أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، وَحَدَّثَنِي عَنْهُ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثَنَا أَبِي ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : قَالَ أَحْمَدُ بْنُ غَسَّانَ : حُمِلْتُ أَنَا وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مَحْمَلٍ عَلَى جَمَلٍ يُرَادُ بِنَا الْمَأْمُونُ ، فَلَمَّا صِرْنَا قَرِيبَ عَانَةٍ ، قَالَ لِي أَحْمَدُ : " قَلْبِي يُحِسُّ أَنَّ رَجَاءً الْحَصَّارَ يَأْتِي فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَإِنْ أَتَى وَأَنَا نَائِمٌ ، فَأَيْقِظْنِي وَإِنْ أَتَى وَأَنْتَ نَائِمٌ ، أَيْقَظْتُكَ " ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ ، إِذْ قَرَعَ الْمَحْمَلَ قَارِعٌ فَأَشْرَفَ أَحْمَدُ ، فَإِذَا بِرَجُلٍ يَعْرِفُهُ بِالصِّفَةِ ، وَكَانَ لا يَأْوِي الْمَدَائِنَ وَالْقُرَى وَعَلَيْهِ عَبَاءَةٌ قَدْ شَدَّهَا عَلَى عُنُقِهِ ، فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ رَضِيَكَ لَهُ وَافِدًا فَانْظُرْ لا يَكُونُ وُفُودُكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وُفُودًا مَشْئُومًا ، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ إِنَّمَا يَنْتَظِرُونَكَ لأَنْ تَقُولَ ، فَيَقُولُوا ، وَاعْلَمْ أَنَّمَا هُوَ الْمَوْتُ وَالْجَنَّةُ ، فَلَمَّا أَشْرَفْنَا عَلَى الْبُذَيذُونَ ، قَالَ لِي : " يَا أَحْمَدَ بْنَ غَسَّانَ إِنِّي مُوصِيكَ بِوَصِيَّةٍ فَاحْفَظْهَا عَنِّي : رَاقَبِ اللَّهَ فِي السَّرَّاءِ ، وَالضَّرَّاءِ وَاشْكُرْهُ عَلَى الشِّدَّةِ ، وَالرَّخَاءِ ، وَإِنْ دَعَانَا هَذَا الرَّجُلُ أَنْ نَقُولَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقُ ، فَلا تَقُلْ ، وَإِنْ أَنَا قُلْتُ ، فَلا تَرَكْنَ إِلَيَّ ، وَتَأَوَّلْ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى : وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ سورة هود آية 113 " ، فَتَعَجَّبْتُ مِنْ حَدَاثَةِ سِنِّهِ وَثَبَاتِ قَلْبِهِ ، فَلَمْ يَكُنْ بِأَسْرَعَ أَنْ خَرَجَ خَادِمٌ وَهُوَ يَمْسَحُ عَنْ وَجْهِهِ بَكُمِّهِ ، وَهُوَ يَقُولُ : عَزَّ عَلَيَّ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، أَنْ جَرَّدَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ سَيْفًا ، لَمْ يُجَرِّدْهُ قَطُّ ، وَبَسَطَ نِطْعًا ، لَمْ يَبْسُطْهُ قَطُّ ، ثُمَّ قَالَ : وَقَرَابَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لا رَفَعْتُ عَنْ أَحْمَدَ وَصَاحِبِهِ حَتَّى يَقُولا الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ، قَالَ : فَنَظَرْتُ إِلَى أَحْمَدَ وَقَدْ بَرَكَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَلَحَظَ السَّمَاءَ بِعَيْنَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : " سَيِّدِي غَرَّ هَذَا الْفَاجِرَ حِلْمُكَ حَتَّى يَتَجَرَّأَ عَلَى أَوْلِيَائِكَ بِالْقَتْلِ ، وَالضَّرْبِ ، اللَّهُمَّ فَإِنْ يَكُنِ الْقُرْآنُ كَلامَكَ غَيْرَ مَخْلُوقٍ ، فَاكْفِنَا مُؤْنَتَهُ " ، قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا مَضَى الثُّلُثُ الأَوَّلُ مِنَ اللَّيْلِ ، إِلا وَنَحْنُ بِصَيْحَةٍ وَضَجَّةٍ وَإِذَا رَجَاءٌ الْحَصَّارَ قَدْ أَقْبَلَ عَلَيْنَا ، فَقَالَ : صَدَقْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، الْقُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ، قَدْ مَاتَ وَاللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ | عبد الله بن جعفر الأصبهاني / ولد في :248 / توفي في :346 | ثقة |