حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الْبَغْدَادِيَّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ ، يَقُولُ : " الصَّبْرُ عَلَى النَّاسِ أَشَدُّ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى النَّارِ ، قَالَ : وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ : تَأْبَى الْقُلُوبُ لِلأَسْخِيَاءِ إِلا حُبًّا وَإِنْ كَانُوا فُجَّارًا وَلِلْبُخَلاءِ إِلا بُغْضًا وَإِنْ كَانُوا أَبْرَارًا , وَقَالَ يَحْيَى : لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَحَدٌ إِلا وَفِيهِ فَقْرٌ وَحِرْصٌ ، وَلَكِنْ مِنْ أَخْلاقِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَكُونُوا حُرَصَاءَ عَلَى طَلَبِ الْجَنَّةِ فُقَرَاءَ إِلَى رَبِّهِمْ , وَالْمُنَافِقُ حَرِيصٌ عَلَى الدُّنْيَا فَقِيرٌ إِلَى الْخُلُقِ , قَالَ : وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ : قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : مَنْ أَصْبَحَ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَذِهِ الْخِصَالُ الثَّلاثُ لَمْ يَصِبْ طَرِيقَ الْعَزْمِ : أَوَّلُهَا كَمَا أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُعْطِ رِزْقَكَ الْيَوْمَ غَيْرَكَ فَلا تَعْمَلْ لِغَيْرِهِ ، وَكَمَا أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُشَارِكْ فِيمَا أَعْطَاكَ أَحَدًا فَلا تَشَارِكْ فِي الْعَمَلِ الَّذِي تَعْمَلُ لَهُ يَعْنِي الرِّيَاءَ ، وَكَمَا أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُكَلِّفْكَ الْيَوْمَ عَمَلَ غَدٍ فَلا تَسْأَلْهُ رِزْقَ غَدٍ عَلَى جَوْرٍ حَتَّى إِذَا لَمْ يُعْطِكَ شَكْوَتَهُ , قَالَ : وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ : إِذَا لاحَظْتَ الأَشْيَاءَ مِنْهُ كَانَ لَهُمْ طَعْمٌ آخَرُ , قَالَ : وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ : لَيْسَ بِصَادِقٍ مَنِ ادَّعَى حُبَّهُ وَلَمْ يَحْفَظْ حَدَّهُ , قَالَ : وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ : سُقُوطُ رَجُلٍ مِنْ دَرَجَةٍ ادِّعَاؤُهَا , قَالَ : وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ : إِذَا عَمِلُوا عَلَى الصِّدْقِ انْطَلَقَتْ أَلْسِنَتُهُمْ عَلَى الْخَلْقِ بِالشِّدَّةِ ، وَإِذَا عَمِلُوا فِي التَّفْوِيضِ انْكَسَرَتْ أَلْسِنَتُهُمْ عَنِ الْخَلْقِ , مَبْهُوتِينَ , الأَوَّلُ مِنْ صِفَةِ الزَّاهِدِينَ ، وَالثَّانِي مِنْ صِفَةِ الْعَارِفِينَ ، قَالَ : وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ : إِنَّمَا تَلْقَى الزَّاهِدَ فِي الدُّنْيَا أَحْيَانًا لِيَرْفُقَ بِعِبَادِ اللَّهِ إِذَا ذَلُّوا , قَالَ : وَسَمِعْتُ يَحْيَى , يَقُولُ : مَنْ أَقَامَ قَلْبَهُ عِنْدَ اللَّهِ سَكَنَ ، وَمَنْ أَرْسَلَهُ فِي النَّاسِ اضْطَرَبَ " .