حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جعفر ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ أَيُّوبَ ، ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكَنِ ، ثنا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ أَبُو غَسَّانَ ، ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ جُرْمُوزٍ ، عَنْ حَمْدَانَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَسْلَمَ الْعِجْلِيِّ ، عَنِ الضَّحَّاكِ الْجَرْمِيِّ ، عَنْ هَرِمِ بْنِ حَيَّانَ الْعَبْدِيِّ ، قَالَ : قَدِمْتُ الْكُوفَةَ ، فَلَمْ يَكُنْ لِي هُمٌّ إِلا أُوَيْسًا أَسْأَلُ عَنْهُ ، فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ بِشَاطِئِ الْفُرَاتِ يَتَوَضَّأُ وَيَغْسِلُ ثَوْبَهُ ، فَعَرَفْتُهُ بِالنَّعْتِ فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ ، كَثُّ اللِّحْيَةِ ، مَهِيبُ الْمَنْظَرِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَمَدَدْتُ إِلَيْهِ يَدِي لأُصَافِحَهُ فَأَبَى أَنْ يُصَافِحَنِي ، فَخَنَقَتْنِي الْعَبْرَةُ لِمَا رَأَيْتُ مِنَ حَالِهِ ، فَقُلْتُ : السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أُوَيْسُ ، كَيْفَ أَنْتَ يَا أَخِي ؟ قَالَ : " وَأَنْتَ فَحَيَّاكَ اللَّهُ يَا هَرِمُ بْنُ حَيَّانَ ، مَنْ دَلَّكَ عَلَيَّ ؟ قُلْتُ : اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، قَالَ : " سُبْحَانَ رَبِّنَا ، إِنْ كَانَ وَعَدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولا " ، قُلْتُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ مِنْ أَيْنَ عَرَفْتَ اسْمِي وَاسْمَ أَبِي ؟ فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُكَ قَطُّ وَلا رَأَيْتَنِي ، قَالَ : " عَرَفَتْ رُوحِي رُوحَكَ حَيْثُ كَلَّمَتْ نَفْسِي ، لأَنَّ الأَرْوَاحَ لَهَا أَنْفُسٌ كَأَنْفُسِ الأَجْسَادِ ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَتَعَارَفُونَ بِرُوحِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَإِنْ نَأَتْ بِهِمُ الدَّارُ وَتَفَرَّقَتْ بِهِمُ الْمَنَازِلُ " ، قَالَ : قُلْتُ : حَدِّثْنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثً لأَحْفَظَهُ عَنْكَ ، قَالَ : " إِنِّي لَمْ أُدْرِكْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَكُنْ لِي مَعَهُ صُحْبَةٌ ، وَقَدْ رَأَيْتُ رِجَالا رَأَوْهُ ، وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ حَدِيثِهِ كَبَعْضِ مَا يَبْلُغُكُمْ ، وَلَسْتُ أُحِبُّ أَنْ أَفْتَحَ هَذَا الْبَابَ عَلَى نَفْسِي ، لا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ قَاضِيًا أَوْ مُفْتِيًا فِي نَفْسِي شُغُلٌ " ، قَالَ : قُلْتُ : فَاتْلُ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَسْمَعْهُنَّ مِنْكَ ، فَادْعُ اللَّهَ لِي بِدَعَوَاتٍ وَأَوْصِنِي بِوَصِيَّةٍ ، قَالَ : فَأَخَذَ بِيَدِي وَجَعَلَ يَمْشِي عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ ، ثُمَّ قَالَ : " قَالَ رَبِّي وَأَحَقُّ الْقَوْلِ قَوْلُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَصْدَقُ الْحَدِيثِ حَدِيثُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَحْسَنُ الْكَلامِ كَلامُ رَبِّي : أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ : إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ سورة الدخان آية 40 ، قَالَ : ثُمَّ شَهِقَ شَهْقَةً فَأَنَا أَحْسِبُهُ ، قَدْ غُشِيَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَرَأَ : يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ { 41 } إِلا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ { 42 } سورة الدخان آية 41-42 " ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ ، فَقَالَ : يَا هَرِمُ بْنَ حَيَّانَ ، " مَاتَ أَبُوكَ وَيُوشِكُ أَنْ تَمُوتَ ، وَمَاتَ أَبُو حَيَّانَ ، وَإِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ ، وَمَاتَ آدَمُ وَمَاتَتْ حَوَّاءُ ، يَا ابْنَ حَيَّانَ ، وَمَاتَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ ، يَا ابْنَ حَيَّانَ ، وَمَاتَ مُوسَى نَجِيُّ الرَّحْمَنِ ، يَا ابْنَ حَيَّانَ ، وَمَاتَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، يَا ابْنَ حَيَّانَ ، وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ خَلِيفَةُ الْمُسْلِمِينَ ، وَمَاتَ أَخِي وَصَدِيقِي وَصَفِيِّي عُمَرُ ، وَاعُمَرَاهُ وَاعُمَرَاهُ " ، قَالَ : وَذَلِكَ فِي آخِرِ خِلافَةِ عُمَرَ ، قَالَ : قُلْتُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ إِنَّ عُمَرَ لَمْ يَمُتْ ، قَالَ : " بَلَى إِنَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ قَدْ نَعَاهُ لِي وَقَدْ عَلِمْتُ مَا قُلْتُ ، وَأَنَا وَأَنْتَ غَدًا فِي الْمَوْتَى " ، ثُمَّ دَعَا بِدَعَوَاتٍ خِفَافٍ ، ثُمَّ قَالَ : " هَذِهِ وَصِيَّتِي لَكَ يَا ابْنَ حَيَّانَ ، كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَنَعْيُ الصَّالِحِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالصَّالِحِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَنَعَيْتُ لَكَ نَفْسِي فَعَلَيْكَ بِذِكْرِ الْمَوْتِ ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لا يُفَارِقَ قَلْبَكَ طَرَفَةَ عَيْنٍ فَافْعَلْ ، وَأَنْذِرْ قَوْمَكَ إِذَا رَجَعْتَ إِلَيْهِمْ ، وَاكْدَحْ لِنَفْسِكَ ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُفَارِقَ الْجَمَاعَةَ فَتُفَارِقَ دِينَكَ وَأَنْتَ لا تَشْعُرُ ، فَتَمُوتَ فَتَدْخُلَ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " ، ثُمَّ قَالَ : " اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ يُحِبُّنِي فِيكَ ، وَزَارَنِي مِنْ أَجَلِكَ ، فَأَدْخِلْهُ عَلَيَّ زَائِرًا فِي الْجَنَّةِ دَارِ السَّلامِ ، وَأَرْضِهِ مِنَ الدُّنْيَا بِالْيَسِيرِ ، وَمَا أَعْطَيْتَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي الدُّنْيَا فِي يَسِيرٍ وَعَافِيَةٍ ، وَاجْعَلْهُ لِمَا تُعْطِيهِ مِنَ الْعَمَلِ مِنَ الشَّاكِرِينَ ، أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ يَا هَرِمُ بْنَ حَيَّانَ ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ لا أَرَاكَ بَعْدَ الْيَوْمِ تَطْلُبُنِي وَلا تَسْأَلُ عَنِّي ، أَذْكُرُكَ وَأَدْعُو لَكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، انْطَلِقْ هَاهُنَا حَتَّى أَنْطَلِقَ هَاهُنَا " ، فَطَلَبْتُ أَنْ أَمْشِيَ مَعَهُ سَاعَةً ، فَأَبَى عَلَيَّ وَفَارَقَنِي يَبْكِي وَأَبْكِي ، ثُمَّ دَخَلَ فِي بَعْضِ السِّكَكِ ، فَكَمْ طَلَبْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَسَأَلْتُ عَنْهُ فَمَا وَجَدْتُ أَحَدًا يُخْبِرُنِي عَنْهُ بِشَيْءٍ . رَوَاهُ يُوسُفُ بْنُ عَطِيَّةَ الصَّفَّارُ ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ مِثْلَهُ ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ الْجَرْمِيُّ عَنْ هَرِمٍ ، وَرَوَاهُ سَيْفُ بْنُ هَارُونَ الْبُرْجُمِيُّ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي حَرَامٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ هَرِمَ بْنَ حَيَّانَ الْعَبْدِيَّ ، يَقُولُ : خَرَجْتُ مِنَ الْبَصْرَةِ فِي طَلَبِ أُوَيْسٍ الْقَرَنِيِّ فَقَدِمْتُ الْكُوفَةَ ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ ، وَرَوَاهُ أَبُو عِصْمَةَ ، عَنْ هَرِمٍ نَحْوَهُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |