ابو سليمان الداراني


تفسير

رقم الحديث : 14462

سَمِعْتُ أَبِي , يَقُولُ : سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبِي , يَقُولُ : قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَاصِمٍ الأَنْطَاكِيُّ : " أَنْفَعُ الصِّدْقِ مَا نَفَى عَنْكَ الْكَذِبِ فِي مَوَاطِنِ الصِّدْقِ ، وَأَنْفَعُ التَّوَكُّلِ مَا وَثَقْتَ بِضَمَانِهِ وَأَحْسَنْتَ طَلِبَتَهُ ، وَأَنْفَعُ الْغِنَى مَا نَفَى عَنْكَ الْفَقْرَ وَخَوْفَ الْفَقْرِ ، وَأَنْفَعُ الْفَقْرِ مَا كُنْتَ فِيهِ مُتَجَمِّلا وَبِهِ رَاضِيًا ، وَأَنْفَعُ الْحَزْمِ مَا طَرَحْتَ بِهِ التَّسْوِيفَ لِلْعَمَلِ عِنْدَ إِمْكَانِ الْفُرْصَةِ , وَانْتِهَازِ الْبُغْيَةِ فِي أَيَّامِ الْمُهْلَةِ وَعِنْدَ غَفْلَةِ أَهْلِ الْغِرَّةِ ، وَأَنْفَعُ الصَّبْرِ مَا قَوَّاكَ عَلَى خِلافِ هَوَاكَ وَلَمْ يَجِدِ الْجَزَعُ فِيكَ مَسَاغًا ، وَأَنْفَعُ الأَعْمَالِ مَا سَلِمْتَ مِنْ آفَاتِهَا وَكَانَتْ مِنْكَ مَقْبُولَةً ، وَأَنْفَعُ الإَنَاءةِ وَالتُّؤَدَةِ حُسْنُ التَّدْبِيرِ وَالْفِكْرِ وَالنَّظَرِ أَمَامَ الْعَمَلِ فَإِنَّهُمَا يُفِيدَانِ الْمَعْرِفَةَ بِثَوَابِ الْعَمَلِ فَيَحْتَمِلُ لِلثَّوَابِ مُؤْنَةَ الْعَمَلِ وَيَغْبِطُ يَوْمَ الْمُجَازَاةِ ، وَأَنْفَعُ الْعَمَلِ مَا ضَرَّ جَهْلُهُ وَازْدَادَ بِمَعْرِفَتِهِ وَجَعًا وَكُنْتَ بِهِ عَامِلا ، وَأَنْفَعُ التَّوَاضُعِ مَا أَذْهِبَ عَنْكَ الْكِبْرَ وأماتَ عَنْكَ الْغَضَبَ ، وَأَنْفَعُ الْكَلامِ مَا وَافَقَ الْحَقَّ ، وَأَنْفَعُ الصَّمْتِ مَا صَمَتَّ عَمَّا إِذَا نَطَقْتَ بِهِ عَظُمْتَ فَعِشْتَ ، وَأَضَرُّ الْكَلامِ مَا كَانَ الصَّمْتُ خَيْرًا لَكَ مِنْهُ ، وَأَلْزَمُ الْحَقِّ أَنْ تُلْزِمَ نَفْسَكَ بِأَدَاءِ مَا ألْزَمَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ حَقِّهِ وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ خِلافُ هَوَاكَ ، وَتُلْزِمُ وَالِدَيْكَ وَوَلَدَكَ ثُمَّ الأَقْرَبَ فَالأَقْرَبَ فَأَلْزِمْهُمْ مِنَ الْحَقِّ ، وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ خِلافُ هَوَاكَ وَخِلافُ أَهْوَائِهِمْ ، وَأَنْفَعُ الْعِلْمِ مَا رَدَّ عَنْكَ الْجَهْلَ وَالسَّفَهَ ، وَأَنْفَعُ الإِيَاسِ مَا أَمَاتَ مِنْكَ الطَّمَعَ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ ، فَإِنَّهُ مِفْتَاحُ الذُّلِّ وَاخْتِلاسُ الْعَقْلِ وَإِخْلاقُ الْمُرُوءَاتِ وَتَدْنِيسُ الْعِرْضِ وَذَهَابُ الْعِلْمِ ، وَرَدُّكَ إِلَى الاعْتِصَامِ بِرَبِّكَ وَالتَّوَكُّلُ عَلَيْهِ ، وَأَفْضَلُ الْجِهَادِ مُجَاهَدَتُكَ نَفْسَكَ فَتَرُدَّهَا إِلَى قَبُولِ الْحَقِّ ، وَأَوْجَبُ الأَعْدَاءِ مُجَاهَدَةُ أَقْرَبِهِمْ مِنْكَ دُنُوًّا , وَأَخْفَاهُمْ عَنْكَ شَخْصًا , وَأَعْظَمُهُمْ لَكَ عَدَاوَةً مَعَ دُنُوِّهِ مِنْكَ , وَمَنْ يُحَرِّضُ جَمِيعَ أَعْدَائِكَ عَلَيْكَ ، وَهُوَ إِبْلِيسُ الْمُوَكَّلُ بِوَسْوَاسِ الْقُلُوبِ ، فَلَهُ فَلْتَشْتَدَّ عَدَاوَتُكَ , وَلا تَكُونَنَّ أَصْبِرَ عَلَى مُجَاهَدَتِكَ لِهَلَكَتِكَ مِنْكَ عَلَى صَبْرِكَ عَلَى مُجَاهَدَتِهِ لِيَخَافَكَ فَإِنَّهُ ، أَضْعَفُ مِنْكَ رُكْنًا فِي قُوَّتِهِ وَأَقَلَّ ضَرَرًا فِي كَثْرَةِ شَرِّهِ إِذَا أَنْتَ اعْتَصَمْتَ بِاللَّهِ ، وَأَضَرُّ الْمَعَاصِي عَلَيْكَ إِعْمَالُكَ الطَّاعَاتِ بِالْجَهْلِ ، لأَنَّ إِعْمَالَكَ الْمَعَاصِي لا تَرْجُو لَهَا ثَوَابًا بَلْ تَخَافُ عَلَيْهَا عِقَابًا ، وَإِعْمَالُكَ الطَّاعَاتِ بِالْجَهْلِ فَاسِدَةٌ تُلْتَمَسُ لَهَا ، وَقَدِ اسْتَوْجَبَتْ لَهَا عِقَابًا فَكَمْ بَيْنَ ذَنْبٍ يُخَافُ فِيهِ الْعُقُوبَةُ ، وَالْخَوْفُ طَاعَةٌ ، وَبَيْنَ ذَنْبٍ أَنْتَ فِيهِ آمِنٌ مِنَ الْعُقُوبَةِ ؟ وَالأَمْنُ مِنْ مَعْصِيَةٌ ، قُلْتُ : فَمَا تَقُولُ فِي الْمُشَاوَرَةِ ؟ قَالَ : لا تَثِقَنَّ فِيهَا بِغَيْرِ الأَمِينِ ، قُلْتُ : فَمَا تَقُولُ فِي الْمَشُورَةِ ؟ قَالَ : انْظُرْ فِيهَا لِنَفْسِكَ بَدْءًا , كَيْفَ تَسْلَمُ مِنْ كَلامِكَ ، فَإِذَا كُنْتَ كَذَلِكَ أُلْهِمْتَ رُشْدَكَ فَتَتَّقِي وَتُوَثِّقُ ، قُلْتُ : فَمَا تَرَى فِي الأُنْسِ بِالنَّاسِ ؟ قَالَ : إِنْ وَجَدْتَ عَاقِلا مَأْمُونًا فَأْنَسْ بِهِ وَاهْرُبْ مِنْ سَائِرِهِمْ كَهَرَبِكَ مِنَ السِّبَاعِ ، قُلْتُ : فَمَا أَفْضَلُ مَا أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟ قَالَ : تَرْكُ مَعَاصِيهِ الْبَاطِنَةِ ، قُلْتُ : فَمَا بَالُ الْبَاطِنَةِ أَوْلَى مِنَ الظَّاهِرَةِ ؟ قَالَ : لأَنَّكَ إِذَا اجْتَنَبْتَ الْبَاطِنَةَ بَطَلَتِ الظَّاهِرَةُ وَالْبَاطِنَةُ ، قُلْتُ : فَمَا أَضَرُّ الْمَعَاصِي ؟ قَالَ : مَا لا تَعْلَمُ أَنَّهَا مَعْصِيَةٌ وَأَضَرُّ مِنْهَا مَا ظَنَنْتَ أَنَّهَا طَاعَةٌ وَهِيَ لِلَّهِ مَعْصِيَةٌ ، قُلْتُ : فَأَيُّ الْمَعَاصِي أَنْفَعُ لِي ؟ قَالَ : مَا جَعَلْتَهَا نُصْبَ عَيْنَيْكَ فَأَطَلْتَ الْبُكَاءَ عَلَيْهَا إِلَى مُفَارَقَتِكَ الدُّنْيَا , ثُمَّ لَمْ تَعُدْ فِي مِثْلَهَا وَذَلِكَ التَّوْبَةُ النَّصُوحُ ، قُلْتُ : فَمَا أَضَرُّ الطَّاعَاتِ لِي ؟ قَالَ : مَا نَسِيتَ بِهَا مَسَاوِيكَ وَجَعَلْتَهَا نُصْبَ عَيْنَيْكَ إِدْلالا بِهَا ، وَأَمْنًا وَاغْتِرَارًا مِنْكَ مِنْ خَوْفِ مَا قَدْ جَنَيْتَ وَذَلِكَ لِلْعُجْبِ ، قُلْتُ : فَأَيُّ الْمَوَاضِعِ أَخْفَى لِشَخْصِي ؟ قَالَ : صَوْمَعَتُكَ وَدَاخِلُ بَيْتِكَ ، قُلْتُ : فَإِنْ لَمْ أَسْلَمْ فِي بَيْتِي ؟ قَالَ : فَفِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَمْ تَلْحَقْ بِكَ فيها شَهْوَةٌ وَتُحِيطُ بِكَ فِتْنَةٌ ، قُلْتُ : فَمَا أَنْفَعُ لُطْفِ اللَّهِ لِي ؟ قَالَ : إِذَا عَصَمَكَ مِنْ مَعَاصِيهِ وَوَفَّقَكَ لِطَاعَتِهِ ، قُلْتُ : هَذَا مُجْمِلٌ أَعْطِنِي تَفْسِيرًا أَوْضَحَ مِنْهُ ، قَالَ : نَعَمْ ! إِذَا أَعَانَكَ بِثَلاثٍ : عَقْلٌ يَكْفِيكَ مُؤْنَةَ هَوَاكَ ، وَعِلْمٌ يَكْفِيكَ جَهْلَكَ ، وَغِنًى يُذْهِبُ عَنْكَ خَوْفَ الْفَقْرِ " .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.