ادريس الخولاني


تفسير

رقم الحديث : 12912

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ , ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ السُّكَّرِيُّ الْبَغْدَادِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ خَشْرَمٍ , يَقُولُ : كَتَبَ بِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ أَبُو نَصْ ، إِلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ خَشْرَمٍ : " السَّلامُ عَلَيْكَ ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ ، أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنِّي أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُتِمَّ مَا بِنَا وَبِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ ، وَأَنْ يَرْزُقُنَا وَإِيَّاكُمُ الشُّكْرَ عَلَى إِحْسَانِهِ ، وَأَنْ يُمِيتَنَا وَيُحْيِيَنَا وَإِيَّاكُمْ عَلَى الإِسْلامِ , وَأَنْ يُسْلِمَ لَنَا وَلَكُمْ خَلْفًا مِنْ تَلَفٍ ، وَعِوَضًا مِنْ كُلِّ رَزِيَّةٍ ، أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ يَا عَلِيُّ ، وَلُزُومِ أَمْرِهِ وَالتَّمَسُّكِ بِكِتَابِهِ , ثُمَّ اتِّبَاعِ آثَارِ الْقَوْمِ الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَسَهَّلُوا لَنَا السُّبُلَ فَاجْعَلْهُمْ نُصْبَ عَيْنَيْكَ ، وَأَكْثِرْ عَرَضَ حَالاتِهِمْ عَلَيْكَ تَأْنَسْ بِهِمْ فِي الْخَلاءِ ، وَيَغْنُوكُ عَنْ مُشَاهَدَةِ الْمَلاءِ ، فَمَثِّلْ حَالَهُمْ كَأَنَّكَ تُشَاهِدُهُمْ , فَمُجَالَسَةُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْفَقُ مِنْ مُجَالَسَةِ الْمَوْتَى ، وَمَنْ يَرْقُبْ مِنْكَ زَلَّتَكَ وَسَقْطَتَكَ إِنْ قَدِرَ عَلَيْهَا ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا جَعَلَ جَلِيسًا إنْ رَآهُ عِنْدَكَ عَيَّبَكَ ، فَرَمَاكَ بِمَا لَمْ يَرَهُ اللَّهُ مِنْكَ , وَاعْلَمْ عَلَّمَكَ اللَّهُ الْخَيْرَ وَجَعَلَكَ مِنْ أَهْلِهِ ، أَنَّ أَكْثَرَ عُمُرِكَ فِيمَا أَرَى قَدِ انْقَضَى ، وَمَنْ يُرْضَى حَالُهُ قَدْ مَضَى ، وَأَنْتَ لاحِقٌ بِهِمْ ، وَأَنْتَ مَطْلُوبٌ وَلا تُعْجِزُ طَالِبَكَ ، وَأَنْتَ أَسِيرٌ فِي يَدَيْهِ ، وَكُلُّ الْخَلْقِ فِي كِبْرِيَائِهِ صَغِيرٌ ، وَكُلُّهُمْ إِلَيْهِ فَقِيرٌ ، فَلا يَشْغَلَنَّكَ كَثْرَةُ مَنْ يُحِبُّكَ وَتَضَرَّعْ إِلَيْهِ تَضَرُّعْ ذَلِيلٍ إِلَى عَزِيزٍ , وَفَقِيرٍ إِلَى غَنِيٍّ , وَأَسِيرٍ لا يَجِدُ مَلْجَأً وَلا مَفَرًا يَفِرُّ إِلَيْهِ عَنَّا , وَخَائِفٍ مِمَّا قَدَّمَتْ يَدَاهُ غَيْرِ وَاثِقٍ عَلَى مَا يَقْدُمُ لا يَقْطَعُ الرَّجَاءَ ، وَلا يَدَعُ الدُّعَاءَ ، وَلا يَأْمَنُ مِنَ الْفِتَنِ وَالْبَلاءِ ، فَلَعَلَّهُ إِنْ رَآكَ كَذَلِكَ عَطَفَ عَلَيْكَ بِفَضْلِهِ وَأَمَدَّكَ بِمَعُونَتِهِ , وَبَلَغَ بِكَ مَا تَأْمَلُهُ مِنْ عَفْوِهِ وَرَحْمَتِهِ , فَافْزَعْ إِلَيْهِ فِي نَوَائِبِكَ وَاسْتَعِنْهُ عَلَى مَا ضَعُفَتْ عَنْهُ قُوَّتُكَ , فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَرَّبَكَ بِخُضُوعِكَ لَهُ وَوَجَدْتَهُ أَسْرَعَ إِلَيْكَ مِنْ أَبَوَيْكَ ، وَأَقْرَبَ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكِ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَإِيَّاهُ أَسْأَلُ خَيْرَ الْمَوَاهِبِ لَنَا وَلَكَ , وَاعْلَمْ يَا عَلِيُّ أَنَّهُ مَنِ ابْتُلِيَ بِالشُّهْرَةِ وَمَعْرِفَةِ النَّاسِ فَمُصِيبَتُهُ جَلِيلَةٌ , فَجَبَرَهَا اللَّهُ لَنَا وَلَكَ بِالْخُضُوعِ وَالاسْتِكَانَةِ ، وَالذُّلِّ لِعَظَمَتِهِ وَكَفَانَا ، وَإِيَّاكَ فِتْنَتَهَا وَشَرَّ عَاقِبَتِهَا فَإِنَّهُ تَوَلَّى ذَلِكَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ وَمَنْ أَرَادَ تَوْفِيقَهُ , وَارْجِعْ إِلَى أَقْرَبِ الأَمْرَيْنِ بِكَ إِلَى إِرْضَاءِ رَبِّكَ وَلا تَرْجِعَنَّ بِقَلْبِكَ إِلَى مَحْمَدَةِ أَهْلِ زَمَانِكَ وَلا ذَمِّهِمْ ، فَإِنَّ مَنْ كَانَ يُتَّقَى ذَلِكَ مِنْهُ قَدْ مَاتَ , وَإِنَارَةِ إِحْيَاءِ الْقُلُوبِ مِنْ صَالِحِ أَهْلِ زَمَانِكَ ، وَإِنَّمَا أَنْتَ فِي مَحِلِّ مَوْتَى وَمَقَابِرِ أَحْيَاءَ مَاتُوا عَنِ الآخِرَةَ وَدَرَسَتْ عَنْ طُرُقِهَا آثَارُهُمْ , هَؤُلاءِ أَهْلُ زَمَانِكَ فَتَوَارَ مِمَّالا يُسْتَضَاءُ فِيهَا بِنُورِ اللَّهِ , وَلا يَسْتَعْمِلُ فِيهَا كِتَابَهُ إِلا مَنْ عَصَمَ اللَّهَ ، وَلا تُبَالِ مَنْ تَرَكَكَ مِنْهُمْ , وَلا تَأْسَ عَلَى فَقْدِهِمْ ، وَاعْلَمْ أَنَّ حَظَّكَ فِي بُعْدِهِمْ أَوْفَرُ مِنْ حَظِّكَ فِي قُرْبِهِمْ ، وَحَسْبُكَ اللَّهُ فَاتَّخِذْهُ أَنِيسًا , فَفِيهِ الْخَلَفُ مِنْهُمْ ، فَاحْذَرْ أَهْلَ زَمَانِكَ وَمَا الْعَيْشُ مَعَ مَنْ يُظَنُّ بِهِ فِي زَمَانِكَ الْخَيْرُ وَلا مَعَ مَنْ يُسِيءُ بِهِ الظَّنُّ خَيْرٌ ، وَمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ طَلْعَةٌ أَبْغَضُ إِلَى عَاقِلٍ تَهُمُّهُ نَفْسُهُ مِنْ طَلْعَةِ إِنْسَانٍ فِي زَمَانِكَ ، لأَنَّكَ مِنْهُ عَلَى شَرْفِ فِتْنَةٍ إِنْ جَالَسْتَهُ , وَلا تَأْمَنُ الْبَلاءَ إِنْ جَانَبْتَهُ , وَلَلْمَوْتُ فِي الْعُزْلَةِ خَيْرٌ مِنَ الْحَيَاةِ ، وَإِنْ ظَنَّ رَجُلٌ أَنْ يَنْجُوَ مِنَ الشَّرِّ يَأْمَنُ خَوْفَ فِتْنَةٍ فَلا نَجَاةَ لَهُ ، إِنْ أَمْكَنْتَهُمْ مِنْ نَفْسِكِ آثَمُوكَ ، وَإِنْ جَانَبْتَهُمْ أَشْرَكُوكَ ، فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ , وَاكْرَهْ لَهَا مُلابَسَتَهُمْ ، وَأَرَى أَنَّ الْفَضْلَ الْيَوْمَ مَا هُوَ إِلا فِي الْعُزْلَةِ لأَنَّ السَّلامَةَ فِيهَا ، وَكَفَى بِالسَّلامَةِ فَضْلا اجْعَلْ أُذْنَكَ عَمَّا يُؤْثِمُكَ صَمَّاءَ ، وَعَيْنَكَ عَمْيَاءَ ، احْذَرْ سُوءَ الظَّنِّ فَقَدْ حَذَّرَكَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ سورة الحجرات آية 12 وَالسَّلامُ " .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.