أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ قَبْلَ أَنَّ لَقِيتُهُ , وَحَدَّثَنِي عَنْهُ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ ، قَالَ : قُلْتُ لِلْحَارِثِ بْنِ أَسَدٍ : مَا الْمَزْهُودُ مِنْ أَجْلِهِ ؟ ، قَالَ : " الَّذِي تُجَانِبُ الدُّنْيَا مِنْ أَجْلِهِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ : أَحَدُهَا أَنَّهَا مُفْتِنَةٌ مُشْغِلَةٌ لِلْقُلُوبِ عَنْهُ ، وَالثَّانِيَةُ أَنَّهَا تُنْقِصُ غَدًا مِنْ دَرَجَاتِ مَنْ رَكَنَ إِلَيْهَا ، فَلا يَكُونُ لَهُ مِنَ الدَّرَجَاتِ كَمَنْ زَهِدَ فِيهَا ، وَالثَّالِثَةُ أَنَّ تَرْكَهَا قُرْبَةٌ وَعُلُوٌّ عِنْدَهُ فِي دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ ، وَالرَّابِعَةُ الْحَبْسُ فِي الْقِيَامَةِ وَطُولُ الْوقُوفِ ، وَالسُّؤَالُ عَنْ شُكْرِ النَّعِيمِ بِهَا وَفِي وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ مَا يَبْعَثُ الْمُرِيدُ اللَّبِيبُ عَلَى رَفْضِهَا لِيَشْتَرِيَ بِهَا خَيْرًا مِنْهَا ، وَالْخَامِسَةُ أَعْظَمُ مَا رَفَضُوا مِنْ أَجْلِهِ مُوَافَقَةَ الرَّبِّ فِي مَحَبَّتِهِ أَنْ يُصَغِّرُوا مَا صَغَّرَ اللَّهُ ، وَيُقَلِّلُوا مَا قَلَّلَ اللَّهُ ، وَيُبِغِضُوا مَا أَبْغَضَ اللَّهُ ، وَيَرْفُضُوا مَنْ أَحَبَّ اللَّهُ رَفْضَهُ ، لَوْ لَمْ يُنْقِصُهُمْ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَمْ يَشْغَلُهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ عَنْ طَاعَتِهِ ، وَلَمْ يَغْفُلُوا عَنْ شُكْرِهِ وَكَانَ ثَوَابُ الرَّافِضِ لَهَا فِي الآخِرَةِ وَالرَّاكِنِ إِلَيْهَا وَاحِدًا ، كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَهْلا أَنْ يُبْغِضَ مَا أَبْغَضَ وَيَتَهَاوَنَ بِمَا أَهَانَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ زُهْدُ الْمُحِبِّينَ لَهُ الْمُعَظِّمِينَ الْمُجِلِّينَ ، وَقَدْ دَلَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى هَذِهِ الْخَمْسِ خِصَالٍ بِكِتَابِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَا نَطَقَ بِهِ أَهْلُ الْخَاصَّةِ مِنْ عِبَادِهِ الْحُكَمَاءِ الْعُلَمَاءِ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |