حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , ثنا الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ , ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , قَالَ : قَالَ رَجُلٌ لِلْفُضَيْلِ : كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا أَبَا عَلِيٍّ ؟ فَكَانَ يَثْقُلُ عَلَيْهِ كَيْفَ أَصْبَحْتَ وَكَيْفَ أَمْسَيْتَ , فَقَالَ : " فِي عَافِيَةٍ " ، فَقَالَ : كَيْفَ حَالُكَ ؟ فَقَالَ : " عَنْ أَيِّ حَالٍ تَسْأَلُ ؟ عَنْ حَالِ الدُّنْيَا ، أَوْ حَالِ الآخِرَةِ ؟ إِنْ كُنْتَ تَسْأَلُ عَنْ حَالِ الدُّنْيَا ، فَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ مَالَتْ بِنَا وَذَهَبَتْ بِنَا كُلَّ مَذْهَبٍ ، وَإِنْ كُنْتَ تَسْأَلُ عَنْ حَالِ الآخِرَةِ ، فَكَيْفَ تَرَى حَالَ مَنْ كَثُرَتْ ذُنُوبُهُ ، وَضَعُفَ عَمَلُهُ , وَفَنِيَ عُمْرُهُ , ولَمْ يتَزَوَّدْ لِمَعَادِهِ ، وَلَمْ يَتَأَهَّبْ لِلْمَوْتِ ، ولَمْ يَخْضَعْ لِلْمَوْتِ ، ولَمْ يَتَشَمَّرْ لِلْمَوْتِ ، وَلَمْ يَتَزَيَّنْ لِلْمَوْتِ ، وَتَزَيَّنَ لِلدُّنْيَا هِيهِ " ، وَقَعَدَ يُحَدِّثُ يَعْنِي نَفْسَهُ " وَاجْتَمَعُوا حَوْلَكَ يَكْتُبُونَ عَنْكَ بَخٍ , فَقَدْ تَفَرَّغْتَ لِلْحَدِيثِ " ، ثُمَّ قَالَ : " هَاهٍ وَتَنَفَّسَ طَوِيلا وَيْحَكَ أَنْتَ تُحْسِنُ تُحَدِّثُ ، أَوْ أَنْتَ أَهْلُ أَنْ يُحْمَلَ عَنْكَ ، اسْتَحِ يَا أَحْمَقُ بَيْنَ الْحُمْقَانِ ، لَوْلا قِلَّةُ حَيَائِكَ وَسَفَاهَةُ وَجْهِكَ مَا جَلَسْتَ تُحَدِّثُ وَأَنْتَ أَنْتَ ، أَمَا تَعْرِفُ نَفْسِكَ ؟ أَمَا تَذْكُرُ مَا كُنْتَ ؟ وَكَيْفَ كُنْتَ ؟ أَمَا لَوْ عَرَفُوكَ مَا جَلَسُوا إِلَيْكَ , وَلا كَتَبُوا عَنْكَ ، وَلا سَمِعُوا مِنْكَ شَيْئًا أَبَدًا " ، فَيَأْخُذُ فِي مِثْلِ هَذَا ، ثُمَّ يَقُولُ : " وَيْحَكَ أَمَا تَذْكُرُ الْمَوْتَ ؟ أَمَا لِلْمَوْتِ فِي قَلْبِكَ مَوْضِعٌ ؟ أَمَا تَدْرِي مَتَى تُؤْخَذُ فَيُرْمَى بِكَ فِي الآخِرَةِ فَتَصِيرُ فِي الْقَبْرِ وَضِيقِهِ وَوَحْشَتِهِ ؟ أَمَا رَأَيْتَ قَبْرًا قَطُّ ؟ أَمَا رَأَيْتَ حِينَ دَفَنُوهُ ؟ أَمَا رَأَيْتَ كَيْفَ سَلُّوهُ فِي حُفْرَتِهِ وَهَالُوا عَلَيْهِ التُّرَابَ وَالْحِجَارَةَ ؟ " ثُمَّ قَالَ : " مَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَتَكَلَّمَ بِفَمِكَ كُلِّهِ يَعْنِي نَفْسَهُ تَدْرِي مَنْ تَكَلَّمَ بِفَمِهِ كُلِّهِ ، عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ كَانَ يُطْعِمُهُمُ الطِّيبَ وَيَأْكُلُ الْغَلِيظَ ، وَيَكْسُوهُمُ الْلَيِّنَ وَيَلْبَسُ الْخَشِنَ ، وَكَانَ يُعْطِيهِمْ حُقُوقَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ ، أَعْطَى رَجُلا عَطَاءَهُ أَرْبَعَةَ آلافِ دِرْهَمٍ وَزَادَهُ أَلْفًا ، فَقِيلَ لَهُ : أَلا تَزِيدُ أَخَاكَ وَكَمَا زِدْتَ هَذَا ؟ قَالَ : إِنَّ أَبَا هَذَا ثَبَتَ يَوْمَ أُحُدٍ وَلَمْ يَثَبُتْ أَبُو هَذَا " .