانُوا بَرِّهِمْ وَفَاجِرِهِمْ , فَالسُّنَّةُ أَنَّ تُصَلِّيَ مَعَهُمْ رَكْعَتَيْنِ , مَنَ أَعَادَهُمَا فَهُوَ مُبْتَدِعٌ , وَتَدِينُ بِأَنَّهَا تَامَّةٌ , وَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ مِنْ ذَلِكَ شَكٌّ . وَمَنْ خَرَجَ عَلَى إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ كَانَ النَّاسُ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَأَقَرُّوا لَهُ بِالْخِلافَةِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ بِالرِّضَا أَوْ بِالْغَلَبَةِ فَقَدْ شَقَّ هَذَا الْخَارِجُ عَصَا الْمُسْلِمِينَ , وَخَالَفَ الآثَارَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِنْ مَاتَ الْخَارِجُ عَلَيْهِ مَاتَ مِيتَةَ جَاهِلِيَّةٍ . وَلا يَحِلُّ قِتَالُ السُّلْطَانِ وَلا الْخُرُوجُ عَلَيْهِ لأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ , فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ عَلَى غَيْرِ السُّنَّةِ وَالطَّرِيقِ . وَقِتَالُ اللُّصُوصِ وَالْخَوَارِجِ جَائِزٌ إِذَا عَرَضُوا لِلرَّجُلِ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ , فَلَهُ أَنْ يُقَاتِلَ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَيَدْفَعَ عَنْهَا بِكُلِّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ . وَلَيْسَ لَهُ إِذَا فَارَقُوهُ أَوْ تَرَكُوهُ أَنْ يَطْلُبَهُمْ وَلا يَتْبَعَ آثَارَهُمْ , لَيْسَ لأَحَدٍ إِلا لِلإِمَامِ أَوْ وُلاةِ الْمُسْلِمِينَ , إِنَّمَا لَهُ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ , وَيَنْوِي بِجَهْدِهِ أَنْ لا يَقْتُلَ أَحَدًا , فَإِنْ أَتَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ فِي الْمَعْرَكَةِ فَأَبْعَدَ اللَّهُ الْمَقْتُولَ , وَإِنْ قَتَلَ هَذَا فِي تِلْكَ الْحَالِ وَهُوَ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ رَجَوْتُ لَهُ الشَّهَادَةَ , كَمَا جَاءَ فِي الأَحَادِيثِ وَجَمِيعِ الآثَارِ فِي هَذَا إِنَّمَا , أُمِرَ بِقِتَالِهِ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِقَتْلِهِ وَلا اتِّبَاعِهِ , وَلا يُجْهِزْ عَلَيْهِ إِنْ صُرِعَ أَوْ كَانَ جَرِيحًا , وَإِنْ أَخَذَهُ أَسِيرًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ وَلا يُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدَّ , وَلَكِنْ يَرْفَعُ أَمْرَهُ إِلَى مَنْ وَلاهُ اللَّهُ فَيَحْكُمُ فِيهِ . وَلا نشْهَدُ عَلَى أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِعَمَلٍ يَعْمَلُهُ بِجَنَّةٍ وَلا نَارٍ نَرْجُو لِلصَّالِحِ , وَنَخَافُ عَلَيْهِ , وَنخَافُ عَلَى الْمُسِيءِ الْمُذْنِبِ , وَنَرْجُو لَهُ رَحْمَةَ اللَّهِ . وَمَنْ لَقِيَ اللَّهَ بِذَنْبٍ يَجِبُ لَهُ بِهِ النَّارُ تَائِبًا غَيْرَ مُصِرٍّ عَلَيْهِ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَتُوبُ عَلَيْهِ وَيَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ . وَمَنْ لَقِيَهُ وَقَدْ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ ذَلِكَ الذَّنْبِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَتُهُ كَمَا جَاءَ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَمَنْ لَقِيَهُ مُصِرًّا غَيْرَ تَائِبٍ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي قَدِ اسْتَوْجَبَ بِهَا الْعُقُوبَةَ , فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ , وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ . وَمَنْ لَقِيَهُ كَافِرًا عَذَّبَهُ وَلَمْ يَغْفِرْ لَهُ . وَالرَّجْمُ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَا وَقَدْ أُحْصِنَ إِذَا اعْتَرَفَ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ , وَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدْ رَجَمَتِ الأَئِمَّةُ الرَّاشِدُونَ . وَمَنِ انْتَقَصَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَبْغَضَهُ لِحَدَثٍ كَانَ مِنْهُ أَوْ ذَكَرَ مَسَاوِئَهُ كَانَ مُبْتَدِعًا حَتَّى يَتَرَحَّمَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا , وَيَكُونَ قَلْبُهُ لَهُمْ سَلِيمًا . وَالنِّفَاقُ هُوَ الْكُفْرُ , أَنْ يَكْفُرَ بِاللَّهِ وَيَعْبُدَ غَيْرَهُ , وَيُظْهِرَ الإِسْلامَ فِي الْعَلانِيَةِ ، مِثْلَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ الَّتِي جَاءَتْ : " ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ " . هَذَا عَلَى التَّغْلِيظِ , نَرْوِيهَا كَمَا جَاءَتْ وَلا نُفَسِّرُهَا . وَقَوْلُهُ : " لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا ضُلالًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ " . وَمِثْلُ : " إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ " , وَمِثْلُ : " سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ " , وَمِثْلُ : " مَنْ قَالَ لأَخِيهِ : يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا " , وَمِثْلُ : " كُفْرٌ بِاللَّهِ تَبَرُّؤٌ مِنْ نَسَبٍ , وَإِنْ دَقَّ " . وَنَحْوُهُ مِنَ الأَحَادِيثِ مِمَّا قَدْ صَحَّ وَحُفِظَ فَإِنَّا نُسَلِّمُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ تَفْسِيرُهَا , وَلا يُتَكَلَّمُ فِيهِ وَلا يُجَادَلُ فِيهِ وَلا تُفَسَّرُ هَذِهِ الأَحَادِيثُ إِلا مِثْلَ مَا جَاءَتْ , وَلا نَرُدُّهَا إِلا بِالْحَقِّ مِنْهَا . وَالْجَنَّةُ وَالنَّارُ مَخْلُوقَتَانِ , قَدْ خُلِقَتَا كَمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ قَصْرًا , وَرَأَيْتُ الْكَوْثَرَ , وَاطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ لأَهْلِهَا كَذَا , وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ كَذَا , وَرَأَيْتُ كَذَا " فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُمَا لَمْ تُخْلَقَا فَهُوَ مُكَذِّبٌ بِالْقُرْآنِ وَأَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلا أَحْسِبُهُ يُؤْمِنُ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ . وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ مُوَحِّدًا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُسْتَغْفَرُ لَهُ , وَلا تُتْرَكُ الصَّلاةُ عَلَيْهِ لِذَنْبٍ أَذْنَبَهُ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا , وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .

الرواه :

Whoops, looks like something went wrong.