حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ هَارُونَ بْنِ سُلَيْمَانَ ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ ، ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ حَرْبٍ ، وَعُثْمَانُ بْنُ يَمَانٍ الْحُدَّانِيُّ ، يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُدَيْلٍ الْعُقَيْلِيِّ ، عَنْ عَوْسَجَةَ الْعُقَيْلِيِّ ، قَالَ : " أَوْحَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ " يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَنْزِلْنِي مِنْ نَفْسِكَ كَهَمِّكَ ، وَاجْعَلْنِي ذُخْرًا لَكَ فِي مَعَادِكَ ، تَقَرَّبْ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ أُدْنِكَ ، وَتَوَكَّلْ عَلَيَّ أَكْفِكَ ، وَلا تَوَلَّ غَيْرِي فَأَخْذُلْكَ ، وَاصْبِرْ عَلَى الْبَلاءِ وَارْضَ بِالْقَضَاءِ وَكُنْ كَمَسَرَّتِي فِيكَ ، فَإِنَّ مَسَرَّتِي فِيكَ أَنْ أَطَّلِعَ فَلا أُعْصَى ، وَكُنْ مِنِّي قَرِيبًا وَأَوْحِ لِي ذِكْرًا بِلِسَانِكَ ، وَلْتَكُنْ مَوَدَّتِي فِي صَدْرِكَ ، تَيَقَّظْ مِنْ سَاعَاتِ الْغَفْلَةِ ، وَأَحْكِمْ لِي لُطْفَ الْفِطْنَةِ ، وَكُنْ لِي رَاغِبًا وَرَاهِبًا ، وَأَمِتْ قَلْبَكَ بِالْخَشْيَةِ لِي ، وَرَاعِ اللَّيْلَ لِتُجْزَى مَسَرَّتِي ، وَاظْمَأْ لِي مِنْ نَهَارِكَ لِيَوْمِ الرِّيِّ عِنْدِي ، امْشِ فِي الْخَيْرَاتِ جَهْدَكَ ، وَلْتُعْرَفْ بِالْخَيْرِ حَيْثُ مَا تَوَجَّهْتَ وَاحْكُمْ لِي فِي عِبَادِي بِنَصِيحَتِي ، وَقُمْ فِي الْخَلائِقِ بِعَدْلِي ، فَقَدْ أَنْزَلْتُ عَلَيْكَ شِفَاءً مِنْ وَسَاوِسِ الصُّدُورِ ، وَمِنْ مَرَضِ الشَّيْطَانِ ، وَجِلاءِ الأَبْصَارِ وَمِنْ عَشَا الْكَلالِ ، وَلا تَكُ كَأَنَّكَ فَلِسٌ مَعْبُورٌ ، وَأَنْتَ حَيٌّ تَتَنَفَّسُ ، يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ حَقًّا أَقُولُ لَكَ مَا آمَنَتْ بِي خَلِيقَةٌ ، إِلا خَشَعَتْ لِي وَلا خَشَعَتْ إِلا رَجَتْ ثَوَابِي ، وَأُشْهِدُكَ أَنَّهَا آمِنَةٌ مِنْ عِقَابِي مَا لَمْ تُبَدِّلْ أَوْ تُغَيِّرْ سُنَّتِي . يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ابْنَ الْبِكْرِ الْبَتُولِ ، ابْكِ عَلَى نَفْسِكَ أَيَّامَ الْحَيَاةِ بُكَاءَ مُوَدِّعِ الأَهْلِ ، وَخَلِيِّ الدُّنْيَا وَتَارِكِ اللَّذَّاتِ لأَهْلِهَا مِنْ بَعْدِهِ ، وَارْتَفَعَتْ رَغْبَتُهُ فِيمَا عِنْدَ إِلَهِهِ ، وَكُنْ يَقْظَانَ إِذَا نَامَتْ عُيونُ الأَبْرَارِ حَذَرًا لِمَا هُوَ آتٍ مِنْ أَمْرِ الْمَعَادِ ، وَزَلازِلِ الأَهْوَالِ ، حَيْثُ لا يَنْفَعُ أَهْلٌ وَلا وَلَدٌ وَلا مَالٌ ، وَأَكْحِلْ عَيْنَكَ بِمَلْمُولِ الْحُزْنِ إِذَا ضَحِكَ البَطَّالُونَ ، وَابْكِ بُكَاءَ مَنْ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ مُوَدِّعٌ لِلْعُلِمِّ النَّازِلِ الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ مَعَهُ ، وَكُنْ فِي ذَلِكَ صَابِرًا مُحْتَسِبًا ، فَطُوبَى لَكَ إِنْ نَالَكَ مَا وَعَدْتُ الصَّابِرِينَ ، فَرُحْ مِنَ الدُّنْيَا بِاللَّهِ يَوْمًا فَيَوْمًا ، وَذُقْ مَذَاقَةَ مَا قَدْ هَرَبَ مِنْكَ أَيْنَ طَعْمُهُ وَمَا لَمْ يَأْتِكَ كَيْفَ لَذَّتُهُ ، حَقًّا مَا أَقُولُ لَكَ مَا أَنْتَ إِلا بِسَاعَتِكَ وَيَوْمِكَ فَرِحٌ مِنَ الدُّنْيَا بِالْبُلْغَةِ ، وَلْيَكْفِكَ مِنْهَا الْجَشَرُ الْجَشِيبُ ، قَدْ رَأَيْتَ إِلَى مَا تَصِيرُ مَكْتُوبٌ عَلَيْكَ مَا أَخَذْتَ وَكَيْفَ رَتَعْتَ ، فَاعْمَلْ عَلَى حِسَابٍ فَإِنَّكَ مَسْئُولٌ ، لَوْ رَأَتْ عَيْنَاكَ مَا أَعْدَدْتُ لأَوْلِيَائِيَ الصَّالِحِينَ لَذَابَ قَلْبُكَ ، وَزَهَقَتْ نَفْسُكَ اشْتِيَاقًا إِلَيْهِ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |