أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَصِيرُ ، قَالَ : أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحَرَّانِيُّ ، قَالَ : نا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى حَيُّويَهِ النَّيْسَابُورِيُّ ، قَالَ : سمعت أَبَا سَعِيدٍ الْفِرْيَابِيَّ ، يَقُولُ : سَأَلْتُ الْمُزَنِيَّ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ عَنِ الإِيمَانِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ثَقِيلٌ مِنَ الْمَرَضِ يُغْمَى عَلَيْهِ مَرَّةً ، وَيُفِيقُ مَرَّةً ، وَقَدْ كَانُوا صَرَخُوا عَلَيْهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ مَاتَ ، فَقُلْتُ لَهُ : أَنْتَ إِمَامِي بَعْدَ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَا قَوْلُكَ فِي الإِيمَانِ ؟ إِنَّ النَّاسَ قَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ : فَمِنْهُمْ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ ويَزِيدُ وَيَنْقُصُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : قَوْلٌ وَالْعَمَلُ شَرَائِعُهُ ، فَقَالَ مُجِيبًا بِسُؤَالٍ ثَقِيلٍ : مَنِ الَّذِي يَقُولُ : قَوْلٌ وَعَمَلٌ ؟ قُلْتُ : مَالِكٌ ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، وَابْنُ جُرَيْجٍ ، وَذَكَرْتُ لَهُ جَمَاعَةً ، فَقَالَ : لا يُعْجِبُنِي , أَوْ لا أُحِبُّهُ , أَنْ يُكَفَّرَ أَحَدٌ ، إِنَّمَا قَالَ : سَلْنِي عَنِ الاسْمِ أَوْ مَعْنَى الاسْمِ ، فَتَعَجَّبْتُ مِنْ سُؤَالِهِ إِيَّايَ مَعَ مَا هُوَ فِيهِ وَهُوَ يُغْمَى عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ ، ثُمَّ قَالَ : مَنْ أَخْطَأَ فِي الاسْمِ لَيْسَ كَمَنْ أَخْطَأَ فِي الْمَعْنَى ، الْخَطَأُ فِي الْمَعْنَى أَصْعَبُ ، ثُمَّ قَالَ : فَمَا يَقُولُ هَذَا الْقَائِلُ فِيمَنْ جَهِلَ بَعْضَ الأَعْمَالِ ؟ هُوَ مِثْلُ مَنْ جَهِلَ الْمَعْرِفَةَ يُرِيدُ التَّوْحِيدَ كُلَّهُ ، ثُمَّ قَالَ : هَذَا بَابٌ لَمْ أُعْمِلْ فِيهِ فِكْرِي ، وَلَكِنْ أَنْظُرُ لَكَ فِيهِ ، فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ ، فَقَبَّلْتُ جَبِينَهُ ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ وَمَا شَعَرَ بِي ، وَذَلِكَ أَنِّي قَبَّلْتُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ يَدَهُ فَمَدَّ يَدِي فَقَبَّلَهَا ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِي ذَلِكَ رَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ لِي ابْنُ أَخِيهِ عَتِيقٌ : إِنَّهُ سَأَلَ عَنْكَ وَقَالَ : قُلْ لَهُ : " الإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ " ، فَقَعَدْتُ عِنْدَهُ حِذَاءَ وَجْهِهِ ، فَفَتَحَ عَيْنَهُ ثَقِيلا ، فَقَالَ لِي : الْفِرْيَابِيُّ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ ، قَالَ : لا خِلافَ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ بِالْبَيْتِ وقال : " إِيمَانًا بِكَ وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِكَ " . وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الأَعْمَالِ مِنَ الإِيمَانِ . قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : هَذَا آخِرُ مَسْأَلَةٍ سَأَلْتُ الْمُزَنِيَّ عَنْهَا ، وَمَاتَ بَعْدَ هَذَا بِثَلاثَةِ أَيَّامٍ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |