أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ شِيرِيَازَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ , وَحَدَّثَنِي عَنْهُ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، يَقُولُ : " أَصْلُ الدُّنْيَا الْجَهْلُ ، وَفَرْعُهَا الأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَاللِّبَاسُ وَالطِّيبُ وَالنِّسَاءُ وَالْمَالُ وَالتَّفَاخُرُ وَالتَّكَاثُرُ ، وَثَمَرَتُهَا الْمَعَاصِي ، وَعُقُوبَةُ الْمَعَاصِي الإِصْرَارُ ، وَثَمَرَةُ الإِصْرَارِ الْغَفْلَةُ ، وَثَمَرَةُ الْغَفْلَةِ الاسْتِجْرَاءُ عَلَى اللَّهِ ، وَقَالَ : أَيُّمَا عَبْدٍ لَمْ يَتَوَرَّعْ وَلَمْ يَسْتَعْمِلِ الْوَرَعَ فِي عَمَلِهِ انْتَشَرَتْ جَوَارِحُهُ فِي الْمَعَاصِي وَصَارَ قَلْبُهُ بِيَدِ الشَّيْطَانِ وَمَلَكَهُ ، فَإِذَا عَمِلَ بِالْعِلْمِ دَلَّهُ عَلَى الْوَرَعِ ، فَإِذَا تَوَرَّعَ صَارَ الْقَلْبُ مَعَ اللَّهِ ، وَقَالَ : الْعِلْمُ دَلِيلٌ ، وَالْعَقْلُ نَاصِحٌ ، وَالنَّفْسُ بَيْنَهُمَا أَسِيرٌ ، وَالدُّنْيَا مُدْبِرَةٌ ، وَالآخِرَةُ مُقْبِلَةٌ ، وَالْعَدُوُّ فِي ذَلِكَ مُنْهَزِمٌ فَيَصِيرُ الْعَبْدُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصًا ، وَإِنَّمَا سُمُّوا مُلُوكًا لأَنَّهُمْ مَلَكُوا أَنْفُسَهُمْ فَقَهَرُوهَا وَاقْتَدَرُوا عَلَيْهَا ، فَغَلَبُوهَا ، وَظَفِرُوا بِهَا فَأَسَرُوهَا فَالْعَارِفُونَ مَالِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ مُسْتَظْهِرُونَ عَلَيْهَا ، وَالْغَافِلُونَ قَدْ مَلَكَتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ وَاسْتَظْهَرَتْ عَلَيْهِمْ بِتَلْوِينِ أَهْوَائِهَا ، وَبُلُوغِ مَحَابِّهَا وَمُنَاهَا فِي الأَقْوَالِ وَالأَحْوَالِ وَسَائِرِ الأَفْعَالِ ، وَلا يَفْلِتُ مَنْ أَسْرِ نَفْسِهِ وَخَدْعَتِهَا وَسُلْطَانِهَا وَغَلَبَةِ هَوَاهَا إِلا مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ فَإِذَا عَرَفَ نَفْسَهُ عَلَى حَقِيقَةِ مَعْرِفَتِهَا ، عَرَفَ بِارِيَهُ جَلَّ جَلالُهُ ، فَإِذَا عَرَفَ نَفْسَهُ أَلْزَمَتْهُ مَعْرِفَتَهَا شَرِيطَةَ الْعُبُودِيَّةِ بِحَقِّ الرُّبُوبِيَّةِ وَإِعْطَاءِ الْوَحْدَانِيَّةِ حَقَّهَا " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |