حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، وَحَدَّثَنِي أَبِي ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ ، قَالا : ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَعْقِلٍ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبًا ، يَقُولُ فِي مَوْعِظَةٍ لَهُ : " هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ يُقَالُ فِيهِ بِعُسْرِهِ طَوِيلٌ يَعِظُ الْيَوْمَ السَّعِيدَ وَيَسْتَكْثِرُ مِنْ مَنَافِعِهِ اللَّبِيبُ يَا ابْنَ آدَمَ ، إِنَّمَا جَمَعْتُ مِنْ مَنَافِعِ هَذَا الْيَوْمِ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْجَهَالَةِ عَنْكَ ، وَإِنَّمَا أُوقِدَتْ فِيهِ مَصَابِيحُ الْهُدَى ، لَيْتَهُ يُجْزِيكَ ، فَلَمْ أَرَ الْيَوْمَ ضَلَّ مَعَ نُورِهِ مُتَحَيِّرًا وَاعِيًا مُرُوءَاتِ سَقِيمٍ يَا ابْنَ آدَمَ ، إِنَّهُ لا أَقْوَى مِنْ خَالِقٍ ، وَلا أَضْعَفَ مِنْ مَخْلُوقٍ ، وَلا أَقْدَرَ مِمَّنْ طُلْبَتُهُ فِي يَدِهِ ، وَلا أَضْعَفَ مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِ طَالِبِهِ يَا ابْنَ آدَمَ ، إِنَّهُ قَدْ ذَهَبَ مِنْكَ مَالا يَرْجِعُ إِلَيْكَ وَأَقَامَ مَعَكَ مَا سَيَذْهَبُ فَمَا الْجَزَعُ مِمَّا لابُدَّ مِنْهُ ، وَمَا الطَّمَعُ فِيمَا يُرْتَجَى وَمَا الْحِيلَةُ فِي بَقَاءِ مَا سَيَذْهَبُ ، يَا ابْنَ آدَمَ ، أَقْصِرْ عَنْ طَلَبِ مَا لا تُدْرِكُ ، وَعَنْ تَنَاوُلِ مَا لا تَنَالُهُ ، وَعَنِ ابْتِغَاءِ مَا لا يُوجَدُ ، وَاقْطَعِ الرَّجَاءَ عَنْكَ كَمَا قَعَدَتْ بِكَ الأَشْيَاءُ ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ رُبَّ مَطْلُوبٍ هُوَ شَرٌّ لِطَالِبِهِ ، يَا ابْنَ آدَمَ ، إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ ، وَأَعْظَمُ الْمُصِيبَةِ سُوءُ الْخُلُقِ مِنْهَا ، يَا ابْنَ آدَمَ ، وَأَيُّ أَيَّامِ الدَّهْرِ يُرْتَجَى فِي غَنْمٍ ، أَوْ أَيِّ يَوْمٍ تَسْتَأْخِرُ عَاقِبَتَهُ عَنْ أَوَانِ مَجِيئِهِ ، فَانْظُرْ إِلَى الدَّهْرِ تَجِدْهُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ : يَوْمٌ مَضَى لا تَرْجُوهُ ، وَيَوْمٌ حَضَرَ فَلا تَزِيدُهُ ، وَيَوْمٌ يَجِيءُ لا تَأْمَنُهُ ، فَأَمْسُ شَاهِدٌ مَقْبُولٌ ، وَأَمِينٌ مَرْدُودٌ ، وَحَكِيمٌ مُوَارِبٌ ، قَدْ فَجَعَكَ بِنَفْسِهِ ، وَخَلَّفَ فِيكَ حِكْمَتَهُ ، وَالْيَوْمُ صَدِيقٌ مُوَدِّعٌ ، كَانَ طَوِيلَ الْغَيْبَةِ ، وَهُوَ سَرِيعُ الظَّعْنِ ، أَتَاكَ وَلَمْ تَأْتِهِ ، وَقَدْ مَضَى قَبْلَهُ شَاهِدُ عَدْلٍ ، فَإِنْ كَانَ مَا فِيهِ لَكَ فَاشْفَعْهُ بِمِثْلِهِ ، أَوْ ثِقْ بِاجْتِمَاعِ شَهَادَتِهِمَا لَكَ أَوْ عَلَيْكَ ، يَا ابْنَ آدَمَ ، إِنَّهُ مَا أَعْظَمُ رَزِيَّةٍ فِي عَقْلِهِ مِمَّنْ ضَيَّعَ الْيَقِينَ وَأَخْطَأَهُ الْعَمَلُ ، أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّمَا الْبَقَاءُ بَعْدَ الْفِنَاءِ ، وَقَدْ خُلِقْنَا وَلَمْ نَكُنْ ، وَسَنَبْلَى ثُمَّ نَعُودُ ، وَإِنَّمَا الْعَوَارِي الْيَوْمَ وَالْهِبَاتُ غَدًا ، أَلا وَإِنَّهُ قَدْ قَرُبَ مِنَّا سَلْبٌ فَاحِشٌ ، أَوْ عَطَاءٌ جَزِيلٌ ، فَاسْتَصْلِحُوا مَا تَقْدِمُونَ عَلَيْهِ بِمَا تَظْعَنُونَ عَنْهُ ، أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّمَا أَنْتُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا عَرَضٌ تَنْتَضِلُ فِيهِ الْمَنَايَا ، وَإِنَّمَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنْ دُنْيَاكُمْ نَهْبٌ لِلْمَصَائِبِ ، لا تَنَاوَلُونَ فِيهَا نِعْمَةً إِلا بِفِرَاقِ الأُخْرَى ، وَلا يَسْتَقْبِلُ مِنْكُمْ مُعَمَّرٌ يَوْمًا مِنْ عُمْرِهِ إِلا بِهَدْمِ آخَرَ مِنْ أَجَلِهِ ، وَلا يُجَدَّدُ لَهُ زِيَادَةٌ فِي أَكْلَةٍ إِلا بِنَفَادِ مَا قَبْلَهُ مِنْ رِزْقِهِ ، وَلا يَحْيَا لَهُ أَثَرٌ إِلا مَاتَ لَهُ أَثَرٌ ، فَنَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُبَارِكَ لَنَا وَلَكُمْ فِيمَا مَضَى مِنْ هَذِهِ الْعِظَةِ ، يَا ابْنَ آدَمَ ، إِنَّمَا أَهْلُ الدُّنْيَا سَفْرٌ لا يَحِلُّونَ عُقْدَةَ الرِّحَالِ إِلا فِي غَيْرِهَا ، وَإِنَّمَا يَتَبَاقُونَ بِالْعَوَارِي ، فَمَا أَحْسَنَ الشُّكْرَ لِلْمُنْعِمِ ، وَالتَّسْلِيمَ لِلْمِيعَادِ ، يَا ابْنَ آدَمَ ، إِنَّمَا الشَّيْءُ مِنْ مِثْلِهِ ، وَقَدْ مَضَتْ مِنْ قَبْلِنَا أُصُولٌ نَحْنُ مِنْ فُرُوعِهَا ، فَمَا بَقَاءُ الْفَرْعِ بَعْدَ الأَصْلِ ؟ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبِي | أحمد بن حنبل الشيباني | ثقة حافظ فقيه حجة |
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ | عبد الله بن أحمد الشيباني / ولد في :213 / توفي في :290 | ثقة حجة |