حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ الآدَمِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَكِيمٍ الرَّازِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ جَدِّي ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ الأَنْصَارِيُّ ، قَالَ : بَعَثَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَامِلا عَلَى حِمْصَ ، فَمَكَثَ حَوْلا لا يَأْتِيهِ خَبَرُهُ ، فَقَالَ عُمَرُ لِكَاتِبِهِ : اكْتُبْ إِلَى عُمَيْرٍ ، فَوَاللَّهِ مَا أُرَاهُ إِلا قَدْ خَانَنَا : إِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فَأَقْبِلْ ، وَأَقْبِلْ بِمَا جَبَيْتَ مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ حِينَ تَنْظُرُ فِي كِتَابِي هَذَا ، فَأَخَذَ عُمَيْرٌ جَوَابَهُ فَجَعَلَ فِيهِ زَادَهُ وَقَصْعَتَهُ ، وَعَلَّقَ إِدَاوَتَهُ ، وَأَخَذَ عَنْزَتَهُ ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَمْشِي مِنْ حِمْصَ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ ، قَالَ : فَقَدِمَ وَقَدْ شَحَبَ لَوْنُهُ ، وَاغْبَرَّ وَجْهُهُ ، وَطَالَتْ شَعْرَتُهُ ، فَدَخَلَ عَلَى عُمَرَ ، وَقَالَ : السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، فَقَالَ عُمَرُ : مَا شَأْنُكَ ؟ فَقَالَ عُمَيْرٌ : مَا تَرَى مِنْ شَأْنِي ، أَلَسْتَ تَرَانِي صَحِيحَ الْبَدَنِ طَاهِرَ الدَّمِ مَعِيَ الدُّنْيَا أَجُرُّهَا بِقَرْنِهَا ؟ قَالَ : وَمَا مَعَكَ ؟ فَظَنَّ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ بِمَالٍ ، فَقَالَ : مَعِي جِرَابِي أَجْعَلُ فِيهِ زَادِي ، وَقَصْعَتِي آكُلُ فِيهَا وَأَغْسِلُ فِيهَا رَأْسِي وَثِيَابِي ، وَإِدَاوَتِي أَحْمِلُ فِيهَا وَضُوئِي وَشَرَابِي ، وَعَنْزَتِي أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأُجَاهِدُ بِهَا عَدُوًّا إِنْ عَرَضَ ، فَوَاللَّهِ مَا الدُّنْيَا إِلا تَبَعٌ لِمَتَاعِي ، قَالَ عُمَرُ : فَجِئْتَ تَمْشِي ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : أَمَا كَانَ لَكَ أَحَدٌ يَتَبَرَّعُ لَكَ بِدَابَّةٍ تَرْكَبُهَا ؟ قَالَ : مَا فَعَلُوا ، وَمَا سَأَلْتُهُمْ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ عُمَرُ : بِئْسَ الْمُسْلِمُونَ خَرَجْتَ مِنْ عِنْدِهِمْ ، فَقَالَ لَهُ عُمَيْرٌ : اتَّقِ اللَّهَ يَا عُمَرُ ، قَدْ نَهَاكَ اللَّهُ عَنِ الْغِيبَةِ ، وَقَدْ رَأَيْتُهُمْ يُصَلُّونَ صَلاةَ الْغَدَاةِ ، قَالَ عُمَرُ : فَأَيْنَ بَعَثْتُكَ ، وَأَيَّ شَيْءٍ صَنَعْتَ ؟ قَالَ : وَمَا سُؤَالُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَقَالَ عُمَرُ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، فَقَالَ عُمَيْرٌ : أَمَا لَوْلا أَنِّي أَخْشَى أَنْ أَغُمَّكَ مَا أَخْبَرْتُكَ ، بَعَثْتَنِي حَتَّى أَتَيْتُ الْبَلَدَ فَجَمَعْتُ صُلَحَاءَ أَهْلِهَا فَوَلَّيْتُهُمْ جِبَايَةَ فَيْئِهِمْ ، حَتَّى إِذَا جَمَعُوهُ وَضَعْتُهُ مَوَاضِعَهُ ، وَلَوْ نَالَكَ مِنْهُ شَيْءٌ لأَتَيْتُكَ بِهِ ، قَالَ : فَمَا جِئْتَنَا بِشَيْءٍ ؟ قَالَ : لا ، قَالَ : جَدِّدُوا لِعُمَيْرٍ عَهْدًا ، قَالَ : إِنَّ ذَلِكَ لَشَيْءٍ ، لا عَمِلْتُ لَكَ وَلا لأَحَدٍ بَعْدَكَ ، وَاللَّهِ مَا سَلِمْتُ ، بَلْ لَمْ أَسْلَمْ ، لَقَدْ قُلْتُ لِنَصْرَانِي أَيْ أَخْزَاكَ اللَّهُ ، فَهَذَا مَا عَرَّضْتَنِي لَهُ يَا عُمَرُ ، وَإِنَّ أَشْقَى أَيَامِي يَوْمُ خَلَفْتُ مَعَكَ يَا عُمَرُ ، فَاسْتَأْذَنَهُ فَأَذِنَ لَهُ فَرَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ ، قَالَ : وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ أَمْيَالٌ ، فَقَالَ عُمَرُ حِينَ انْصَرَفَ عُمَيْرٌ : مَا أُرَاهُ إِلا قَدْ خَانَنَا ، فَبَعَثَ رَجُلا يُقَالُ لَهُ : الْحَارِثُ ، وَأَعْطَاهُ مِائَةَ دِينَارٍ ، فَقَالَ لَهُ : انْطَلِقْ إِلَى عُمَيْرٍ حَتَّى تَنْزِلَ بِهِ كَأَنَّكَ ضَيْفٌ ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَثَرَ شَيْءٍ فَأَقْبِلْ ، وَإِنْ رَأَيْتَ حَالَةً شَدِيدَةً فَادْفَعْ إِلَيْهِ هَذِهِ الْمِائَةَ الدِّينَارِ ، فَانْطَلَقَ الْحَارِثُ فَإِذَا هُوَ بِعُمَيْرٍ جَالِسٌ يَفْلِي قَمِيصَهُ إِلَى جَانِبِ الْحَائِطِ ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ ، فَقَالَ لَهُ عُمَيْرٌ : انْزِلْ رَحِمَكَ اللَّهُ ، فَنَزَلَ ثُمَّ سَأَلَهُ ، فَقَالَ : مِنْ أَيْنَ جِئْتَ ؟ قَالَ : مِنَ الْمَدِينَةِ ، قَالَ : فَكَيْفَ تَرَكْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ : صَالِحًا ، قَالَ : فَكَيْفَ تَرَكْتَ الْمُسْلِمِينَ ؟ قَالَ : صَالِحَيْنِ ، قَالَ : أَلَيْسَ يُقِيمُ الْحُدُودَ ؟ قَالَ : بَلَى ، ضَرَبَ ابْنًا لَهُ أَتَى فَاحِشَةً فَمَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ ، فَقَالَ عُمَيْرٌ : اللَّهُمَّ أَعِنْ عُمَرَ ، فَإِنِّي لا أَعْلَمُهُ إِلا شَدِيدًا حُبُّهُ لَكَ ، قَالَ : فَنَزَلَ بِهِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيْسَ لَهُمْ إِلا قَرْصَةٌ مِنْ شَعِيرٍ كَانُوا يَخُصُّونَهُ بِهَا وَيَطْوُونَ ، حَتَّى أَتَاهُمُ الْجَهْدُ ، فَقَالَ لَهُ عُمَيْرٌ : إِنَّكَ قَدْ أَجَعْتَنَا ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَتَحَوَّلَ عَنَّا فَافْعَلْ ، قَالَ : فَأَخْرَجَ الدَّنَانِيرَ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ ، فَقَالَ : بَعَثَ بِهَا إِلَيْكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، فَاسْتَعِنْ بِهَا ، قَالَ : فَصَاحَ وَقَالَ : لا حَاجَةَ لِي فِيهَا ، رُدَّهَا ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ : إِنِ احْتَجْتَ إِلَيْهَا وَإِلا فَضَعْهَا مَوَاضِعَهَا ، فَقَالَ عُمَيْرٌ : وَاللَّهِ مَا لِي شَيْءٌ أَجْعَلُهَا فِيهِ ، فَشَقَّتِ امْرَأَتُهُ أَسْفَلَ دِرْعِهَا فَأَعْطَتْهُ خِرْقَةً فَجَعَلَهَا فِيهَا ثُمَّ خَرَجَ فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَبْنَاءِ الشُّهَدَاءِ وَالْفُقَرَاءِ ، ثُمَّ رَجَعَ وَالرَّسُولُ يَظُنُّ أَنَّهُ يُعْطِهِ مِنْهَا شَيْئًا ، فَقَالَ لَهُ عُمَيْرٌ : أَقْرِئْ مِنِّي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ السَّلامَ ، فَرَجَعَ الْحَارِثُ إِلَى عُمَرَ ، فَقَالَ : مَا رَأَيْتَ ؟ قَالَ : رَأَيْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَالا شَدِيدًا ، قَالَ : فَمَا صَنَعَ بِالدَّنَانِيرِ ؟ قَالَ : لا أَدْرِي ، قَالَ : فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ ، إِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فَلا تَضَعْهُ مِنْ يَدِكَ حَتَّى تُقْبِلَ ، فَأَقْبَلَ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : مَا صَنَعْتَ بِالدَّنَانِيرِ ؟ قَالَ : صَنَعْتُ مَا صَنَعْتُ ، وَمَا سُؤَالُكَ عَنْهَا ؟ قَالَ : أَنْشُدُ عَلَيْكَ لَتُخْبِرُنِي مَا صَنَعْتَ بِهَا قَالَ : قَدَّمْتُهَا لِنَفْسِي ، قَالَ : رَحِمَكَ اللَّهُ ، فَأَمَرَ لَهُ بِوَسْقٍ مِنْ طَعَامٍ وَثَوْبَيْنِ ، فَقَالَ : أَمَّا الطَّعَامُ فَلا حَاجَةَ لِي فِيهِ ، قَدْ تَرَكْتُ فِي الْمَنْزِلِ صَاعَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ ، إِلَى أَنْ آكُلَ ذَلِكَ قَدْ جَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِالرِّزْقِ ، وَلَمْ يَأْخُذِ الطَّعَامَ ، وَأَمَّا الثَّوْبَانِ ، فَقَالَ : إِنَّ أُمَّ فُلانٍ عَارِيَةٌ ، فَأَخَذَهُمَا وَرَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ هَلَكَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَبَلَغَ عُمَرَ ذَلِكَ فَشَقَّ عَلَيْهِ وَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ ، فَخَرَجَ يَمْشِي وَمَعَهُ الْمَشَّاءُونَ إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ ، فَقَالَ لأَصْحَابِهِ : لِيَتَمَنَّ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ أُمْنِيَتَهُ ، فَقَالَ رَجُلٌ : وَدِدْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ عِنْدِيَ مَالا فَأَعْتِقَ لِوَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَذَا وَكَذَا ، وَقَالَ آخَرُ : وَدِدْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ عِنْدِي مَالا فَأُنْفِقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَقَالَ آخَرُ : وَدِدْتُ لَوْ أَنَّ لِي قُوَّةً فَأَمْتَحَ بِدَلْوِ زَمْزَمَ لِحُجَّاجِ بَيْتِ اللَّهِ ، فَقَالَ عُمَرُ : وَدِدْتُ أَنَّ لِيَ رَجُلا مِثْلَ عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ أَسْتَعِينُ بِهِ فِي أَعْمَالِ الْمُسْلِمِينَ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ | عمر بن الخطاب العدوي / توفي في :23 | صحابي |
عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ | عمير بن سعد الأوسي | صحابي |
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ | عبد الملك بن هارون الشيباني | متهم بالوضع |
سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ | سليمان بن أحمد الطبراني | حافظ ثبت |