أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ فِي كِتَابِهِ , وَحَدَّثَنِي عَنْهُ عُثْمَانُ , ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ الرَّازِيُّ , قَالَ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ ، يَقُولُ : " لا تَجْعَلِ الزُّهْدَ حِرْفَتَكَ لِتَكْتَسِبَ بِهَا الدُّنْيَا ، وَلَكِنِ اجْعَلْهَا عِبَادَتَكَ لِتَنَالَ بِهَا الآخِرَةَ , وَإِذَا شَكَرَكَ أَبْنَاءُ الدُّنْيَا وَمَدَحُوكَ فَاصْرِفْ أَمَرَهُمْ عَلَى الْخُرَافَاتِ , وَقَالَ : تَرَى الْخَلْقَ مُتَعَلِّقِينَ بِالأَسْبَابِ , وَالْعَارِفُ مُتَعَلِّقٌ بِوَلِيِّ الأَسْبَابِ ، إِنَّمَا حَدِيثُهُ عَنْ عَظَمَةِ اللَّهِ ، وَقُدْرَتِهِ ، وَكَرَمِهِ ، وَرَحْمَتِهِ يَحْتَرِفُ بِهَذَا دَهْرَهُ وَيَدْخُلُ بِهِ قَبْرَهُ ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : مَنْ كَانَتِ الْحَيَاةُ قَيْدَهُ كَانَ طَلاقُهُ مِنْهَا مَوْتَهُ , وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : الدُّنْيَا لا قَدْرَ لَهَا عِنْدَ رَبِّهَا وَهِيَ لَهُ فَمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَدْرُهَا عِنْدَكَ وَلَيْسَتْ لَكَ ، قَالَ : وَسُئِلَ يَحْيَى عَنِ الْوَسْوَسَةِ ؟ فَقَالَ : إِنْ كَانَتِ الدُّنْيَا سِجْنَكَ كَانَ جَسَدُكَ لَهَا سِجْنًا وَإِنْ كَانَتِ الدُّنْيَا رَوْضَتَكَ كَانَ جَسَدُكَ لَهَا بُسْتَانًا , وَقِيلَ لِيَحْيَى : كَيْفَ يَتَعَبَّدُ الرَّجُلُ مِنْ غَيْرِ بِضَاعَةٍ تُعِينُهُ عَلَى الْعِبَادَةِ ؟ قَالَ : أُولَئِكَ بِضَاعَتُهُمْ مَوْلاهُمْ ، وَزَادُهُمْ تَقْوَاهُمْ ، وَشُغْلُهُمْ ذِكْرَاهُمْ ، وَمَنِ اهْتَمَّ بِعَشَائِهِ لَمْ يَتَهَنَّ بِغَدَائِهِ ، وَمَنْ أَرَادَ تَسْكِينَ قَلْبِهِ بِشَيْءٍ دُونَ مَوْلاهُ لَمْ يَزِدْهُ اسْتِكْثَارُهُ مِنْ ذَلِكَ إِلا اضْطِرَابًا " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |