وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ : " وَإِنِّي وَجَدْتُ فِي بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى أَنْبِيَائِهِ : أَنَّ الشَّيْطَانَ لَمْ يُكَابِدْ شَيْئًا أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ مُؤْمِنٍ عَاقِلٍ ، وَأَنَّهُ يُكَابِدُ مِائَةَ أَلْفِ جَاهِلٍ فَيَسْخَرُ بِهِمْ حَتَّى يَرْكَبَ رِقَابَهُمْ فَيَنْقَادُونَ لَهُ حَيْثُ شَاءَ ، وَيُكَابِدُ الْمُؤْمِنَ الْعَاقِلَ ، فَيَصْعُبُ عَلَيْهِ حَتَّى لا يَنَالَ مِنْهُ شَيْئًا " ، وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ : " لإِزَالَةُ الْجَبَلِ صَخْرَةً صَخْرَةً ، وَحَجَرًا حَجَرًا ، أَيْسَرَ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ مُكَابَدَةِ الْمُؤْمِنِ الْعَاقِلِ ، لأَنَّهُ إِذَا كَانَ مُؤْمِنًا عَاقِلا ذَا بَصِيرَةٍ ، فَلَهُوَ أَثْقَلُ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنَ الْجِبَالِ ، وَأَصْعَبُ مِنَ الْحَدِيدِ ، وَأَنَّهُ لَيُزَايِلُهُ بِكُلِّ حِيلَةٍ ، فَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَسْتَزِلَّهُ ، قَالَ : يَا وَيْلَهُ وَلِهَذَا ، لا حَاجَةَ لِي بِهَذَا ، وَلا طَاقَةَ لِي بِهَذَا ، فَيَرْفُضَهُ وَيَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَاهِلِ يَسْتَأْسِرُهُ وَيَسْتَمْكِنُ مِنْ قِيَادِهِ ، حَتَّى يُسْلِمَهُ إِلَى الْفَضَائِحِ الَّتِي يَتَعَجَّلُ بِهَا فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا ، كَالْجَلْدِ ، وَالْحَلْقِ وَتَسْخِيمَ الْوُجُوهِ ، وَالْقَطْعِ ، وَالرَّجْمِ ، وَالصَّلْبِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَيْنِ لَيَسْتَوِيَانِ فِي أَعْمَالِ الْبِرِّ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ أَوْ أَبْعَدَ ، إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَعْقَلَ مِنَ الآخَرِ " .