سَمِعْتُ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، قَالَ : سَمِعْتُ خَالِيَ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ ، يَقُولُ : قَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : " أَخْلاقُ الإِسْلامِ وَالإِيمَانِ الْحَيَاءُ ، وَكُفُّ الأَذَى ، وَبَذْلُ الْمَعْرُوفِ وَالنَّصِيحَةُ ، وَفِيهَا أَحْكَامُ التَّعَبُّدِ ، وَقَالَ : الدُّنْيَا ثَلاثَةٌ : عَبِيدٌ وَرِجَالٌ وِفِتْيَانٌ ، قَوْلُهُ تَعَالَى : وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ سورة الفرقان آية 63 ، وَ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ سورة النور آية 37 ، إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ سورة الكهف آية 13 ، سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ سورة الأنبياء آية 60 ، وَقِيلَ لَهُ : مَا انْشِرَاحُ الْقُلُوبِ ؟ قَالَ : قَبُولُ الْوَحْيِ : فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ سورة الزمر آية 22 ، وَهُمُ الْمُدَّعُونَ الَّذِينَ يَدَّعُونَ الْحَوْلَ وَالْقُوَّةَ وَالْمَشِيئَةَ وَالإِرَادَةَ وَيَدَّعُونَ الاسْتِغْنَاءَ عَنِ اللَّهِ ، وَالْقَلْبُ يَجُولُ ، فَإِذَا قُلْتَ : اللَّهُ وَقَفَ ، وَالْمَحْمُودُ مِنَ الدُّنْيَا الْمَسَاجِدُ شَارَكَنَا فِيهَا الْمَلائِكَةُ وَالْمَذْمُومُ الْبَطْنُ وَالْفَرْجُ شَارَكَنَا فِيهَا أَهْلُ الذِّمَّةِ ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : " يَا عَبْدِي لا تُذْنِبْ " ، يَقُولُ الْعَبْدُ : لا بُدَّ لِي ، يَقُولُ اللَّهُ : " فَإِذَا أَذْنَبْتَ فَتُبْ إِلَيَّ حَتَّى أَقْبَلَكَ " ، قَالَ الْعَبْدُ : لا أَفْعَلُ ، لأَنَّ الأَصْلَ هُوَ الْبَطْنُ وَالْفَرْجُ ، قَالَ الرَّبُّ : " فَكُنَّ مَكَانَكَ حَتَّى أَجِيئَكَ " ، قَالَ الْعَبْدُ : بِأَيِّ شَيْءٍ تَجِيءُ إِلَيَّ ؟ قَالَ : " بِالْجُوعِ وَالْفَقْرِ وَالْعُرْيِ " ، وَقَالَ : خَلَقَ اللَّهُ الإِنْسَانَ عَلَى أَرْبَعِ طَبَائِعَ : طَبْعُ الْبَهَائِمِ ، وَطَبْعُ الشَّيَاطِينِ ، وَطَبْعُ السَّحَرَةِ ، وَطَبْعُ الأَبَالِسَةِ ، فَمِنْ طَبْعِ الْبَهَائِمِ : الْبَطْنُ وَالْفَرْجُ ، قَوْلُهُ : ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا سورة الحجر آية 3 ، وَطَبْعُ الشَّيَاطِينِ : اللَّهْوُ ، وَاللَّعِبُ ، وَالزِّينَةُ ، وَالتَّكَاثُرُ ، وَالتَّفَاخُرُ ، قَوْلُهُ تَعَالَى : لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ سورة الحديد آية 20 ، وَمَنْ طَبْعِ السَّحَرَةِ : الْمَكْرُ ، وَالْخَدِيعَةُ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ سورة الأنفال آية 30 ، يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ سورة النساء آية 142 ، وَمِنْ طَبْعِ الأَبَالِسَةِ : الإِبَاءُ ، وْالاسْتِكْبَارُ ، قَوْلُهُ تَعَالَى : إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ سورة البقرة آية 34 ، وَاسْتَعْبَدَ اللَّهُ الْعِبَادَ بِالتَّسْبِيحِ ، وَالتَّقْدِيسِ ، وَالتَّحْمِيدِ ، وَالشُّكْرِ حَتَّى يَسْلَمُوا ، مِنْ طَبْعِ الشَّيَاطِينِ اللَّهْوُ وَاللَّعِبُ ، يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ سورة الأعراف آية 206 ، وَقَوْلُهُ : يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ سورة الأنبياء آية 20 ، وَمِنْ طَبْعِ السَّحَرَةِ اسْتَعْبَدَهُمُ اللَّهُ بِالاقْتِدَاءِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّصِيحَةِ ، وَالرَّحْمَةِ ، وَالصِّدْقِ ، وَالإِنْصَافِ ، وَالتَّفْضِيلِ ، وَالاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ ، وَالصَّبْرِ عَلَى ذَلِكَ إِلَى الْمَمَاتِ ، وَمِنْ طَبْعِ الأَبَالِسَةِ اسْتَعْبَدَهُمُ اللَّهُ بِالدُّعَاءِ ، وَالصُّرَاخِ ، وَالتَّضَرُّعِ ، وَالالْتِجَاءِ ، قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ يَسْلَمُ بِهِ الْعِبَادُ إِذْ يَعْتَصِمُونَ بِهِ وَقَوْلِهِ : وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا سورة آل عمران آية 103 ، وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ سورة آل عمران آية 101 ، حتَّى يَسْلَمُوا مِنْ طَبْعِ الأَبَالِسَةِ ، وَقَالَ : مَعْرِفَةٌ وَإِقْرَارٌ وَإِيمَانٌ وَعَمَلٌ وَخَوْفٌ وَرَجَاءٌ وَحُبٌّ وَشَوْقٌ وَجَنَّةٌ وَنَارٌ ، فَالْمَعْرِفَةُ خَوْفٌ ، وَالإِقْرَارُ رَجَاءٌ ، وَالإِيمَانُ خَوْفٌ ، وَالْعَمَلُ رَجَاءٌ ، وَالْخَوْفُ رَهْبَةٌ ، وَالْحُبُّ رَجَاءٌ ، وَالشَّوْقُ خَوْفُ بُعْدٍ ، وَقَالَ : هِيَ نِعْمَةٌ وَمُصِيبَةٌ ، فَالنِّعْمَةُ مَا دَعَا اللَّهُ الْخَلْقَ إِلَيْهِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ ، وَالْمُصِيبَةُ مَا ابْتَلاهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَمُخَالَفَتِهَا ، وَقَالَ : اللَّهُ مَعَنَا قَرِيبٌ إِلَيْنَا فَلا بُدَّ لَنَا مِنْ أَنْ نَكُونَ مَعَهُ نُؤْثِرُهُ وَنُطِيعُهُ فَيَكُونُ إِيثَارُنَا لَهُ صِدْقَنَا بِعِلْمِنَا فِيهِ ، وَقَالَ : الْعَاصُونَ يَعِيشُونَ فِي رَحْمَةِ الْعِلْمِ وَالْمُطِيعُونَ يَعِيشُونَ فِي رَحْمَةِ الْقُرْبِ ، وَقَالَ : مَا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ لأَنْفُسِهِمْ وَلا لِغَيْرِهِمْ إِنَّمَا خَلَقَهُمْ إِظْهَارًا لِمُلْكِهِ وَالْمُلْكُ لا يَكُونُ إِلا بِتَوَلٍّ وَتَبَرٍ ، فَقَالَ : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ سورة الذاريات آية 56 ، وَقَالَ : لا بُدَّ لِلْخَلْقِ أَنْ يَعْبُدُوا شَيْئًا فَمَنْ لا يَعْبُدُ اللَّهَ فَلا بُدَّ لَهُ مِنْ عِبَادَةِ شَيْءٍ ، وَمَنْ لا يُطِيعُ اللَّهَ فَلا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يُطِيعَ شَيْئًا ، وَمَنْ لَمْ يَتَوَلَّ اللَّهَ فَلا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يَتَوَلَّى شَيْئًا غَيْرَ اللَّهِ ، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ ، لِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ، وَقَالَ : لَيْسَ وَرَاءَ اللَّهِ مُنْتَهًى ، قَالَ : نِهَايَةٌ يُنْتَهَى إِلَيْهَا ، وَقَالَ : لَيْسَ لَهُ وَرَاءٌ ، وَلَيْسَ وَرَاءَ اللَّهِ وَرَاءٌ هُوَ وَرَاءَ كُلِّ شَيْءٍ جَلَّ اللَّهُ وَعَزَّ شَأْنُهُ " .