السري السقطي


تفسير

رقم الحديث : 15219

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ , ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَاصِمٍ ، قَالَ : كَانَ يَدِي فِي يَدِ زُهَيْرٍ أَمْشِي مَعَهُ فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مَكْفُوفٍ يَقْرَأُ فَلَمَّا سَمِعَ قِرَاءَتَهُ وَقَفَ وَنَظَرَ ، وَقَالَ : " لا تَغُرَّنَّكَ قِرَاءَتَهُ وَاللَّهِ وَاللَّهِ إِنَّهُ شَرٌّ مِنَ الْغِنَاءِ وَضَرَبَ الْعُودَ ، وَكَانَ مَهِيبًا وَلَمْ أَسْأَلْهُ يَوْمَئِذٍ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ ارْتَفَعَ إِلَى بَنِي قُشَيْرٍ فَقُمْتُ وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَقُلْتُ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، إِنَّكَ قُلْتَ لِي يَوْمَئِذٍ كَذَا وَكَذَا , فَكَأَنَّهُ نَصَبَ عَيْنَيْهِ ، فَقَالَ لِي : يَا أَخِي نَعَمْ لأَنْ يَطْلُبَ الرَّجُلُ هَذِهِ الدُّنْيَا بِالزَّمْرِ وَالْغِنَاءِ وَالْعُودِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَطْلُبَهَا بِالدِّينِ , ثُمَّ قَالَ زُهَيْرٌ : لا أَعْلَمُ أَنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ سَاعَةً قَطُّ , قَالَ أَحْمَدُ : وَسَمِعْتُ الْحُصَيْنَ بْنَ جَمِيلٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ زُهَيْرًا , يَقُولُ : إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تَكُونَ عِنْدَ اللَّهِ أَخَسَّ مِنْ كَلْبٍ فَافْعَلْ , قَالَ أَحْمَدُ : وَكَتَبَ إِلَيْنَا وَكَانَ بأَصْبَهَانَ الْوَبَاءُ وَالْمَجَاعَةُ إِنَّ الْمَوْتَ كَثِيرٌ ، وَقَالَ لِي حُصَيْنٌ : يَا أَبَا يَحْيَى , تَعَالَ حَتَّى نَرْتَفِعَ إِلَى زُهَيْرٍ فَنُخْبِرَهُ بِمَا كَتَبَ إِلَيْنَا فَلَعَلَّهُ يَدْعُو لَهُمْ بِدَعْوَةٍ فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا كَتَبَ إِلَيْنَا مِنْ كَثْرَةِ الْمَوْتِ , فَقَالَ لِي : لا تَأْمَنَنَّ مِنَ الْمَوْتِ قِلَّتَهُ وَلا تَخَافَنَّ كَثْرَتَهُ ، ثُمَّ قَالَ : حَدَّثَنِي مَعْدِيٌّ عَنْ رَجُلٍ يُكَنَّى بِأَبِي الْبُغَيْلِ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ زَمَنَ الطَّاعُونِ ، قَالَ : كُنَّا نَطُوفُ فِي الْقَبَائِلِ وَنَدْفِنُ الْمَوْتَى فَلَمَّا كَثُرُوا لَمْ نَقْوَ عَلَى الدَّفْنِ فَكُنَّا نَدْخُلُ الدَّارَ قَدْ مَاتَ أَهْلُهَا فَنَسُدُّ بَابَهَا ، قَالَ : فَلَمَّا مَضَتِ الطَّوَاعِينُ كُنَّا نَطُوفُ فِي الْقَبَائِلِ وَنَنْزِعُ تِلْكَ السُّدَّةَ الَّتِي سَدَدْنَاهَا ، فَنَزَعْنَا سُدَّةَ ذَلِكَ الْبَابِ الَّتِي دَخَلْنَاهُ فَفَتَّشْنَاهَا فَلَمْ نَجِدْ أَحَدًا حَيًّا , قَالَ : فَإِذَا نَحْنُ بِغُلامٍ فِي وَسَطِ الدَّارِ طَرِيٍّ دَهِينٍ كَأَنَّهُ أُخِذَ سَاعَتَئِذٍ مِنْ حِجْرِ أُمِّهِ ، قَالَ : وَنَحْنُ وُقُوفٌ عَلَى الْغُلامِ نَتَعَجَّبُ مِنْهُ , قَالَ : فَدَخَلَتْ كَلْبَةٌ مِنْ شَقٍّ أَوْ خَرْقٍ فِي حَائِطٍ ، قَالَ : فَجَعَلَتْ تَلُوذُ بِالْغُلامِ وَالْغُلامُ يَحْبُو إِلَيْهَا حَتَّى مَصَّ لَبَنَهَا , قَالَ زُهَيْرٌ : قَالَ مَعْدِيٌّ : رَأَيْتُ هَذَا الْغُلامَ فِي مَسْجِدِ الْبَصْرَةِ قَدْ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ , قَالَ : وَكَانَ زُهَيْرٌ كَثِيرًا مَا يَتَمَثَّلُ بِهَذَا الْبَيْتِ : حَتَّى مَتَى أَنْتَ فِي دُنْيَاكَ مُشْتَغِلٌ وَعَامِلُ اللَّهِ عَنْ دُنْيَاكَ مَشْغُولٌ قَالَ أَحْمَدُ : وَبَلَغَنِي عَنِ الْبَاهِلِيِّ , قَالَ : كُنْتُ أَقُودُ زُهَيْرًا فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أُفَارِقَهُ ، قُلْتُ لَهُ : أَوْصِنِي , قَالَ : إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ لا يُنْصِفُ مِنْ نَفْسِهِ فَإِنْ قَدَرْتَ أَنْ لا تَرَاهُ فَلا تَرَاهُ , قَالَ أَحْمَدُ : وَكَانَ زُهَيْرٌ أُصِيبَ بِبَصَرِهِ فِي آخِرِ عُمُرِهِ فَبَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ إِخْوَانِهِ اسْتَقْبَلَهُ بَعْدَ مَا أُصِيبَ بِبَصَرِهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : مَنِ الرَّجُلُ ؟ فَاسْتَرْجَعَ الرَّجُلُ فَجَزِعَ جَزَعًا شَدِيدًا , فَلَمَّا رَأَى زُهَيْرٌ جَزَعَ الرَّجُلِ ، فَقَالَ لَهُ : أَخِي كَانَتْ مَعِي كِسْرَةٌ فِيهَا دَانِقٌ فَسَقَطَتْ فَكَانَ فَقْدُهَا أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ ذَهَابِ بَصَرِي , قَالَ أَحْمَدُ : وَبَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ شَاكِيًا فَذَهَبَ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ يَعُودُهُ ، فَقِيلَ لَهُ : يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ , فَقَالَ : وَمَا أَصْنَعُ بِهِ لَوْ كَانَ عَلَى حَشٍّ مِنْ حُشُوشِ الأَرْضِ بِالْبَصْرَةِ يَكُونُ خَيْرًا لَهُ , قَالَ أَحْمَدُ : وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ يَوْمًا ، فَقَالَ لِي : أَلَكَ أَبٌ ؟ قُلْتُ : لا , قَالَ : أَلَكَ أُمٌّ ؟ قُلْتُ : لا , قَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ كَمْ تَرَى يَبْقَى ؟ فَرْعٌ بَعْدَ أَصْلٍ ؟ يَا أَخِي عَلَيْكَ بِالدُّعَاءِ وَالابْتِهَالِ لَهُمَا فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ الْوَالِدَيْنِ بِدُعَاءِ الْوَلَدِ لَهُمَا هَكَذَا وَرَفَعَ يَدَيْهِ ، قَالَ أَحْمَدُ : وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : انْتَهَى إِلَيْنَا يَوْمًا رَجُلٌ مِنْ هَؤُلاءِ الْخُبَثَاءِ الْقَدَرِيَّةِ ، فَقَالَ لَهُ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ , بَلَغَنِي أَنَّكَ زِنْدِيقٌ , فَقَالَ زُهَيْرٌ : زِنْدِيقٌ زِنْدِيقٌ أَمَّا زِنْدِيقٌ فَلا وَلَكِنِّي رَجُلُ سُوءٍ " .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.