سَمِعْتُ نَصْرَ بْنَ أَبِي نَصْرٍ الْعَطَّارَ الصُّوفِيَّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ دَاودَ الدَّيْنَوَرِيَّ ، يَقُولُ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَدَّادِ : " الْعُبُودِيَّةُ ظَاهِرًا وَالْحُرِّيَةُ بَاطَنًا مِنْ أَخْلاقِ الْكِرَامِ ، وَقَالَ : الْعِبَادَةُ يَعْرِفُهَا الْعُلَمَاءُ ، وَالإِشَارَةُ يَعْرِفُهَا الْحُكَمَاءُ ، وَاللَّطَائِفُ يَقِفُ عَلَيْهَا السَّادَّةُ مِنَ النُّبَلاءِ ، وَكَانَ يَقُولُ : عَلامَةُ الصَّبْرِ تَرْكُ الشَّكْوَى وَكِتْمَانُ الضُّرِ وَالْبَلْوَى , وَمِنْ عَلامَةِ الإِقْبَالِ عَلَى اللَّهِ صِيَانَةُ الأَسْرَارِ عَنِ الالْتِفَاتِ إِلَى الأَغْيَارِ ، وَأَحْسَنُ الْعَبِيدِ حَالا مَنْ رَأَى نِعَمَ اللَّهِ عَلَيْهِ بِأَنَّ أَهَّلَهُ لِمَعْرِفَتِهِ ، وَأَذِنَ لَهُ فِي قُرْبِهِ ، وَأَبَاحَ لَهُ سَبِيلَ مُنَاجَاتِهِ وَخَاطَبَهُ عَلَى لِسَانِ أَعَزِّ السُّفَرَاءِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعَرَفَ تَقْصِيرَهُ عَنِ الْقِيَامِ ، بِوَاجِبِ أَدَاءِ شُكْرِهِ ، إِذْ شُكْرُهُ يَسْتَوْجِبُ شُكْرًا إِلَى مَا لا نِهَايَةَ ، وَأَحْسَنُ الْعَبِيدِ مَنْ عَدَّ تَسْبِيحَهُ وَصَلاتَهُ وَيَرَى أَنَّهُ لا يَسْتَحِقُّ بِهِ عَلَى رَبِّهِ شَيْئًا ، فَلَوْلا فَضْلُهُ وَرَحْمَتُهُ لَعَايَنَتِ الأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلامُ فِي مَقَامِ الإِفْلاسِ ، كَيْفَ وَأَجَلُّهُمْ حَالا وَأَرْفَعُهُمْ مَنْزِلَةً ، وَالْقَائِمُ بِمَقَامِ الصِّدْقِ ، كَيْفَ عَجَزَ عَنْهُ الرُّسُلُ كُلُّهُمْ ؟ يَقُولُ : وَلا أَنَا إِلا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ ، فَمَنْ رَأَى لِنَفْسِهِ بَعْدَ هَذَا حَالا أَوْ مَقَامًا فَهُوَ لِبُعْدِهِ عَنْ طُرُقَاتِ الْمَعَارِفِ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |