سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، يَقُولُ : قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَهْدِيٍّ : " جَاءَتْنِي امْرَأَةٌ بِبَغْدَادَ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي فَذَكَرَتْ أَنَّهَا مِنْ بَنَاتِ النَّاسِ ، وَأَنَّهَا امْتُحِنَتْ بِمِحْنَةٍ ، وَقَالَتْ لِي : أَسْأَلُكُ بِاللَّهِ أَنْ تَسْتُرَنَيِ ، فَقُلْتُ : وَمَا مِحْنَتُكِ ؟ فَقَالَتْ : أُكْرِهْتُ عَلَى نَفْسِي وَأَنَا حُبْلَى وَذَكَرْتُ لِلنَّاسِ أَنَّكَ زَوْجِي ، وَأَنَّ مَا بِي مِنَ الْحَمْلِ فَمِنْكَ فَلا تَفْضَحْنِي وَاسْتُرْنِي سَتَرَكَ اللَّهُ ، فَسَكَتُّ عَنْهَا وَمَضَتْ ، فَلَمْ أَشْعُرْ حَتَّى وَضَعَتْ وَجَاءَ إِمَامُ الْمَحِلَّةِ فِي جَمَاعَةِ الْجِيرَانِ يُهَنِّئُونِي بِالْوَلَدِ الْمَيْمُونِ النَّجِيبِ فَأَظْهَرْتُ التَّهَلُّلَ وَوَزَنْتُ فِي الْيَوْمِ التَّالِي دِينَارَيْنِ وَدَفَعْتُهُمَا إِلَى الإِمَامِ ، فَقُلْتُ : أَبْلِغْ هَذَا إِلَى تِلْكَ الْمَرْأَةِ لِتُنْفِقَهَا عَلَى الْمَوْلُودِ ، فَإِنَّهُ سَبَقَ مَا فَرَّقَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا فَكُنْتُ أَدْفَعُ فِي كُلِّ شَهْرٍ دِينَارَيْنِ أُوصِلُهُمَا إِلَيْهَا بِيَدِ الإِمَامِ ، وَأَقُولُ : هَذَا نَفَقَةُ الْمَوْلُودِ إِلَى أَنْ أَتَى عَلَى ذَلِكَ سُنَّتَانِ ، ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمَوْلُودُ فَجَاءَنِي النَّاسُ يُعَزُّونَنِي فَكُنْتُ أُظْهِرُ لَهُمُ التَّسْلِيمَ وَالرِّضَا ، فَجَاءَتْنِي الْمَرْأَةُ بَعْدَ ذَلِكَ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي وَمَعَهَا تِلْكَ الدَّنَانِيرُ الَّتِي كُنْتُ أَبْعَثُ بِهَا إِلَيْهَا بِيَدِ الإِمَامِ فَرَدَّتْهَا ، وَقَالَتْ : سَتَرَكَ اللَّهُ كَمَا سَتَرْتَنِي ، فَقُلْتُ لَهَا : هَذِهِ الدَّنَانِيرُ كَانَتْ صِلَةً مِنِّي لِلْمَوْلُودِ وَهِيَ لَكِ لأَنَّكَ تَرِثِينَهُ فَاعْمَلِي فِيهَا مَا تُرِيدِينَ " .