حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ الصَّوَّافِ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، سَمِعْتُ أَبِي ، يَقُولُ : ذَكَرْتُ لأَبِي نُعَيْمٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ ، فَقَالَ : كَانَ هَؤُلاءِ أَهْلَ بَيْتٍ يَتَوَارَثُونَ الْضَعْفَ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ وَلِعَمْرِي لَقَدْ كُنْتُ هَمَمْتُ أَنْ أَجْعَلَ هَذَا الْفَصْلَ كِتَابًا جَامِعًا يَشْمَلُ عَلَى تَرْتِيبِ أَحْوَالِ الرُّوَاةِ ، وَمَعْرِفَةِ مَنَازِلِهِمْ وَمَقَادِيرِهِمْ ، ثُمَّ أَهْلِ الصَّنْعَةِ ، فَإِذَا الْكِتَابُ يَخْرُجُ عَنِ الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ لَهُ وَيَصِيرُ كِتَابًا ذَا فُنُونٍ وَأَنْوَاعٍ فَعَدَلْتُ عَنْ ذَلِكَ ، لأَنَّ الْغَرَضَ فِي نُصْرَةِ مَنْ رَأَى النَّظَرَ فِي أَحْوَالِ الرُّوَاةِ ، وَتَعْدِيلَ مَنْ وَجَبَ تَعْدِيلُهُ ، وَقَبُولَ خَبَرِ مَنْ وَجَبَ قَبُولُهُ ، وَإِسْقَاطَ مَنْ وَجَبَ إِسْقَاطُهُ ، وَتَجْوِيزَ الْجَمْعِ لِبَعْضِ صَحِيحِ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الأَحْكَامِ وَالتَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ كَالإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيِّ ، وَمُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، وَأَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ ، وَغَيْرِهِمْ رَحِمَهُمُ اللَّهُ الَّذِينَ صَنَّفُوا جَوَامِعَهُمْ فِي السُّنَنِ وَالأَحْكَامِ وَحَكَمُوا بِصِحَّتِهَا وَعَدَالَةِ نَاقِلِيهَا ، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ شَرَطَ شَرْطًا أَوْ حَذَا حَذْوًا ، فَجَمَعَ عَلَى شَرْطِهِ حَاكِمًا بِإِسْقَاطِ مَا لَمْ يُخَرِّجْهُ وَلَمْ يَجْمَعْهُ هَذَا لا يَتَوَهَّمُهُ عَلَيْهِمْ إِلا الأَغْبِيَاءُ الَّذِينَ لا يَتَعَلَّقُونَ مِنْ مَعْرِفَةِ هَذَا الشَّأْنِ ، وَالصَّنْعَةِ بِكَبِيرِ شَأْنٍ ، فَأَمَّا الصُّدُورُ وَالأَكَابِرُ مِنْ عُلَمَاءِ هَذِهِ الصَّنْعَةِ يَقُولُونَ فِي التَّعْدِيلِ وَالْجَرْحِ عَلَى كُتُبِهِمْ فِي الْعِلَلِ وَالتَّوَارِيخِ الَّذِي يَكُونُ مَبْنَاهُمْ فِيهِ ، وَمَقْصِدُهُمْ عَلَى إِبَانَةِ أَحْوَالِ الرُّوَاةِ ، فَيُسْقِطُونَ مَنْ أَسْقَطُوهُ ، وَيُعَدِّلُونَ مَنْ عَدَّلُوهُ ، وَيُجَرِّحُونَ مَنْ جَرَّحُوهُ ، وَيُضَعِّفُونَ مَنْ ضَعَّفُوهُ ، وَيُوَسِّطُونَ مَنْ وَسَّطُوهُ أَلا تَرَى جَوَابَ الأَئِمَّةِ فِي الْمَسْئُولِينَ إِيَّاهُمْ مُخْتَلِفًا فَتَارَةً يَقُولُونَ : بَيْتٌ صَدُوقٌ ، وَأُخْرَى يَقُولُونَ : صَالِحٌ ، وَمَرَّةً يَقُولُونَ : لا بَأْسَ بِهِ ، وَأُخْرَى يَقُولُونَ : لا شَيْءَ فَأَجْوِبَتُهُمْ تَخْتَلِفُ عَلَى قَدْرِ مَعْرِفَتِهِمْ وَعَلَيْهِمْ بِحَالِ الْمَسْئُولِ فِيهِ فَعَلَى مُصَنَّفَاتِهِمْ فِي الْعِلَلِ وَسُؤَالاتِهِمْ يُعْتَمَدُ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ لا عَلَى كِتَابٍ بَنَوْا فِيهِ عَلَى أَصْلٍ وَشَرَطُوا لأَنْفُسِهِمْ فِيهِ شَرْطًا . .