محمد بن الفضل


تفسير

رقم الحديث : 15577

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، يَقُولُ : " إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا صَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانِهِمْ وَفَارَقُوهَا بِعُقُودِ أَيْمَانِهِمْ أَشْرَفَ بِهِمْ عِلْمُ الْيَقِينِ عَلَى مَا هُمْ إِلَيْهِ صَائِرُونَ ، وَفِيهِ مُقِيمُونَ ، وَإِلَيْهِ رَاجِعُونَ فَهَرَبُوا مِنْ مُطَالَبَةِ نُفُوسِهِمُ الأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ وَالدَّاعِيَةِ إِلَى الْمَهَالِكِ وَالْمُعِينَةِ لِلأَعْدَاءِ ، وَالْمُتَّبِعَةِ لِلْهَوَى ، وَالْمَغْمُوسَةِ فِي الْبَلاءِ ، وَالْمُتَمَكِّنَةِ بِأَكْنَافِ الأَسْوَاءِ إِلَى قَبُولِ دَاعِي التَّنْزِيلِ الْمُحْكَمِ الَّذِي لا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ ، إِذْ سَمِعُوهُ يَقُولُ : يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ سورة الأنفال آية 24 ، فَقَرَعَ أَسْمَاعَ فُهُومِهِمْ حَلاوَةُ الدَّعْوَةِ لِتَصَفُّحِ التَّمْيِيزِ ، وَتَنَسَّمُوا بِرَوْحِ مَا أَدَّتْهُ إِلَيْهِمُ الْفُهُومُ الطَّاهِرَةُ مِنْ أَدْنَاسِ خَفَايَا مَحَبَّةِ الْبَقَاءِ فِي دَارِ الْغُرُورِ ، فَأَسْرَعُوا إِلَى حَذْفِ الْعَلائِقِ الْمُشْغِلَةِ قُلُوبَ الْمُرَاقِبِينَ مَعَهَا ، وَهَجَمُوا بِالنُّفُوسِ عَلَى مُعَانَقَةِ الأَعْمَالِ وَتَجَرَّعُوا مَرَارَةَ الْمُكَابَدَةِ وَصَدَقُوا اللَّهَ فِي مُعَامَلَتِهِ وَأَحْسِنُوا الأَدَبَ فِيمَا تَوَجَّهُوا إِلَيْهِ ، وَهَانَتْ عَلَيْهِمُ الْمَصَائِبُ ، وَعَرَفُوا قَدْرَ مَا يَطْلُبُونَ ، وَاغْتَنَمُوا سَلامَةَ الأَوْقَاتِ وَسَلامَةَ الْجَوَارِحِ وَأَمَاتُوا شَهَوَاتِ النُّفُوسِ ، وَسَجَنُوا هُمُومَهُمْ عَنِ التَّلَفُّتِ إِلَى مَذْكُورٍ سِوَى وَلِيِّهِمْ وَحَرَسُوا قُلُوبِهِمْ عَنِ التَّطَلُّعِ فِي مَرَاقِي الْغَفْلَةِ ، وَأَقَامُوا عَلَيْهَا رَقِيبًا مِنْ عِلْمِ مَنْ لا يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي بَرٍّ وَلا بَحْرٍ وَمَنْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا وَأَحَاطَ بِهِ خُبْرًا ، فَانْقَادَتْ تِلْكَ النُّفُوسُ بَعْدَ اعْتِيَاصِهَا ، وَاسْتَبَقَتْ مُنَافِسَةً لأَبْنَاءِ جِنْسِهَا نُفُوسٌ سَاسَهَا وَلِيُّهَا وَحَفِظَهَا بَارِئُهَا وَكَلأَهَا كَافِيهَا ، فَتَوَهَّمْ يَا أَخِي إِنْ كُنْتَ ذَا بَصِيرَةٍ مَاذَا يَرِدُ عَلَيْهِمْ فِي وَقْتِ مُنَاجَاتِهِمْ ؟ وَمَاذَا يَلْقَوْنَهُ مِنْ نَوَازِلِ حَاجَاتِهِمْ ؟ تَرَ أَرْوَاحًا تَتَرَدَّدُ فِي أَجْسَادٍ قَدْ أَذْبَلَتْهَا الْخَشْيَةُ وَذَلَّلَتْهَا الْخِدْمَةُ ، وَتَسَرْبَلَهَا الْحَيَاءُ ، وَجَمَعَهَا الْقُرْبُ ، وَأَسْكَنَهَا الْوَقَارُ ، وَأَنْطَقَهَا الْحِذَارُ ، أَنِيسُهَا الْخَلْوَةُ وَحِدِيثُهَا الْفِكْرَةُ وَشِعَارُهَا الذِّكْرُ ، شُغْلُهَا بِاللَّهِ مُتَّصِلٌ وَعَنْ غَيْرِهِ مُنْفَصِلٌ ، لا تَتَلَقَّى قَادِمًا وَلا تُشَيِّعُ ظَاعِنًا ، غِذَاؤُهَا الْجُوعُ ، وَالظَّمَأُ وَرَاحَتُهَا التَّوَكُّلُ ، وَكَنْزُهَا الثِّقَةُ بِاللَّهِ ، وَمِعْوَلُهَا الاعْتِمَادُ ، وَدَوَاؤُهَا الصَّبْرُ ، وَقَرِينُهَا الرِّضَا ، نُفُوسٌ قُدِّمَتْ لِتَأْدِيَةِ الْحُقُوقِ ، وَرُقِّيَتْ لِنَفِيسِ الْعِلْمِ الْمَخْزُونِ ، وَكُفِيَتْ ثِقَلَ الْمِحَنِ : لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ سورة الأنبياء آية 103 ، نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ سورة فصلت آية 31 -32 " .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.